الخميس 2022/05/19

آخر تحديث: 13:34 (بيروت)

سوريا:رفع أسعار المحروقات..ينذر بموجة تضخم جديدة

الخميس 2022/05/19
سوريا:رفع أسعار المحروقات..ينذر بموجة تضخم جديدة
increase حجم الخط decrease
يتخوف السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من موجة تضخم جديدة في الأسعار، بعد رفع حكومة دمشق سعر مادتي المازوت الصناعي والتجاري، والبنزين غير المدعوم، الأمر الذي يهدد بالقضاء على آخر ما تبقى من القطاع الصناعي.
وتزامناً مع أزمة نقص المحروقات التي تعيشها سوريا، أصدرت وزارة التجارة الداخلية بياناً، حددت فيه سعر مبيع ليتر البنزين غير المدعوم (الحر) أوكتان 90 ب3500 ليرة بدلاً من 2500 ليرة، والبنزين أوكتان 95 ب4000 ليرة بدلاً من 3000 ليرة، كما رفعت سعر المازوت الصناعي والتجاري من 1700 إلى 2500 ليرة.
وأرجعت الوزارة القرار إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالمياً، ومنعاً من استغلال السوق السوداء للفرق الكبير بين أسعار المشتقات النفطية على حد تعبيرها، في حين اعتبره صناعيون أنه مكملاً لمشروع رفع الدعم الكلي عن أسعار المحروقات.

أزمة عامة
لطالما شكلت أسعار المحروقات التي ترتفع بشكل دوري خلال العامين الماضيين، هاجساً بالنسبة إلى السوريين، بالنظر إلى انعكاسها السلبي والسريع على سلم أسعار السلع في السوق المحلية والقطاعات الخدمية الحكومية أو الخاصة.
ويشير مروان، وهو أحد سكان العاصمة دمشق، إلى أنهم باتوا يدفعون 70 ألف ليرة شهرياً ثمن الحصول على كهرباء، بسبب شح المحروقات الذي تعاني منه العاصمة منذ أسابيع، وتذرع أصحاب المولدات الأهلية بصعوبة توفير المازوت "الديزل".
ويقول ل"المدن"، إن زيادة أسعار المحروقات تحولت إلى "تبرير" لرفع سعر "الأمبير" الذي طالبنا بتدخل حكومي لتخفيضه، إضافة إلى ما يلحق القرار من ارتفاعات أخرى في أجور وسائل النقل العام المتوقفة أصلاً بسبب شح المحروقات، وتضاعف أسعار السلع والمواد الغذائية وغيرها.
أمر يتفق معه عبد الكريم، وهو تاجر تجزئة في دمشق، الذي يؤكد على أن رفع سعر أي من المشتقات النفطية تظهر آثاره بشكل فوري على أسعار السلع المحلية والمستوردة، خاصة وأنها تمثل أحد أسس التكلفة الأساسية في التصنيع.
ويقول: "تدرك الحكومة أن ارتفاع أسعار البنزين والمازوت يؤدي إلى زيادة التكاليف التي يتم تحصيلها عادةً من المستهلك، لكن المستهلك لم يعد جيبه قادراً على التحمل، وبالتالي فإن الأثر الأشد سيكون على السوق، من كساد يدمر الحركة التجارية إلى فقدان متكرر للسلع بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وأجور النقل، ما يجعل أصحاب المحال والمصانع مجبرين على الإغلاق أو تخفيض ساعات العمل للتقليل من المصاريف".
ويعتبر عبد الكريم أن المشكلة الأساسية التي تواجه قطاع المواد الغذائية يتمثل بنقل البضائع من موانئ في الساحل السوري إلى العاصمة دمشق وبقية المناطق، "بعد القرار فإن تضاعف تكلفة الشحن يعتبر طبيعياً، وهذا يجعلنا نتراجع عن الكثير من السلع".

خنق قطاع التصدير
ويتوقع تجار وصناعيون أن تعصف موجة غلاء  جديدة في الأسعار لن تتوقف آثارها على رفع كلفة البضائع أو حتى إنهاء ما تبقى من قوة شرائية في السوق المحلية، بل ستمتد لتقضي على ما أنجزه أصحاب المعامل خلال السنوات الثلاثة الماضية، من عمليات ترميم لقطاع التصدير وإعادة الثقة بالقدرة الإنتاجية للقطاع الصناعي.
ويوضح أحد أصحاب مصانع صناعة ألبسة الأطفال في مدينة حلب، أن قرار رفع أسعار المحروقات الأخير يحمل آثاراً كارثية على الصناعيين وتجار السوق، خاصة الصناعيين المرتبطين بعقود تصدير، بسبب زيادة تكلفة الإنتاج.
ويقول إن معظم المصانع العاملة في سوريا تعتمد بشكل رئيسي على عقود التصدير لضمان استمرارها، وهذه العقود توقع بشروط مفصلة تتضمن سعر القطعة، وهذا السعر يوضع على أساس تكلفة المواد الخام، مثل الأقمشة والخيوط والمحروقات، ما يعني أن أي زيادة في سعر مشغلات الطاقة يؤدي حتماً إلى خسائر كبيرة تأتي على الأرباح ورأس المال.
وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، رفعت وزارة الكهرباء تسعيرة الكيلوواط بنسب متفاوتة، ثم تبعها إجراء رفع أسعار المحروقات والصناعية منها على وجه الخصوص، ما أدى إلى شلل في الحركة التجارية، جراء الغلاء الكبير الذي ضرب السوق المحلية.

تخفيف الأعباء على حساب السكان
ويرى الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات خالد تركاوي أن زيادة سعر كلفة الطاقة "يأتي مكملاً لمشروع رفع الدعم الحكومي عن السلع المدعومة وعلى رأسها المشتقات النفطية".
ويقول: "عندما تقوم الحكومة برفع أسعار كلفة الطاقة التي باتت تمثلها حالياً مادتي المازوت والبنزين بشكل أساسي، تكون قد زادت من تسعيرة مستلزمات الإنتاج، وهذا الأمر يزيد من صعوبة إيصالها إلى المستهلك ويضاعف من تكلفتها".
ويؤكد تركاوي أن  حكومة دمشق لا تخفي سياساتها المتعلقة بتقليص الدعم لتقليل الأعباء المالية لموازنة الدولة، من خلال خروج مسؤوليها للحديث عن ارتفاع محتمل بالأسعار ومحاولات تخفيف الضغوط على الموازنة، بالمقابل، فإنها لا تواجه تحسن الأسعار عالمياً عندما يحدث ذلك بتخفيض الأسعار في السوق المحلية.
يرجع خبراء أزمة شح المحروقات المتكررة في مناطق سيطرة النظام السوري إلى عاملين رئيسيين، هما تراجع إمدادات النفط الروسي لسوريا بعد دخولها الحرب مع أوكرانيا، والآخر، يتمثل بامتناع إيران عن إرسال ناقلاتها النفطية إلى الموانئ السورية عبر الخط الائتماني الذي حاول رئيس النظام بشار الأسد تفعيله في زيارته الأخيرة إلى طهران، الأمر الذي دفع النظام إلى رفع أسعار المحروقات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها