الأحد 2022/05/01

آخر تحديث: 15:47 (بيروت)

المحور الايراني واسرائيل.. تصعيد تفاوضي

الأحد 2022/05/01
المحور الايراني واسرائيل.. تصعيد تفاوضي
increase حجم الخط decrease
ما كشفه أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله في خطاب "يوم القدس" – الجمعة الاخيرة من شهر رمضان، من معلومات خاصة بأن حرس الثورة الايراني سيرد مباشرة من الاراضي الايرانية على اي اعتداء اسرائيلي تتعرض له ايران، لم يأتِ من خارج السياق التصعيدي الذي بدأ من طهران وصولاً الى لبنان. فقد اقترن بتحذير مباشر وتصعيد واضح يرتبط بالجبهة اللبنانية مع اسرائيل، من خلال الحديث عن مناورات عسكرية تجريها تشكيلات الحزب بالقرب من الحدود، وهي على اتم الجاهزية للرد على اي اعتداء محتمل قد يحصل نتيجة تطور المناورات الواسعة والكبيرة التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي على الحدود. 

كلام الامين العام، جاء منسجماً مع كلام قائد قوة القدس في الحرس الجنرال اسماعيل قاآني من طهران، ولم يفصل بينهما سوى ساعات قليلة، وكشف فيه عن ارسال طائرتين مسيّرتين ايرانيتين الى الاجواء الاسرائيلية وعودتهما الى القاعدة التي انطلقتا منها. وكانت السبب في اعلان تل ابيب استنفاراً عسكرياً والدعوة الى اجراء مناورات سبق ان علقتها القيادة العسكرية العام الماضي نتيجة انشغالها بعملية "سيف القدس". 

التصعيد الذي كشف عنه قاآني، ترافق مع موقف أكثر تشدداً، وينسجم أكثر مع كلام امين عام حزب الله، جاء على لسان قائد الحرس الجنرال حسين سلامي، الذي اكد ان قواته جاهزة للرد القاسي والواسع والمدمر على اي اعتداء تقوم به اسرائيل ضد ايران في اي مكان، وهي النقطة التي توسع بها نصرالله بحديثه عن "وجودات" الحرس خارج الحدود الايرانية في مناطق نفوذه في عواصم "محور المقاومة". 

التأكيد على موقع ودور حرس الثورة في المعادلات الاقليمية، وبهذا الوضوح والمباشرة، خصوصاً تلك التي جاءت في سياق الخطبة العربية التي القاها المرشد الاعلى للنظام الايراني، تمحورت حول علاقة هذه المؤسسة وذراعها الاقليمي "قوة القدس" مع القضية الفلسطينية. 

فالحديث عن الدور الذي تقوم به من تدريب ودعم "وتهريب اسلحة" الى الداخل الفلسطيني، يصب في محاولة تثبيت قواعد اشتباك مباشرة جديدة بين طهران وتل ابيب، وايجاد "توازن رعب" مع العمليات الاسرائيلية في الداخل الايراني التي استهدفت رأس المشروع النووي الجنرال محسن فخري زاده وغيره من العلماء العاملين في هذا البرنامج، وايضا تفجير العديد من المنشآت النووية في نطنز وطهران وكرج، من خلال نقل المواجهة الى الداخل الاسرائيلي في اراضي 1948، والعمل على افشال جميع مشاريع التسوية التي يجري العمل عليها بين تل ابيب والمحيط العربي برعاية اميركية. 

العودة للغة التصعيد والتهديد، وإن كانت طهران لن تلجأ بعد الان الى سياسة "الرد في الزمان والمكان المناسبين"، كان المؤشر عليها الهجوم الصاروخي الذي اعلن الحرس المسؤولية عنه ضد احد الاماكن في مدينة اربيل العراقية مركز اقليم كردستان، باعتباره مقراً لانشطة جهاز الموساد الاسرائيلي.

الا ان البعد السياسي في هذه المواقف وهذه العمليات يبدو واضحاً، ويرتبط بالانسداد الذي وصلت اليه المفاوضات النووية في فيينا بين ايران والمجموعة الدولية، والخلاف المستحكم الذي يدور حول المطلب الايراني بإلغاء العقوبات عن حرس الثورة وقوة القدس، وتعنّت الادارة الاميركية في التعامل الايجابي مع هذا المطلب، خصوصاً وان المفاوضات الفنية حول البرنامج النووي وآليات رفع العقوبات الاخرى عن جميع المؤسسات الايرانية المالية والتجارية والنفطية والصناعية، بما فيها المرشد الاعلى ومكتبه، قد تم التفاهم عليها. 

وفي هذا السياق، تعتقد طهران ان العامل او الفاعل الرئيس الذي يعرقل عملية التفاوض حول هذه النقطة، لا يأتي فقط نتيجة موقف متشدد داخل الادارة الاميركية المنقسمة على نفسها، بين جناح يرى ضرورة استمرار العقوبات، وجناح يعتقد بان الخطوة من اساسها كانت "خطأ" واستمرارها يعرض القوات الاميركية للمخاطر، بل نتيجة الضغوط الاسرائيلية التي تمارسها على ادارة البيت الابيض لقطع الطريق على اي قرار من هذا النوع. 

فاسرائيل، من وجهة النظر الايرانية، ترى في الاتفاق النووي والغاء العقوبات الاقتصادية عن ايران، ورفع اسم الحرس وذراعه الخارجية عن لائحة المنظمات الارهابية، يعني تهديداً مباشراً لأمنها، بالاضافة الى ما يسهم به من تكريس الدور والنفوذ الايراني في الاقليم، ويعطي الحرس حرية الحركة والعمل وتهديد استقرارها. في حين تحوّل هذا المطلب بالنسبة للنظام الى مسألة اعتبارية، تمسّ الحيثية القومية والوطنية، وبالتالي لا يمكن التنازل عنها، حتى ولو ادى ذلك الى انهيار المفاوضات وتعليق العودة الى الاتفاق النووي الذي بات جاهزاً للتوقيع. 

في المقابل، فان الادارة الأميركية تبذل جهوداً واضحة لمنع انهيار المفاوضات مع طهران، بالتزامن مع اجراءات تصعيدية تجري داخل الكونغرس لتشديد العقوبات. ففي موازاة المباحثات التي يجريها المبعوث الاميركي الخاص للملف الايراني روبرت مالي مع حكومة كوريا الجنوبية حول الآليات المحتملة للتعامل مع الأرصدة الايرانية المجمدة في البنوك الكورية، وما يجري الحديث عنه من امكانية اطلاق عائدات بيع الغاز والكهرباء للحكومة العراقية، فان المشرّعين الاميركيين أقرّوا قانوناً جديداً يفرض عقوبات على قطاع صناعة الطائرات المسيّرة الايراني، واذا ما كان هذا القانون بحاجة الى اقرار في مجلس الشيوخ ومن ثم توقيع الرئيس عليه ليصبح نافذاً، الا انه يكشف حجم الدور الذي يلعبه اللوبي الاسرائيلي في عرقلة التفاهم بين طهران وواشنطن، خصوصاً بعدما كشفه "قاآني" عن المسيّرات الايرانية في الاجواء الاسرائيلية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها