السبت 2022/04/09

آخر تحديث: 15:03 (بيروت)

إدلب باتت أغلى من إسطنبول

السبت 2022/04/09
إدلب باتت أغلى من إسطنبول
© Getty
increase حجم الخط decrease
يدفع قاطنو مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة النظام، ثمن موجة التضخم والغلاء العالمي بشكل غير منطقي، حيث تشهد الأسواق ارتفاعاً جنونياً في الأسعار جعلهم عاجزين عن تحضير أبسط الموائد الرمضانية.
وبالرغم من تعامل سكان المنطقة بالليرة التركية، إلا أنهم يعانون من غلاء كبير مقارنة بأسعار السلع في السوق التركية التي تمثل المورد الرئيس لأسواق الشمال.
ويعيش سكان الداخل السوري أو اللاجئين في تركيا أوضاعاً معيشية صعبة، نتيجة التضخم وتأثر القطاعات الاقتصادية جراء الأزمة الأوكرانية، مع فقدان الليرة التركية جزءًا من قيمتها أمام الدولار، بينما تلعب القوة الشرائية ومعدل الرواتب عاملاً هاماً في التكيف مع موجة الغلاء.

ارتفاع فاحش
وبحسب الكثيرين ممن تواصلت معهم "المدن" في مناطق الشمال السوري، فإن أسعار المواد الغذائية والتموينية ارتفعت لمستويات لم يسبق أن سجلتها من قبل، حتى خلال أزمة انهيار الليرة التركية وجائحة كورونا، في ظل غياب دور الرقابة على الأسواق وضعف القوة الشرائية، إذ لا يتجاوز دخل معظم العائلات ال800 ليرة تركية (حوالي 55 دولاراً) شهرياً.
وبدا ملاحظاً عزوف السكان عن الشراء رغم معرفتهم المسبقة بتضاعف تكلفة المواد بمرور الوقت. ويؤكد مضر السيد، وهو مهجر من حمص إلى إدلب، أن الغلاء أنهك الناس تماماً، حتى المقتدرين ومن يعتمد على الحوالات الخارجية، حيث بات ثمن وجبة الطعام المتواضعة يكلف أجرة أسبوع من العمل.
ويقول: "مع بداية رمضان رفعت شركة وتد أسعار المحروقات والغاز المنزلي، إذ وصل سعر أسطوانة الغاز إلى 200 ليرة تقريباً، والعائلة تحتاج إلى قنينتي غاز على الأقل في رمضان، ما يعني دفع 400 ليرة ثمن هذه المادة فقط". أما المواد الغذائية فصارت "نار" وزاد كل صنف 10 ليرات على الأقل، فليتر زيت الطعام وصل إلى 42 ليرة تركية، والسكر أسعاره بين 14 و25 ليرة بحسب ما يوضح السيد.
ويضيف أن "متوسط تكلفة وجبة الإفطار المتواضعة من بطاطا وفول أخضر أو برغل وطبق سلطة، أصبح يزيد عن 150 ليرة تركية".
ووصل سعر كيلو البطاطا في المناطق المحررة، إلى ثماني ليرات تركية، بينما وصل سعر كيلو البندورة إلى 23 ليرة بعد أن كان 13 ليرة قبل يوم واحد من رمضان، والخيار ارتفع من 12 ليرة إلى 22 ليرة، في حين ارتفع سعر جرزة البقدونس من ليرتين إلى سبع ليرات، أما اللحم فزاد عن 100 ليرة، والدجاج 60 ليرة.
أما عبد الرحمن الذي يعيش في مدينة أعزاز على الحدود السورية-التركية، فيشير إلى أن "الأزمة عالمية فحتى أشقاؤه في تركيا يتحدثون عن الغلاء الفاحش، لكن، ومع ذلك فهم ما زالوا قادرين على جمع مبلغ بسيط وإرساله له كما جرت العادة كل شهر".
ويضيف "مع بداية رمضان أرسل إلي أخي الموجود في اسطنبول حوالي 2000 ليرة تركية، لكنها لم تكفِ لشراء الأساسيات من الطحين والرز والبرغل وتعبئة قنينة الغاز، لكن هذه قدرة أهلي على المساعدة والأسعار هنا بالنار".

أسعار إسطنبول
وعلى الجهة المقابلة، تواصلت "المدن" مع ياسر، وهو شقيق عبد الرحمن الأصغر، ويعمل في ورشة لصناعة الأحذية في منطقة "بيازيد" في إسطنبول، وأشار إلى أن إرسال المال إلى أخيه الذي رفض مغادرة سوريا أمر لا بد منه.
ويقول: "في إسطنبول ارتفاع كبير في الأسعار، فأنا أعيش مع والداي وزوجتي وابني، ونجد صعوبة في تأمين احتياجاتنا الشهرية، خاصة وأني المعيل الوحيد وراتبي 4350 ليرة شهرياً فقط، ولدينا إيجار منزل وفواتير ثابتة لا تقبل التأجيل".
ويضيف "لكن رغم المشقة إلا أننا لا نزال قادرين على مساعدة أخي في اعزاز، فمن يعيش هناك يحتاج إلى ضعف ما نصرفه في تركيا، حيث لاحظنا تضاعف الأسعار هناك حتى عنها لدينا في إسطنبول، التي تعتبر أغلى ولاية تركية من حيث الأسعار وتكاليف المعيشة".
وبحسب متابعة "المدن" لأسعار السلع في إسطنبول ومقارنتها مع مناطق الشمال السوري، تظهر الفروق واضحة وخاصة في ما يتعلق بالمواد المستوردة. فبينما يصل سعر ليتر زيت الطعام في إدلب إلى 43 ليرة، فإن سعره في سوق إسطنبول يبلغ 32 ليرة، أما اللحوم البيضاء فيزيد سعرها في الشمال السوري بمقدار 20 ليرة تركية عنها في إسطنبول.
وكان ناشطون محليون قد أطلقوا حملة "هيا معاً نحو مجتمع محاسب مراقب" لمقاطعة شراء المواد الغذائية في الشمال السوري لمدة أسبوع، اعتباراً من الثلاثاء، احتجاجاً على الغلاء وغياب الرقابة.

الأزمة عالمية
ويوضح وزير المالية في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري في حديث ل"المدن"، أن دور الوزارة يتمثل بتسهيل عملية توفير السلع ومنع الاحتكار، من خلال فتح باب المنافسة وعدم التدخل بالأسعار، مؤكداً وجود مكاتب رقابة تموينية ودوريات تعمل في الأسواق تابعة للمجالس المحلية في المنطقة، إلا أن دورها يقتصر على جعل الأسعار مناسبة دون التدخل في تحديدها.
ويقول: "موجة الغلاء عالمية بسبب ارتفاع أسعار النفط مع وجود موجة تضخم غذائي أيضاً جراء الأزمة الأوكرانية، ومن الطبيعي أن تظهر تداعياتها على سوق الشمال السوري الذي يعتمد بشكل شبه كامل على البضائع المستوردة"، مشيراً أيضا إلى "تأخر عملية الإنتاج الزراعي المحلي بسبب استمرار فصل الشتاء، وتأخر نزول المنتجات الزراعية إلى الأسواق، إضافة إلى طبيعة شهر رمضان حيث تزيد نسبة الطلب على المواد ما يؤدي إلى رفع الأسعار".
ويضيف أنه "رغم الارتفاع الموجود وزيادة نسبة التضخم التي بلغت 32 في المئة خلال الأشهر الأولى من العام 2022، إلا أنه في مقارنة الأسعار نجد أن هناك بعض السلع أرخص من الدول المجاورة وأخرى أغلى".
ويؤكد المصري أن "الوزارة تتجه إلى وضع دراسة للأسعار في ريف حلب منتصف شهر نيسان/أبريل، بعد عملية استقرار السوق، مع وجود خطة عمل لتأسيس جمعية تعاونية تهدف إلى توفير السلع الأساسية والتموينية بأسعار مخفضة عن السوق، لزيادة المنافسة ودفع التجار إلى خفض الأسعار".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها