الجمعة 2022/03/11

آخر تحديث: 12:13 (بيروت)

رفع العقوبات عن مناطق المعارضة..رئة اقتصادية لخنق النظام

الجمعة 2022/03/11
رفع العقوبات عن مناطق المعارضة..رئة اقتصادية لخنق النظام
© Getty
increase حجم الخط decrease
يرجح مراقبون اقتصاديون أن يسهم قرار الإدارة الأمريكية برفع العقوبات عن المناطق التي تقع خارج سيطرة النظام السوري في حل بعض المشكلات الاقتصادية ضمن هذه المناطق، والمساهمة بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للسكان المحليين.
وبينما يرى المراقبون بأن القرار سيكون محدود التأثير على المستوى المعيشي المتدني للسكان، ينظر آخرون إلى الجانب الإيجابي من القرار، والذي يتمثل في إضفاء الشرعية على العمليات التجارية التي يمكن أن تجريها قسد شرقي الفرات، مع مناطق المعارضة في الغرب، وذلك دون الحاجة للحصول على موافقة النظام السوري أو روسيا.
وبحسب موقع "المونيتور" الأميركي، من المنتظر أن تعلن إدارة الرئيس جو بايدن هذا الأسبوع، عن إعفاء مناطق شمال شرقي سوريا التي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية"، ومناطق شمال غربي سوريا التي تسيطر عليها المعارضة، من عقوبات "قانون قيصر" المفروضة على النظام السوري.
الإعفاءات من قانون قيصر التي سيتم إعلانها رسمياً من قبل المستشار في وزارة الخارجية إيثان غولدريتش، لن تشمل النفط والغاز، ولا مناطق شمال غربي سوريا، التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام"، المدرجة على قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية، أوعفرين التي يسيطر عليها "الجيش الوطني".

مقدمة لإعادة الإعمار
ومثّلت العقوبات المفروضة على النظام السوري أحد مصادر تخوف الشركات العالمية والإقليمية من التعامل التجاري أو الاستثمار في سوريا، وهو ما أثار مزيداً من التدهور الاقتصادي في مختلف المؤشرات داخلها خلال الأعوام الماضية.
أما في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام فيمكن أن يسهم القرار في حل بعض المشكلات الاقتصادية بحيث يكون تأكيداً للنهج الذي تبنته الولايات المتحدة مؤخراً حيال عملية إعادة الإعمار في سوريا، بحسب ما يوضح الباحث في مركز عمران للدراسات محمد العبد الله ل"المدن".
ويتمثل هذا النهج بالبدء بتنفيذ جهود إعادة الإعمار المستقلة عن النظام السوري، وتطوير قنوات تمويل شفافة "عبر الحدود" خارجة عن سيطرته. وبالتالي العمل مع شركاء سوريين مختارين ضمن المناطق التي تم رفع العقوبات عنها، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية المحلية والمجالس المحلية والوكالات المدعومة دولياً مثل صندوق إعادة إعمار سوريا، الذي يمكن للدول المهتمة أن تساهم فيه بشكل إيجابي في إعادة إعمار سوريا بعد النزاع دون إثراء أصدقاء النظام، أو إضفاء الشرعية على النظام السوري.
ويرجح العبد الله أيضاً، أن تكون هذه الخطوة تسهيلاً لعبور المساعدات الإنسانية لهذه المناطق عبر الحدود، وتوسيع التفويض الحالي المتعلق بأنشطة معينة لمنظمات غير حكومية في هذه المناطق، كالسماح لها بالمشاركة في أنشطة استثمارية معيّنة مرتبطة بالمساعدة لدعم بعض الأنشطة غير الهادفة للربح.
وقد تمثل هذه الخطوة أيضاً حافزاً لجذب الشركات إلى مناطق شمال شرق وغرب سوريا، ولا يستبعد العبد الله ولوج الشركات التركية للاستثمار في مناطق الإدارة الذاتية إذا ما تم منحها الضمانات اللازمة، وإلى زيادة تدفق الرساميل والشركات الخاصة إلى منطقتي درع الفرات ونبع السلام.
لكن مدى القدرة على جذب الشركات إلى الشمال السوري والاستثمار داخلها، يرتبط بشكل كبير بمدى قدرة الجهات الحاكمة ضمنها على تأمين المتطلبات اللازمة وعلى رأسها الحوكمة، لجذب هذه الشركات، وهو تحدٍ هام يفرض نفسه في ظل الهشاشة التي تعانيها هذه المناطق.

سلة من الحلول الاقتصادية
ويرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن الجانب الإيجابي من القرار يتمثل في إضفاء الشرعية على العمليات التجارية التي يمكن أن تجريها قسد مع مناطق المعارضة غربي الفرات.
ويضيف الكريم ل"المدن" أن القرار يعني السماح للقطاع الخاص بالدخول إلى هذه المناطق والاستثمار فيها وتنفيذ الاتفاقيات مع إدارات هذه المناطق. كما يمهد لحل مشكلة المعابر الإنسانية دون أخذ موافقة روسيا حيث يمكن الملاحظة أن شمال  سوريا بشرقه وغربه يتجه نحو الفصل التام عن النظام.
في المقابل، يمكن أن يؤدي تطبيق هذه الفكرة في نهاية المطاف إلى نشوب صراع كبير -بحسب الكريم- بين قسد والنظام، نظراً لأن تطبيق الفصل التام عن النظام يعني إنشاء بنية مصرفية ودخول شركات لوجستية ونشوء مؤسسات دولة كاملة في المناطق الخارجة عن سيطرته.
ويشير الكريم إلى احتمال استفادة أمراء الحرب من رفع العقوبات من قبيل أن يحفزهم ذلك على البدء بإقامة نشاطات تجارية ضمن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وهو ما يتطلب من إدارات هذه المناطق المعفية من العقوبات عدم إهمال تشديد حدودها مع النظام كي لا تقع في فخ خرق قانون قيصر.
من جانب آخر، يشكل القرار ضغطاً حقيقياً على النظام السوري الذي يفقد رئته الاقتصادية التي ستزيد من عزلته السياسية، ما يدفعه للقيام بعمل عسكري ضد المناطق الخارجة عن سيطرته.
وأخيراً، يمهد لدخول الاستثمارات الأجنبية إلى مناطق شرقي الفرات وبعض مدن غربي الفرات لتنفيذ استثمارات ضخمة ستنعكس إيجاباً على اقتصاد هذه المناطق، والأهم أنها يمكن أن تمهد لحصول تفاهمات بين شرقي وغربي الفرات برعاية من تركيا التي يمكن أن تحصل على جزء من النفط، كمقابل مادي، بحسب الباحث يونس الكريم.
لكن مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات كرم شعار يقلّل من الأثر الإيجابي لرفع العقوبات على الوضع المعيشي للمقيمين في المناطق  الخارجة عن سيطرة النظام، وذلك لأن "النفط وهو مصدر الدخل الأول للإدارة الذاتية مستثنى منها، كما تم استثناء عفرين ومناطق هيئة تحرير الشام وهي تضم ما يقارب نصف سكان مناطق المعارضة".
وبناء عليه، يشير شعار في حديث ل"المدن"، إلى أنه يستبعد أن يدفع رفع العقوبات، المستثمرين في القطاع الخاص إلى زيادة نشاطهم بشكل واضح، بسبب استمرار تدهور أساسيات الاستثمار الأخرى مثل عدم وضوح قواعد الحوكمة وتضاربها في كثير من الأحيان، غياب حكم القانون، وعدم اتضاح الآفاق الاقتصادية والسياسية للبلاد ككل.

رسالة سياسية لأنقرة
إضافة للنفط، استثنى قرار الإدارة الأميركية هيئة تحرير الشام، ومنطقة عفرين شمالي غرب سوريا من رفع العقوبات. ويفسر الباحث محمد العبد الله هذا الأمر، بارتباطه بتصنيف هيئة تحرير الشام على لائحة الإرهاب، وعدم قبولها دولياً كجهة حاكمة حتى الآن.
أما الصحافي المختص بالشأن التركي محمد نور فرهود فيوضح ل"المدن" أنه "لا جديد في الموقف الأميركي تجاه أمرين الأول: موقفه الرافض للعملية العسكرية في عفرين من أساسها، الثاني: موقفه من هيئة تحرير الشام".
لكن من زاوية أخرى، "تحتّم المصالح الاستراتيجية على الولايات المتحدة الابتعاد عن توتير العلاقات مع حليف مهم ولاعب إقليمي مؤثر مثل تركيا، لا سيما في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها