الأربعاء 2022/02/16

آخر تحديث: 10:57 (بيروت)

المؤامرة الأميركية المزعومة تتحقق..في السويداء ودمشق وحمص

الأربعاء 2022/02/16
المؤامرة الأميركية المزعومة تتحقق..في السويداء ودمشق وحمص
increase حجم الخط decrease
بعد ساعات فقط على تحذير روسيا من هجمات وأعمال مزعزعة للاستقرار في مناطق سيطرة النظام السوري، أسفر تفجيران استهدفا حافلتي مبيت لقوات النظام في دمشق وحمص، عن مقتل وإصابة عدد من جنود وضباط قوات النظام.

وربط الكثيرون بين هذا الحادث والتصريحات الروسية التي كررت الحديث عن وجود مخطط أميركي لتحريك خلايا مسلحة نائمة من المتطرفين، لاستهداف قواتها وقوات النظام، وكذلك العسكريين الإيرانيين في سوريا، بالتزامن مع احتجاجات شعبية تشهدها بعض المناطق، دوافعها اقتصادية ويرفع المشاركون فيها شعارات سياسية مناوئة للنظام وحلفائه.

هذه التحذيرات جاءت في وقت تشهد فيه سوريا احتقاناً شعبياً كبيراً بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، واتخاذ الحكومة إجراءات تقشفية جديدة دفعت بمئات آلاف الأسر خارج منظومة الدعم، ما أدى إلى مظاهرات في السويداء جنوب البلاد، وتعالي الأصوات الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي.

احتجاجات تلقتها أيضاً الاستخبارات الروسية ببيان قالت فيه إن "واشنطن تعتزم إطلاق حملة إعلامية واسعة لإلهام المزاج الاحتجاجي في المجتمع السوري، ولزعزعة استقرار الوضع". وأضافت في بيان، أنه "من المخطط استغلال الأوضاع، الاجتماعية الاقتصادية الصعبة لتنظيم مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة ما يدفع أجهزة إنفاذ القانون إلى استخدام غير متكافئ للقوة بحق هؤلاء الذين سيتم في ما بعد تسميتهم بالمحتجين السلميين".

الموقف هذا أثار غضباً واسعاً في صفوف المعارضة بشكل عام، وبين منظمي الحراك في السويداء، خاصة وأنه تزامن مع اتهام النظام للمحتجين بالارتباط بإسرائيل وخدمة أجندات خارجية.

ويرى الكاتب المتخصص بالشؤون الروسية طه عبد الواحد أن هذه الادعاءات الروسية هي خطوة دفاع استباقية عن النظام الدكتاتوري، تعبر عن عقلية الحكم في موسكو التي ترى في أي حراك شعبي معارض تهديداً غير مرحب به.

ويقول ل"المدن" تعليقاً على الموقف الروسي: "من الواضح أن موسكو باتت تعتبر وبشكل حاسم أن سوريا إحدى ساحات المواجهة مع الغرب، وأن أي تهديد للنظام الذي عملت كل ما بوسعها لإنقاذه وإعادة الاستقرار له هو استهداف لها حتى وإن كان من خلال احتجاجات الغاضبين بسبب تدهور الأوضاع المعيشية". ويضيف أن التقارير الروسية تمهد إلى تبرير أي عنف قد يستخدمه النظام لقمع الاحتجاجات التي يتوقع أن تتسع رقعتها مع انعدام أي أمل بتحسن الظروف قريباً.

معلومات أم ادعاءات؟
لكن اللافت أن موسكو ذهبت في تحذيراتها مما يمكن أن تتطور إليه الأمور في سوريا إلى أبعد من مجرد التحفظ على الاحتجاجات، مع حديث مسؤوليها عن نوايا أميركية لتحريك مسلحين في عدة مناطق بينها العاصمة دمشق، من أجل استهداف قواتها في سوريا، بالتزامن مع التصعيد بينها وبين الغرب بسبب أزمة أوكرانيا.

ويتطابق تصريح المسؤول الروسي الأخير مع ما سبق أن تضمنه البيان الصادر عن استخبارات بلاده قبل أسبوع، والذي أكد أنه "من أجل تحقيق أهدافهم في سوريا، سيقوم الأميركيون باستخدام اتصالاتهم الوثيقة مع ما يسمى بالمعارضة المسلحة، أو عملياً مع الجماعات المتطرفة الإسلامية".

ويرى وائل علوان المحلل في مركز جسور للدراسات أن الروس يشيرون في ذلك إلى فرار العشرات من عناصر تنظيم "داعش" من سجن غويران الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية في الحسكة، ويعتقدون بالفعل أنه أُطلق سراحهم في مؤامرة من أجل مهاجمة قوات النظام والعسكريين الروس والإيرانيين.

وبينما يعتبر علوان الاتهامات الموجهة للمحتجين في السويداء وغيرها بأنها "بلا قيمة" و"تعبر عن عقلية استعلائية"، فإنه يؤكد في حديثه ل"المدن"، أنه "لدى الروس معلومات بالتأكيد عن وصول قسم كبير من عناصر داعش، سواء الفارين من السجون أو المفرج عنهم بواسطات أو طرق أخرى إلى مناطق سيطرة النظام في البادية ودير الزور، الأمر الذي تعتبره موسكو جزءاً من مؤامرة أميركية تستهدفها بالدرجة الأولى".

أما في ما يتعلق بالمناطق الأخرى مثل دمشق واللاذقية وحمص وغيرها من مدن الداخل، فيرى علوان أن النصف الثاني من العام 2021 شهد تنفيذ مجموعات سلفية من بقايا تنظيم القاعدة بعض العمليات في هذه المناطق بالفعل، ضمن ما تسميه هذه الجماعات ب"العمل خلف خطوط العدو"، لكنه يعتبر أن الربط الروسي بينها وبين الولايات المتحدة جزء من "فوبيا المستنقع" الذي تعتقد باستمرار أن الغرب يعمل عليه ضد قواتها في كل مكان.

ويعتبر التوقيت ذو دلالات مهمة في هذا الموقف الروسي المتوتر تجاه التطورات التي تشهدها سوريا، بالنظر إلى المستوى غير المسبوق من التصعيد الذي تشهدها العلاقة بينها وبين الغرب، الأمر الذي جعل الكثيرين يتخوفون من رد عنيف ودموي قد تسمح باستخدامه ضد أي احتجاجات شعبية تشهدها مناطق سيطرة النظام.

لكن علوان ورغم عدم استبعاده اللجوء لهذا الخيار على اعتبار أن النظام لطالما استند على سردية المؤامرة الخارجية والعمالة في سلوكه مع الثورة الشعبية منذ اندلاعها عام 2011، وهي الذهنية التي تتفق وطريقة تفكير الروس، إلا أنه يشدد على أن كل ما تريده موسكو أن تشعر بالطمأنينة في سوريا وأن مشروعها هنا غير مستهدف.

توتر روسي واضح حيال التطورات التي تشهدها سوريا مؤخراً، وعلى الرغم من أن هذه الحوادث الأمنية والمظاهرات الاحتجاجية لم تنقطع عملياً طيلة السنوات الماضية عن مناطق سيطرة النظام، إلا أن التصعيد الكبير حالياً بين روسيا والغرب، بسبب الأزمة الأوكرانية، يلقي بظلاله على مناطق الاشتباك الأخرى، وخاصة سوريا، التي يرى المراقبون أن موسكو شديدة التوجس من أي فخ قد يكون أعد لها فيها، حتى بعد مرور سبع سنوات على تدخلها العسكري المباشر إلى جانب قوات النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها