السبت 2022/12/31

آخر تحديث: 11:41 (بيروت)

الحل السوري يبدأ من الجنوب:منطقة آمنة أم اقليم إداري؟

السبت 2022/12/31
الحل السوري يبدأ من الجنوب:منطقة آمنة أم اقليم إداري؟
increase حجم الخط decrease
يبدو أن مشروع الأقاليم الإدارية قد تمكن من فرض نفسه كخيار للحل في سوريا، على أن تكون بداية التنفيذ من خلال العودة إلى الجنوب، المنطقة التي لطالما كانت مسرحاً لصراع مصالح اقليمية ودولية لا تقل في أهميتها عن الشمال.

معلومات ووقائع تقاطعت خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، تؤكد ما تحدثت عنه مصادر من المعارضة السورية لـ"المدن" حول التوافق بين دول عديدة على انشاء اقليم إداري في الجنوب، بموافقة ومشاركة من حكومة النظام السوري.

وتقول المصادر إن "العودة إلى هذا المشروع الذي سبق وأن طُرح أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، تمت قبل سبعة أشهر، عندما زار العاهل الاردني الولايات المتحدة في أيار/مايو الماضي، قبل أن تنطلق أولى مراحل التنفيذ في تشرين الثاني/نوفمبر 2022". 

وحسب المعلومات، فإن الملك عبدالله بن الحسين قدم للإدارة الأميركية فكرة المشروع، وأنه نجح بإقناع البيت الأبيض بها كحل لتخفيف قبضة إيران على سوريا، مقابل اشراك النظام في المشروع.

وتقول المصادر: "إن واشنطن تعهدت بدعم الفكرة في حال توفر الغطاء السياسي المطلوب من جانب روسيا والنظام السوري، وكذلك الغطاء المالي الذي قال ملك الأردن إن عدداً من دول الخليج قد تعهدت به".

منطقة آمنة أم اقليم إداري؟
وتتقاطع هذه المعلومات مع تقارير سبق وأن نشرتها وسائل إعلام أردنية في حزيران/ يونيو الماضي، تحت عنوان "منطقة آمنة في جنوب سوريا"، وأفادت حينها بوجود خطط "لإنشاء منطقة آمنة على الحدود السورية-الأردنية، بعمق يزيد عن 35 كيلومتراً، لمواجهة التغلغل الإيراني وتعويض الفراغ نتيجة الانشغال الروسي في أوكرانيا". 

المصادر الأردنية قالت آنذاك إن "اجتماعاً جرى في الأردن بين ممثلين عن دول عربية وقياديين في المعارضة السورية"، وقالت إنه "تقرر في الاجتماع إنشاء المنطقة الآمنة بموافقة الإمارات والسعودية والأردن ومصر، وبمباركة أميركية، لوضع حد للنفوذ الإيراني في الجنوب السوري". 

لكن مصادر "المدن" تكشف عن عقد لقائين آخرين في أيلول/سبتمبر الماضي، الأول في دبي في الإمارات، والثاني في جدة في المملكة العربية السعودية، وحضرهما ممثلون عن محافظة درعا من المعارضة السياسية، بالإضافة إلى قادة سابقين في الجيش الحر، بينهم عدد من الموجودين حالياً في مناطق التسويات الخاضعة لسيطرة غير مباشرة من النظام في درعا.

وقالت المصادر إن مندوبي الدول أبلغوا ممثلي المعارضة العسكرية أن المشروع يقوم على إجبار الميليشيات الإيرانية، وكذلك الميليشيات السورية المرتبطة بها، على مغادرة الجنوب الى مسافة 55 كيلو متراً (حتى بلدة كناكر بريف دمشق)، ولكن بعد أن يتم تنظيف المنطقة من جميع المسلحين غير المنضبطين بمن فيهم خلايا تنظيم "داعش"، وجمع السلاح الموجود بحوزة المدنيين، مقابل إعادة إعمار المنطقة وتسليم الإدارة فيها لسكانها المحليين تحت سلطة حكومة دمشق.

وبينما وافق الجميع على الفكرة، وانتقلوا بعد ذلك إلى مدينة جدة، رفض أحد العسكريين السابقين، وهو كنان عيد، الانخراط في المشروع، مشترطاً إخراج الميليشيات الإيرانية قبل ذلك من حوران، وقرر العودة مباشرة إلى درعا، ليقتل بعد يومين من وصوله على يد مسلحين اقتحموا منزله وأطلقوا عليه الرصاص.

وبينما وجه سوريون تهماً للقائمين على هذا المشروع بتصفية عيد، يرجح آخرون أن إيران هي من اغتالته، خصوصاً وأن رفضه لم يكن نهائياً حسب ما نُقِلَ عن مقربين منه، مدللين على ذلك بتبنى "داعش" للعملية، حيث يربط هؤلاء بين تحرك التنظيم الذي تزايد مؤخراً في منطقة حوران، وبين تسهيل الحرس الثوري انتقال مقاتلين وقادة من التنظيم إلى هناك لإفشال المشروع، بمن فيهم زعيم "داعش" الذي قتل في مدينة جاسم على يد المسلحين المحليين.

ويكشف هؤلاء عن تدفق العشرات من مقاتلي التنظيم عن طريق البادية، قادمين من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" شمال شرق سوريا، وكذلك من منطقة إدلب، بتسهيل من الميليشيات الإيرانية، وأن تواجدهم الكثيف وظهورهم العلني خلال الأشهر الثلاثة الماضية كان لافتاً للجميع.

ثلاث محافظات
ويؤكد الناشط المعارض نور أبو الحسن، وهو من محافظة القنيطرة (جنوب سوريا) أن المشروع يشمل إلى جانب درعا، محافظتي السويداء والقنيطرة أيضاً، وأنه يحظى بموافقة النظام وروسيا بالفعل.

كما أكد أبو الحسن المعلومات التي تحدثت عن سفر ممثلين عن هذه القوى إلى الاردن والإمارات، كاشفاً في الوقت نفسه عن أن النظام يحضّر من جانبه قائد الفيلق الأولى في جيشه، اللواء مفيد حسن، الذي ظهر للمرة الأولى على الإعلام برفقة ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام وقائد الفرقة الرابعة، خلال مناورت للجيش قرب بلدة حران العواميد بريف دمشق، في تشرين الأول/أوكتوبر ٢٠٢٢.

ويضيف في حديث مع "المدن": "اللواء حسن هو صنيعة روسيا، وسبق أن حضر اجتماعاً مع بعض الشخصيات المعارضة في العاصمة الفرنسية باريس وفي الأردن من أجل بحث هذا المشروع، وذلك بعد أسابيع قليلة من تصريح وزير الخارجية الأردني عن مبادرة عربية تدعمها السعودية وفرنسا للحل في سوريا، والذي أدلى به على هامش لقاءات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي".

وعن الجهة التي تمثل السويداء في هذا المشروع، أكد أبو الحسن أن "حزب اللواء" هو الطرف المرشح للقيام بهذا الدور، وقد تم اللقاء بممثلين عنه، لكنه يقول انه ليس لديه معلومات إضافية حول ذلك.

"المدن" من جانبها تواصلت مع قياديين في الحزب الذي سبق وأن خاض مواجهات دامية قبل عدة أشهر مع الأمن العسكري المدعوم من إيران في ريف السويداء، لكنهم فضلوا عدم الحديث عن الموضوع في الوقت الحالي، وإن لم ينفوا المعلومات التي حصلت عليها "المدن" بهذا الخصوص.

ويرى العديد من المعارضين السوريين والمحللين الذين تواصلت معهم "المدن"، أن المؤشرات التي ظهرت أخيراً تمثل قرائن مهمة على صحة المشروع، بما في ذلك التصعيد العنيف في حوران بين القوى المحلية وخلايا "داعش"، بالإضافة إلى إيقاف الكويت تمويل 64 مشروعاً اسكانياً خيرياً في مناطق المعارضة في الشمال، وكذلك رفع علم سوريا الرسمي في حي السفارات بالعاصمة السعودية، خلال زيارة الرئيس الصيني لها، لكن بعضهم شدد على أن النظام لن يستطيع الاستمرار في المشروع حتى النهاية، بسبب تعارضه مع المصالح الإيرانية، حتى وإن كان مدعوماً من روسيا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها