الأربعاء 2022/10/26

آخر تحديث: 11:30 (بيروت)

2023 السنة الأصعب اقتصادياً على السوريين في مناطق النظام

الأربعاء 2022/10/26
2023 السنة الأصعب اقتصادياً على السوريين في مناطق النظام
increase حجم الخط decrease
رجحت أوساط اقتصادية أن يكون العام 2023 هو الأصعب اقتصادياً على السوريين في مناطق سيطرة النظام السوري، مستندةً بتوقعاتها على أرقام مشروع الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة التي وافق عليها "المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي".

وكان المجلس التابع للنظام قد وافق على الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بمبلغ 16 تريليوناً و550 مليار ليرة سورية، بزيادة قدرها 24.2 في المئة مقارنة بموازنة العام 2022.

وتعادل قيمة الموازنة الجديدة 5 مليارات و881 مليون دولار، وفق سعر صرف دولار الحوالات المحدد عند 2814، أما بحساب سعر الدولار في السوق السوداء (5250 ليرة سورية)، فتبلغ 3 مليارات و152 مليون دولار، في حين أن قيمة موازنة 2022 كانت عند حدود 3 مليارات و90 مليون دولار بحساب سعر صرف الدولار في السوق السوداء عند اعتماد مشروع الموازنة آنذاك (3470 ليرة).

لكن مصادر "المدن" أكدت أن حساب مشروع الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة قد تم وفق تسعيرة 3000 ليرة سورية للدولار، حيث تعادل اعتمادات الموازنة 5 مليارات و516 مليون دولار.

وبالعموم، تبدو قيمة الاعتمادات الأولية متقاربة إلى حد ما مع قيمة الموازنة السابقة، ما يعني أن الأعباء الاقتصادية ستزيد على السوريين نظراً لأن الاعتمادات الجديدة لم تأخذ بالحسبان ارتفاع معدل التضخم على المستويين المحلي والدولي، فضلاً عن التداعيات المحتملة لسياسة ترحيل العجز بنسبة مرتفعة ومتراكمة تُقدر عند حدود 5 تريليون ليرة سورية.

تغطية العجز
وفي العام 2022 حاول النظام تغطية العجز عبر طرح سندات خزينة للاكتتاب، وبعض الموارد الخارجية (دعم خارجي)، إلى جانب الاعتماد على احتياطي المصرف المركزي.

ويقول وزير الاقتصاد والمالية في "الحكومة السورية المؤقتة" الدكتور عبد الحكيم المصري، إن الدول تُغطي العجز من خلال أذونات الخزينة، وهي أوراق مالية قصيرة الأجل مدتها تتراوح بين 3 أشهر إلى سنة، غير أن النظام قام في العام 2022 بتغطية نسبة من العجز بطرح سندات الخزينة، والأخيرة تختلف عن الأذونات بأنها طويلة الأجل، أي تتراوح مدتها بين 5 إلى 15 سنة، وهنا تكمن الخطورة.

ويوضح ل"المدن" أن الخطورة هنا، أن النظام يأخذ قروضاً طويلة الأجل لتغطية نفقات قصيرة الأجل، وهذا يتعارض أو يضرب مفهوم "التنمية المستدامة"، ويقول: "بعبارة أخرى النظام هنا يسطو على مقدرات الأجيال السورية القادمة، ويحمّل الأجيال عبء عجز الموازنات الحالية، أو أعباء استمراره بسياساته وعدم قبوله بالحل السياسي".

طباعة العملة
وبذلك، يرجح المصري أن يواصل النظام طرح سندات الخزينة في العام 2023، إلى جانب طباعة كتل نقدية جديدة، أو ما يسمى "التمويل بالعجز"، رغم أن ذلك سيؤدي إلى استفحال التضخم وانخفاض سعر صرف الليرة السورية أكثر فأكثر.

ويمهّد النظام الطريق أمام إصدار فئات نقدية كبيرة، من خلال زيادة الصلاحيات الممنوحة لمصرف سوريا المركزي لطبع عملات جديدة من فئات تصل قيمتها إلى حدود 50 ألف ليرة سورية، في حين أن التفويض القديم يجيز طباعة العملات حتى سقف 5000 ليرة سورية.

ويرى الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور أحمد ناصيف، أن النظام وإن كان مضطراً لطباعة العملة لتغطية الإنفاق الحكومي (رواتب وأجور ومصاريف تشغيلية)، فإنه يدرك أن هذا الإجراء يتعارض مع التوجه نحو المشاريع الاستثمارية، لأن كلفة أي مشروع يريد النظام تمويله ستكون أكبر نظراً لارتفاع الأسعار بفعل طباعة العملة.

ويضيف ل"المدن" أن النظام قد يلجأ في هذه الحالة إلى طرق تمويل أخرى، مثل زيادة الضرائب على التجار، مضيفاً: "علماً أن اعتمادات الموازنة للمشاريع الاستثمارية التي يعلن النظام عن تخصيصها قد لا تبصر النور دائماً، ويكفي لذلك القول إن الدعم المخصص لم يُصرف".

ويقول ناصيف إن النظام خصص مبلغ 3 آلاف مليار ليرة للإنفاق الاستثماري في مشروع الموازنة الجديدة، ورغم تواضع هذا الرقم قياساً على الدولار، إلا أن هذا الرقم لن يُصرف، وأساساً لا وجود لموازنة عامة حقيقية في سوريا، وإنما يعتمد النظام على المتوفر من المداخيل المالية والاستدانة.

سنة عصيبة
وطبقاً للأرقام التي تضمّنها مشروع الموازنة، تم اعتماد كتلة الرواتب والأجور والتعويضات بنحو 2114 مليار ليرة بزيادة 33 في المئة عن موازنة العام 2022، وبهذا المعنى، لا تسمح الموازنة للنظام إلا بزيادة الثلث تقريباً على مقدار الرواتب الحكومية (150 ألف ليرة متوسط الأجور).

وعن ذلك، يقول الوزير عبد الحكيم المصري، أن التضخم ابتلع هذه الزيادة قبل أن يقرّها النظام، موضحاً: "هذه الزيادة لا تُغطي ثلث نسبة التضخم، الذي يسود الأسواق".

ومع أن قيمة مشروع الموازنة الجديدة هي الأضخم في سوريا بالليرة السورية، إلا أن كل المؤشرات تقول إن سنة عصيبة قادمة على السوريين، ويكفي هنا التذكير بأن قيمة الموازنة في العام 2010 على سبيل المثال كانت تعادل حوالي 16 مليار دولار، في حين أن قيمة الموازنة الجديدة الحقيقية لا تتجاوز 3.5 مليار دولار.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها