الثلاثاء 2022/01/04

آخر تحديث: 12:42 (بيروت)

روسيا تخنق إدلب..قصف محطة مياه الشرب والمرافق الحيوية

الثلاثاء 2022/01/04
روسيا تخنق إدلب..قصف محطة مياه الشرب والمرافق الحيوية
القصف الروسي يستهدف المداجن والبنية التحتية (Getty)
increase حجم الخط decrease
تشهد إدلب ومحيطها شمال غربي سوريا منذ بداية 2022، قصفاً جوياً وبرياً متصاعداً من قبل روسيا وقوات النظام والمليشيات الموالية لها، وهو ما دفع فصائل المعارضة السورية للاستنفار ورفع جاهزية تشكيلاتها المنتشرة على طول خط التماس للرد على النيران، واستعداداً للتعامل مع أي تحركات عسكرية برية قد تتبع التصعيد الناري المفاجئ.

تصاعد القصف
توسع قصف قوات النظام وروسيا بشكل غير مسبوق، واستهدف أكثر من 50 موقعاً في مناطق إدلب ومحيطها في أرياف حماة وحلب واللاذقية خلال الساعات ال72 الماضية، ووصل عدد غارات الطيران الحربي الاثنين إلى 15 غارة جوية، وزاد عدد الضربات الصاروخية والمدفعية عن 200.

القصف توسع أفقياً أيضاَ، وطاول مواقع في محيط مدينة إدلب وفي ريفها الغربي في كفر تخاريم وأرمناز، وفي الريف الشرقي في سرمين والقرى القريبة من خطوط التماس، وامتد إلى أرياف حلب الشمالية الغربية في دارة عزة ونحو مرتفعات كبانة في ريف اللاذقية الشمالي، ونفذت مرابض المدفعية والصواريخ التابعة لقوات النظام حملة قصف بري مكثفة على مناطق سهل الغاب والمناطق المتاخمة لخط التماس.

التوزع الكثيف للقصف ووصوله إلى عمق إدلب والمنطقة القريبة من الحدود التركية والزيادة الملحوظة للطلعات الجوية التي ينفذها طيران الاستطلاع الروسي، عوامل أشاعت المخاوف من بداية لتصعيد عسكري واسع قد يمتد في مرحلة لاحقة إلى عملية برية على المنطقة.

رد محدود
بدأت فصائل المعارضة في اليوم الثاني للتصعيد بالرد على القصف مستهدفة المواقع المتقدمة لقوات النظام وخطوطها الدفاعية في منطقة معرة النعمان في جبهات شرقي إدلب. وفي جبهات جنوبي إدلب وسهل الغاب كان قصف الفصائل في الجبهة الوطنية وهيئة تحرير الشام أكثر كثافة ووصلت نيران مدفعيتها إلى أطراف بلدة جورين التي تضم كبرى المعسكرات التابعة لقوات النظام والمليشيات.

ودفعت الفصائل وتحرير الشام بتعزيزات إضافية نحو الجبهات الجنوبية والشرقية، كما شاركت مدفعية الجيش التركي المتمركزة على أطراف الطريق إم-4 جنوبي إدلب بعمليات القصف، وتركزت ضربات الفصائل والمدفعية التركية على مواقع قوات النظام في منطقة المشاريع وجورين والبحصة والبركة في سهل الغاب، وتلال البلوط وتلة أبو أسعد وتلة الرويسة وحاجز الخيم بريف اللاذقية الشمالي.

وقال الضابط المنشق العقيد مصطفى بكور ل"المدن"، إن "الفصائل ترد بحسب امكاناتها المتواضعة، فخط الجبهات طويل والعدو لديه ترسانة متنوعة من الأسلحة وأجهزة الرصد الروسية المتطورة، ومهما كان الرد قوياً فلن يكون رادعاً، لان رد الفصائل يستهدف عادة مجموعات مشاة تتمركز في الخط الدفاعي الأول، وهي ليست ذات قيمة بالنسبة لروسيا مهما بلغت خسائرها".

قصف المرافق والمنشآت
تزامنت زيادة حدة التصعيد لقوات النظام وروسيا على إدلب مع إعلان حكومة الإنقاذ التابعة لتحرير الشام عن التشكيلة الوزارية الجديدة في 3 كانون الثاني/يناير، والتي أطلق رئيسها علي كدة الكثير من الوعود حول التنمية الاقتصادية بمختلف قطاعاتها الإنتاجية، وخلق المزيد من فرص العمل، ودعم عوامل الاستقرار، والتوسع في قطاع الخدمات والمرافق العامة، وهي وعود سبق أن ألمح إليها زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني خلال كلمته أمام مجلس الشورى العام أواخر العام 2021.

ويبدو أن التصعيد الروسي الأخير يستهدف في جانب كبير منه ضرب البنية التحتية والمرافق الحيوية التي تعول الإنقاذ على تطويرها، والتي لطالما تفاخرت بدعمها خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث ركزت الغارات الجوية مؤخراً على استهداف مراكز تربية الدواجن في منطقة دارة عزة شمال غربي حلب وفي كفر تخاريم بريف إدلب الغربي، كما قصفت الطائرات عدداً آخر من المداجن في محيط مدينة إدلب وريفها القريب، كما طاول القصف المحطة الرئيسية لضخ مياه الشرب إلى مدينة إدلب.

القصف الروسي المستجد تسبب بشلل جزئي في بعض المرافق العامة وقطاع الثروة الحيوانية، وتداولت شبكات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي، تعميماً ينصح العاملين في قطاع الثروة الحيوانية في إدلب بإخلاء منشآتهم كلياً، أو على الأقل إبعاد البشر عنها عندما تكون الطائرات الحربية في السماء لأنها الهدف البارز للطائرات خلال هذه الفترة، بحسب التعميم المتداول.

أهداف التصعيد
القصف الروسي إذا ما تصاعد وطاول عدداً أكبر من المنشآت الانتاجية والمرافق الخدمية خلال الفترة القادمة سيكون له آثاراً كارثية على إدلب، وسيحرج تحرير الشام والمؤسسات المدنية التابعة لها، ويهدف أيضاَ للضغط على تركيا التي دعمت تطوير الخدمات الأساسية في إدلب خلال العام الماضي وتتطلع إلى تقديم المزيد من الدعم في هذا الاتجاه.

ولا تقتصر دواعي التصعيد الروسي عند هذا الحد، وترى المعارضة أن القصف مقدمة لتصعيد أكبر ويسبق انتهاء التفويض الأممي الخاص بدخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، فروسيا لا تريد التجديد للتفويض.

ويرى الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر أن استهداف المرافق الحيوية يندرج ضمن خانة الأهداف الاستراتيجية لروسيا، فالتعافي الاقتصادي في الشمال السوري يعني ورقة تفاوضية قوية بيد المعارضة ومن ورائها تركيا، لا سيما أن روسيا والنظام يسوقان بأن المعارضة بمؤسساتها غير قادرة على إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ويضيف السيد عمر ل"المدن"، أن "استهداف المرافق الحيوية يضعف اقتصاد المنطقة ويعرقل أي جهود للتعافي الاقتصادي وهو ما يعني مستقبلاً الضغط السياسي على المعارضة من بوابة فشلها في تحقيق أي تنمية، وفي الوقت عينه لا ترغب روسيا بأن يشهد الشمال السوري أي تحسن اقتصادي لا سيما أن مناطق سيطرة النظام تشهد تراجعاً حاداً في المؤشرات الاقتصادية، فلهذه القضية أبعاد سياسية واستراتيجية بعيدة الأمد".

من جهته، يقول الباحث في مركز الحوار السوري محمد سالم ل"المدن"، إن "التصعيد الأخير تأكيد لنهج روسي ثابت لمنع الاستقرار في الشمال السوري حتى من دون سياق وأسباب، بهدف الضغط على تركيا والمعارضة السورية".

ويضيف سالم أن "التصعيد يأتي بعد محادثات أستانة الأخيرة، ولا يُستبعد بالتالي أن يكون كعقاب للمعارضة التي أبدت رفضها للأجندة الروسية"، موضحاً أن "استهداف المرافق الحيوية تم سابقاً من خلال استهداف حراقات النفط والصهاريج، والآن يتكرر الأمر في دلالة على رسائل روسية بالقدرة على منع التعافي المبكر والسير نحو الاستقرار، وبالتالي هو تهديد لإخضاع تركيا والمعارضة ومنع قيام حكم ذاتي بدأ يشق طريقه بحكم الأمر الواقع".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها