السبت 2022/01/15

آخر تحديث: 19:50 (بيروت)

إصلاح الائتلاف..الضغائن والمطامع الشخصية أطاحت بالجلسة الأولى

السبت 2022/01/15
إصلاح الائتلاف..الضغائن والمطامع الشخصية أطاحت بالجلسة الأولى
increase حجم الخط decrease
لا يبدو أن توجهات التغيير و"الإصلاح" الجديدة داخل الائتلاف السوري المعارض سيكون مسارها مختلفاً عن مسار المحاولات السابقة من حيث الصعوبة والتعقيد، بينما يبقى مصيرها معلقاً بانتظار ما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات بين كتل الائتلاف والتدخلات الخارجية.

وعلمت "المدن" من مصادر داخل الائتلاف أن الاجتماع الذي عقد الجمعة، وضم أعضاء من الهيئتين السياسية والعامة بهدف التوافق على التعديلات المقترحة على النظام الداخلي كان "فاشلاً" بسبب تمسك الكتل بمواقفها وشروطها التي تفرغ هذه المقترحات من أي مضمون.

وحسب المصادر فإن الاجتماع الذي كان يمهد لعرض التعديلات على التصويت في اجتماع الهيئة العامة المقرر الاثنين، لم يحقق أي تقدم في تقريب وجهات النظر، ما جعل رئيس الائتلاف سالم المسلط يوافق على أن تكون جلسة الاثنين عبر الانترنت بحجة "تفشي كورونا" ما يعني أنه لا يمكن أن تكون جلسة تصويت.

ويبدو أن موقف المسلط يزداد حرجاً خاصة وأن مطالب إصلاح الائتلاف تلحّ عليها تركيا، كما تقول مصادر "المدن"، وبالتالي لا يمكن الاكتفاء بإدخال تعديلات شكلية كما يريد بعض الأعضاء والقوى، وعليه فقد كان خيار التأجيل هو المخرج الوحيد أمامه، بانتظار المزيد من المفاوضات بين الكتل على أمل التوصل الى اتفاق يرضي الجميع.

جدل التعديلات المقترحة
عملية الإصلاح المطروحة حالياً تعتمد بشكل أساسي على إدخال تعديلات جوهرية في النظام الداخلي للائتلاف، وتركز بشكل كبير على خارطة التمثيل والعضوية، وهي المهمة التي تصدت لها لجنة مشتركة من الهيئة العامة والهيئة السياسية في المؤسسة على مدى الشهور الثلاثة الماضية.

وبالإضافة إلى هاتين الهيئتين، يتكون الإئتلاف من مكاتب الرئاسة التي تضم الرئيس ونائبين، وكذلك الأمانة العامة، وهي مكاتب تنتخب بشكل سنوي من الهيئة العامة التي تشمل جميع الأعضاء وعددهم 86 يمثلون 17 كتلة سياسية وإثنية وإدارية.

لكن التعديلات الجديدة التي اقترحتها اللجنة المؤلفة من ثمانية أعضاء، كان واضحاً سعيها إلى منح الكتل السياسية دوراً أكبر، من خلال التركيز على الأحزاب ومجالس المحافظات التمثيلية، لتكون بديلاً عن كتلتي المجالس المحلية والحراك الثوري.

والكتلتان الأخيرتان كانتا مثار جدل على مدى السنوات الاربعة الماضية على الأقل، اذ حافظ أعضاؤها على عضويتهم في الائتلاف رغم أنه لم يعد للكتلتين وجود حقيقي أو مرجعية.
لكن التعديلات المقترحة لا تطرح إلغاء عضوية ممثلي هاتين الكتلتين خشية المواجهة مع أعضائهما الذين باتوا يشكلون مركز ثقل قوي داخل الائتلاف كما يقول المصدر، بل تحويلهم ليكونوا ممثلين عن كتلة المستقلين، وهو ما تم التوافق عليه بين ممثلي المجالس والحراك وبين الأمين العام الأسبق للائتلاف بدر جاموس، كحل وسط. 

بينما يرى آخرون أن كل التعديلات المقترحة، على صعيد العضوية والكتل، تستهدف في الحقيقة أعضاء هاتين الكتلتين "بهدف التخلص منهم" نتيجة التنافس أو الصراع بينهم وبين الكتل الأخرى.

ويذهب آخرون أبعد من ذلك، حيث يرى عضو سابق في الائتلاف أن المستهدف الأبرز في هذه التعديلات هو رئيسه السابق نصر الحريري، "الذي يدفع ثمن محاولاته تخليص المؤسسة من هيمنة الكتل والشخصيات النافذة فيها خلال فترة رئاسته".

ويضيف العضو الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في حديث ل"المدن"، أنه "من الواضح أن هذه الكتل والشخصيات والتي تعرف في أوساط المعارضة باسم ال(G4) بعد التحاق آخرين بها، بينهم رئيس الائتلاف الحالي سالم المسلط، تريد الانتقام من الحريري بسبب محاولاته السابقة تفكيك سطوتهم على المؤسسة، ومن الواضح أن هذا المسعى يعمل على الاستفادة من مطلب محق، وهو ضرورة الغاء الكتل التي لم تعد موجودة على أرض الواقع، من أجل تحقيق الهدف الحقيقي للقائمين عليه".

لكن الكثيرين يرون أن تمسك أعضاء الكتل التي لم يعد لها وجود أو مرجعيات، بعضويتهم في الائتلاف أدى إلى ترهل المؤسسة وفقدان الثقة بها، وأعاق حتى الآن جميع محاولات الإصلاح السابقة، كما يهدد المحاولة التي تجري حالياً.

ويقترح معدو مسودة النظام الداخلي الجديد إعادة النظر بحجم كل الأحزاب الممثلة في المؤسسة، وكذلك فعالية وكفاءة جميع الأعضاء.

وتشترط المسودة ألا يقل عدد أعضاء أي حزب أو تجمع سياسي ممثل في الائتلاف عن 300 عضو من سبع محافظات على الأقل، كما تضع خمسة معايير يجب أن تنطبق على ممثل كل كتلة أو حزب، وتشمل الكفاءة السياسية والأهلية القانونية والفاعلية، وهي معايير واجهت انتقادات واسعة باعتبارها "فضفاضة" وغير منضبطة، ما يجعلها عرضة للتأويل والتلاعب والتوظيف.

وبالإضافة إلى التعديلات الإدارية، تقترح المسودة الجديدة للنظام الداخلي للائتلاف استبدال عبارة "إسقاط النظام" الواردة في النظام الحالي بعبارة "تغيير النظام"، وحذف مادة تنص على أن من مهام الحكومة المؤقتة للائتلاف "العمل على إسقاط النظام" الأمر الذي يرى فيه المراقبون استجابة للمتغييرات والضغوط السياسية الاقليمية والدولية، لكن اللافت أن هذه المقترحات لم تثر أي جدل.

وجدل الاصلاح..
وبينما يجزم البعض بعدم قابلية الائتلاف لأي إصلاح، يستبعد الكثيرون من المعارضين السوريين إمكانية نجاح محاولات الإصلاح المطروحة، ويقترحون آليات ومحددات أخرى تشمل تغييراً شاملاً في المؤسسة.

ويرى الكاتب والمعارض حسن النيفي أنه "مع استمرار الائتلاف بالانزياح عن الأجندة الوطنية والتماهي مع أجندات رعاته وأولياء أمره، حتى انتهى الائتلاف إلى أن يكون صاحب دور وظيفي أكثر منه مؤسسة ثورية، بات الإصلاح صعباً".

ويقول ل"المدن": "أعتقد أن السؤال المطروح لماذا الاصلاح الآن وليس قبل سنوات؟ يكشف جزءاً كبيراً من الحقيقة التي تشير إلى أن هذه المبادرة الارتجالية التي تسمى إصلاحاً، ليست أكثر من خطوة استباقية لندوة الدوحة التي يتخوف الائتلاف من أن تفضي الى جسم بديل".

ويضيف "هناك طريقة واحدة يمكن أن تؤدي إلى إصلاح الائتلاف، وتتمثل بإفراغه من كل محتوياته السياسية والبشرية والإبقاء على اسمه فقط، ثم تتشكل لجنة تحضيرية بمشاركة أعضاء الائتلاف، وبالتنسيق مع مراكز بحثية وقانونية لتشكيل كادر جديد وفقاً لمعايير مدروسة، أما خطوة الائتلاف الراهنة فلا تعدو كونها ترقيعاً لثوب مهلهل لم يعد يحتمل الترقيع".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها