الخميس 2022/01/13

آخر تحديث: 12:35 (بيروت)

زيارة عباس "الموعودة" إلى دمشق: هل نضجت؟

الخميس 2022/01/13
زيارة عباس "الموعودة" إلى دمشق: هل نضجت؟
increase حجم الخط decrease
لم يكن إعلان أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب عندما حطّ في سوريا هذا الأسبوع، عن زيارة قريبة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى العاصمة دمشق، الأول من نوعه، فقد تمت الإشارة إلى الزيارة "الموعودة" قبل أكثر من سنتين.

ولكن هل من مستجدات قد جعلت الزيارة أكثر حتمية الآن؟، يقول قيادي مقرب من رئيس السلطة الفلسطينية ل"المدن"، إن المناخ، الآن، بات أكثر نضوجاً لإتمام زيارة عباس إلى دمشق، خاصة بعد تجاوز عدد من القضايا الخلافية بين النظام السوري والسلطة الفلسطينية في سياق حوار استمر عامين.

وأوضح القيادي أنه تم الإتفاق على أن يتفهّم النظام السوري مشروع التسوية والسلام الذي تذهب إليه السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، بعد أن كان موضع خلافٍ تقليدي بينهما منذ إبرام منظمة "التحرير" الفلسطينية اتفاق أوسلو عام 1993. كما تم الإتفاق على دعم دمشق مكانة السلطة الفلسطينية، والتأثير على حركة الجهاد الإسلامي وفصائل أخرى لنأيها عن "أي محاولات للمساس بشرعية السلطة في رام الله"، علاوة على تمكين السلطة وحركة فتح من النشاط في المخيمات الفلسطينية في سوريا لصالح تعزيز نفوذها.

وبيّن القيادي الفلسطيني أن دمشق تعي جيداً أن السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس، لم تتخذ منذ البداية موقفاً ضد نظام الأسد، بل عبّرت عن "دعمها لوحدة الأراضي السورية واستقرار النظام"، مشيراً إلى دور لافت لعباس ضمن جهود عربية، في السنوات الأخيرة، لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية. وبيّن أن "الرسائل المتبادلة بين بشار الأسد ومحمود عباس لم تنقطع خلال الأزمة السورية، في ظل رفض السلطة المشاركة في عزل نظام الأسد منذ البداية".

وأكد القيادي أن الزيارة المرتقبة لعباس إلى دمشق باتت مؤكدة وقريبة، لكنه رفض تحديد موعد دقيق للزيارة.

وتحدثت مصادر سياسية ل"المدن"، عن أن التطورات الحاصلة في الإقليم، قد عززت المناخ الملائم لزيارة عباس، خاصة بعد تحسين كل من الإمارات والأردن علاقاتها مع دمشق، ومروراً بوجود نقاش سعودي-سوري حالياً، حول عدد من القضايا قبل تطبيع العلاقات بينهما، ناهيك عن موقف مصري داعم لنظام الأسد منذ بداية الأحداث السورية، وموقف جزائري يشدد دائماً على عودة دمشق إلى الجامعة العربية.

لكنّ مصادر من حركة "فتح" بدت مترددة في الاستعجال بإطلاق تصريحات بشأن زيارة عباس، قائلة ل"المدن"، إن المجلس الثوري بانتظار سماع التفاصيل من القيادي الفتحاوي جبريل الرجوب، عندما يعود إلى رام الله، بشأن زيارته لسوريا وتسليمه رسالة من عباس حول الموضوع السياسي القائم وقضايا أخرى إلى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، ليسلمها بدوره إلى بشار الأسد.

وذكرت المصادر أنه "لا يُراد الكلام من أجل الكلام كي لا يترك أثراً سلبيا؛ لأن العيون علينا هذه الأيام".

وقال أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" ماجد الفتياني ل"المدن"، إن هناك غاية أخرى لزيارة الرجوب إلى سوريا ولبنان، ألا وهي الحوار مع الفصائل الفلسطينية بشأن ترتيبات لعقد اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير. وأكد أن هناك اهتماماً من القيادة في رام الله بوحدة الدول العربية، بما فيها سوريا، وتمتين الوضع العربي؛ لإسناد الموقف الفلسطيني.

وبالرغم من أن مصدراً عربياً قد اعتبر زيارة عباس المرتقبة لسوريا، تمثل تطوراً طبيعياً على ضوء تبادل الرسائل بين رام الله ودمشق، إلا أنه أشار إلى أن عدم إجرائها سيكون أمراً غير مُفاجئ في الوقت ذاته؛ ذلك أن الإعلان عن الزيارة يجب أن يكون من قبل النظام السوري نفسه.

واعتبر في حديث ل"المدن"، أنّه بالرغم من موقف عباس "الإيجابي" في تطبيع العلاقة مع دمشق منذ الوهلة الأولى، إلا أن هناك بعداً آخر بالنسبة لدمشق من الزيارة الموعودة، في حال تمت، ألا وهو أنها ستكون نكاية بحركة "حماس"، نتيجة تحامل النظام السوري على الحركة بسبب دعمها للثورة السورية فور اندلاعها عام 2011. وشدد المصدر، المقيم في الأردن، على أن أي قبول من دمشق لزيارة عباس، ليس بريئاً تماماً.

وتساءل المصدر عن سبب عدم لقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد لأمين سر مركزية فتح جبريل الرجوب، والاكتفاء بلقائه من قبل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لتسلّم رسالة عباس، بالرغم من أن الرجوب هو مبعوث لرئيس السلطة.. بينما التقى الرجوب بأعلى مستوى سياسي في لبنان، تمثل بالرئيس ميشال عون، كما تسلّم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، شخصياً، رسالة عباس من الرجوب.

ويخلص المصدر إلى أنّ هناك نوعاً من البرود لا زال قائماً من قبل دمشق تجاه السلطة الفلسطينية، لكن مصلحة النظام السوري تكمن بإقامة علاقات مع كل طرف عربي يريد عودتها للجامعة العربية.

غير أن مصادر فلسطينية مقربة من النظام السوري تبرر عدم لقاء الرجوب ببشار الأسد واقتصاره على مستوى وزير الخارجية، هو للدفع بإتجاه التهيئة للقاء بين عباس والأسد. وأكدت المعطيات أنه من ناحية العلاقات السياسية والتفاهم على الملفات المطروحة بين عباس والأسد، فإنه لا توجد عقبات أمام إتمام الزيارة، فضلاً عن انعدام أي ضغوط إسرائيلية أو دولية على السلطة لعدم إجراء الزيارة، ما دام الإنفتاح على سوريا يصب تجاه تقليص نفوذ إيران في هذا البلد.

ووضعت قيادات فلسطينية تعزيز العلاقة مع دمشق، في سياق المصالح المتبادلة بين السلطة والنظام السوري، وهي ما تدفع نحو رغبة الطرفين بتعزيز العلاقة. وأكدت ل"المدن"، أن للفلسطينيين أراضي وأموالاً ومصالح وتواجداً في سوريا. وتابعت: "نريد العلاقة مع دمشق، وهي الأخرى معنية بذلك أيضاً".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها