القصير..طرق التهريب تتبدل حسب حاجات حزب الله والنظام

منذ أن نجح حزب الله اللبناني في السيطرة الكاملة على منطقة القصير بريف حمص والملاصقة للحدود اللبنانية قبل ثماني سنوات وتحويل أكثر من 50 في المئة منها إلى مناطق سكنية خاصة بمقاتليه وذويهم، صارت معبراً حدودياً مفتوحاً في عمليات التهريب المختلفة ومصدراً ربحياً لكل من النظام السوري وله.

فبعد السيطرة الكاملة للحزب على مدينة القصير، في العام 2013 وتسلم زمام الأمور فيها، والتغيير الديمغرافي الذي حصل بعد نقل مهجري قريتي كفريا والفوعة إليها ومنع دخول سكانها الأصليين، حوّل حزب الله المنطقة إلى معبر تهريب كبير تحت إدارته وبالتنسيق مع الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد.

ويمتاز هذا الطريق عبر القصير بسهولته، مقارنة بمعبر المصنع الحدودي في ريف دمشق، وذلك بسبب التداخل بين الأراضي السورية واللبنانية في أرياف القصير وتلكلخ، ووجود بعض العلاقات العائلية العشائرية بين أهالي المنطقتين الحدوديتين في لبنان وسوريا.

التهريب حسب الحاجة
وقد شملت أنواع عمليات التهريب فيها كل شيء، ابتداءً بأنواع الأسلحة المختلفة، وصولاً إلى المحروقات من مادتي البنزين والمازوت والغاز المنزلي، وإلى الخضار والفواكه وأثاث المنازل، وإنتهاءاً بالمخدرات والدخان، خاصة أن المنطقة باتت باباً مفتوحاً على مصراعيه، ولكن تحت تنظيم عالٍ وكبير، فقد تم تخصيص كل نوع من أنواع التهريب تحت قيادة ميليشيا محددة من قبل الحزب وإدارة مكتب ماهر الأسد، ويُمنع من خلال هذا التنسيق تدخل أي ميليشيا بعمل الأخرى، فلكل اختصاصه ومجال عمله.

يقول فادي الشاب الثلاثيني من القصير ل"المدن"، إن "المدينة تحولت إلى مدينة عصابات وميليشيات يُستباح بها كل شيء خارج عن القانون، لا تتبع لأي عُرف أو تقليد سوى ما يتم وضعه من قبل قيادات حزب الله، المسؤولين عن قطاع القصير"، مضيفاً أن "التواجد السوري فيها ما هو إلا عبارة عن وسيط لنقل البضائع المهربّة من وإلى القصير من رجالات الحزب، فالنقاط السورية التابعة لوزارة الداخلية من قوات الشرطة وقوات الفرقة الرابعة هي لخدمة عناصر الحزب ولتنسيق عملية التهريب ودخول البضائع إلى الجانب السوري والمحافظات والمدن".

ويضيف أن "هذه الميليشيات تتقاسم اختصاصات التهريب، فمنها من يعمل على تهريب الدخان من لبنان إلى سوريا، وميليشيات أخرى كانت تعمل على تهريب مادتي البنزين والمازوت من لبنان إلى سوريا"، لكنه أوضح أنه مع تفاقم أزمة المحروقات في لبنان "فقد تم عكس الطريق لتهريب هاتين المادتين من سوريا إلى لبنان".

ويشير فادي إلى أن هذه الميليشيات منعت التهريب الإفرادي من قبل أهالي المدينة  وبأي شكل كان، دون الحصول على إذن منها أو العمل تحت مظلة الميليشيات المختصة.

العمل علني
ياسين، صديق لأحد العاملين في التهريب في مدينة القصير، تحدث ل"المدن"، عن آليات التهريب مشيرا إلى أنها باتت علنية وفي وضح النهار، "بل أن المواد التي تعد للتهريب إلى لبنان تأتي بسيارات قوات النظام المخصصة للطعام ويتم إدخالها إلى المدينة عن طريق أوتستراد حمص طرطوس الدولي بمرافقة دوريات أمن الفرقة الرابعة، ومنها إلى معبر القصير - الهرمل، ليتم إدخالها إلى لبنان".

واذا كانت البضاعة الأجنبية ستهّرب إلى الداخل السوري فيتم نقلها عبر ميليشيات الحزب إلى عناصر الفرقة الرابعة المتواجدة في محيط القصير ومنها إلى سيارات أمن الفرقة الرابعة التي تقوم بتوزيعها على المحافظات السورية ومراكز التهريب الخاصة بهم. وتبقى هذه البضاعات محمية حتى وصولها إلى مستودعات التوزيع في كل محافظة، حيث تتبع لأمن الفرقة الرابعة شبكة من التجار المتعاملين معهم في كل محافظة.

كما أن هذه البضاعة تخضع لسياسة تسعير الفرقة الرابعة المسؤولة عن هذه البضائع والتي غالباً ما تشمل الدخان والمشروبات الكحولية ومشروبات الطاقة والأدوات الكهربائية بالإضافة إلى البنزين والمازوت والغاز سابقاً، حيث كانت يومياً تنتقل صهاريج كبيرة بداخلها آلاف الليترات من لبنان إلى سوريا ومنها إلى محافظتي حمص وطرطوس التي كانتا تشتهر بوجود البنزين اللبناني (95 أوكتان)، الغير متوفر في سوريا.

من جهة أخرى، يقول باسين إن إدارة فرع الأمن العسكري 219 في دمشق باتت تشارك الفرقة الرابعة مؤخراً في عمليات التهريب ونقل البضائع من الحدود اللبنانية بعد حصولها على موافقات بالمشاركة من ماهر الأسد، وبات من الممكن مشاهدة سيارات ودوريات الأمن العسكري في الأشهر الثلاث الماضية ضمن مدينة القصير بشكل مكثف.

وسط هذه الإستباحة للمنطقة ولأملاك الأهالي الأصليين في القصير، تبقى المئات من العائلات المهجرّة منها منذ عام 2011 خارج ديارها وما زالت عودتها ممنوعة حتى إشعار آخر.