الخميس 2021/09/09

آخر تحديث: 13:35 (بيروت)

الروايات الاسرائيلية حول فرار الاسرى:الكثير من التضليل والتشويش

الخميس 2021/09/09
الروايات الاسرائيلية حول فرار الاسرى:الكثير من التضليل والتشويش
© Getty
increase حجم الخط decrease
عزز الجيش الإسرائيلي قواته بثلاث كتائب لتكثيف عملية البحث عن الأسرى الستة، الذين تمكنوا من انتزاع حريتهم والهروب من عمق الأرض من سجن "جلبوع" فجر الاثنين الماضي، وسط تضارب إسرائيلي حول مكان تواجدهم.

وتُركز "كتائب" الجيش الإسرائيلي في عملية البحث، على قرى وبلدات فلسطينية في أراضي 48، خاصة القريبة من سجن جلبوع، وهي الناعورة، كفر مصر، وإكسال، وام الفحم. وترافق ذلك مع عمليات بحث في منطقة جنين شمال الضفة الغربية، مستعينة بعناصر استخباراتية ووسائل تكنولوجية. 

الأسير المحرر رائد زعبي، مِن بلدة الناعورة، يقول ل"المدن"، إنه لا يعرف مدى دقة الرواية الإسرائيلية القائلة إن الاسرى الستة توجهوا فور تمكنهم من الهروب، إلى البلدة الواقعة على بعد خمسة كيلومترات من سجن "جلبوع" للاستحمام في المسجد هناك وتناول طعام الافطار، قبل مواصلة السير إلى جهة غير معلومة.

لكنّ زعبي أفاد بأن مجيء الأمن الإسرائيلي إلى قرية الناعورة وشن اعتقالات في صفوف أبنائها ومروراً بتتبع كاميرات البلدة، قد تم بعد ثلاثين ساعة من دخول الأسرى الى الناعورة، في حال صحة الرواية الإسرائيلية. وانتقد السلطات الإسرائيلية نظراً لتحميل سكان البلدة وفلسطينيي 48 عموماً مسؤولية فشلها وإخفاقها من منطلق عنصري وعنجهي قائم على الهوس الأمني "المجنون".

وتابع زعبي: "البُعد الزمني بين قرية الناعورة وجنين لا يتجاوز العشرين دقيقة، وبين القرية والحدود الأردنية لا يتجاوز الساعة، ومع الحدود السورية ساعتان، ومع الحدود اللبنانية ساعة ونصف. فليبحثوا بعيداً عنّا".

وتدعّي أجهزة الاحتلال الأمنية أن الاسرى الستة قد خرجوا من الناعورة أزواجاً أو فرادى، وفق ما تظهرهم كاميرات التسجيل في البلدة. وقد تكون رواية تضليلية؛ لإيهام الأسرى بأن الأمن الإسرائيلي يبحث عنهم بعيداً عن مكانهم الذي يتواجدون فيه الآن؛ كي لا يأخذوا حذرهم اللازم وبالتالي اكتشاف مكانهم، حسب مراقبين.

وتزعم بعض الروايات الاسرائيلية بأن قسماً من الأسرى لا يزال في أراضي48، فيما وصل قسم آخر إلى جنين. لكن، ما هو مؤكد لدى الاحتلال أن الأسرى قد تخلوا عن الهاتف الخلوي الذي أخذوه معهم في عملية الهروب، ثم سرعان ما تخلصوا منه بعد استخدامهم إياه لمكاملة هاتفية طارئة؛ خشية تعقبهم من خلاله. كما بدّلوا ثيابهم التي هربوا بها.

ويكشف مصدر مطلع ل"المدن"، عن آلية الحفرة التي تمكّن الأسرى من الهروب من خلالها. إذ قال إن السجن مبني على أعمدة قصيرة متباينة الطول لتسوية البناء الخاص بالسجن ثم فوقها باطون بسماكة 20 سنتيمتراً.. وهو ما يعني أن ما تحت طبقة الباطون هو عبارة عن فراغ.

ووفق المصدر، فإن فتحة المرحاض في الزنزانة تؤدي إلى الفراغ تحت الباطون، ومن خلاله زحف الاسرى الستة حتى الجدار الخارجي للسجن، ثم حفروا نفقاً صغيراً جداً تحت الحائط لمسافة مترين تقريباً، حتى تمكنوا من الخروج من الجهة المقابلة للجدار وحرّروا أنفسهم.

وبحسب المصدر، فإن الأسرى لم يضطروا لحفر نفق من زنزانتهم حتى نقطة الخروج، كما رُوّج في بادئ الأمر. حيث أن المسافة الواصلة بين زنزانتهم ونقطة الخروج من الجهة المجاورة لجدار السجن تبلغ عشرات الأمتار. ولهذا، فإن عملية الهروب ارتكزت، في معظمها، على الزحف تحت الأرض.

وعلّق الاسير المحرر رائد زعبي على واقعة انتزاع الأسرى حريتهم بالقول إن حُكم هؤلاء الأسرى يصل لمدى الحياة. وبالتالي لا يوجد لديهم أي أمل أو ما يخسروه. ما يعني أنهم سيحاولون، دائماً، الخروج من السجن بأي وسيلة. 

وقلّل زعبي من قيمة الحديث عن شبهات إسرائيلية بمساعدة سجّانين للأسرى الستة في عملية الهروب، موضحاً أن السجّانين ليسوا مستعدين للتضحية بمستقبلهم من أجل أسرى فلسطينيين. وبيّن أنها عملية الهروب الثالثة أو الرابعة في تاريخ الحركة الأسيرة.

واستذكر رائد زعبي واقعة الهروب لقريبه عبد الرازق زعبي من سجن "شطة" الإسرائيلي عبر تسلقه سيارة الخبز في ستينيات القرن الماضي، وكذلك محاولة هروب جماعي لأسرى فلسطينيين عام 1958، ما أدى لاستشهاد أكثر من ثلاثين أسيراً. وقد تم دفنهم حينها في قرية الناعورة. 

يذكر أن رائد الزعبي أسير سابق، ووالده مُبعد سياسي سابق بقرار احتلالي، ما اضطره للعيش في العراق لسنوات، ثم توفي في الجزائر.

من جهته، أكد الأسير المحرر ماهر سمارو ل"المدن"، أن واقعة هروب الأسرى الستة بمثابة "معجزة" بالنظر الى الإجراءات الشديدة المتبعة بحق الأسرى في هذا السجن. وأضاف أن "جلبوع" من أكثر السجون أمناً لأن نُخبة الاسرى يقبعون فيه ويُصنفون إسرائيلياً ب"الخطيرين جداً".

وروى سمارو بعضاً من الإجراءات الاسرائيلية المشددة بحق الاسرى، أبرزها تعداد الأسرى يومياً لثلاث مرات، وفحص أرضية وجدران أقسام السجون والزنازين مرتين يومياً؛ خشيةً من أي محاولات للحفر والهروب. كما ويمنع الاحتلال الأسرى من امتلاك أي أدوات حادة أو معدنية قد يتم استخدامها في الحفر.. حتى أن الملعقة التي تستخدم في الطعام جزء منها معدني والآخر بلاستيكي؛ منعاً من استخدامها لأي أغراض أخرى.

في غضون ذلك، تعكف الأجهزة الامنية الاسرائيلية على إعادة النظر بكيفية حراسة السجون التي يقبع بها أسرى فلسطينيون وعرب، واللجوء إلى استخدام وسائل إلكترونية حديثة عوضاً عن الاتكال على العنصر البشري.

ويترافق ذلك مع لجنة تحقيق ستفضي إلى إقالة ضباط من مصلحة السجون الإسرائيلية وربما قائدة شرطة السجون نفسها؛ بسبب عملية الهروب التي شكلت ضربة قوية للمنظومة الأمنية الإسرائيلية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها