الأحد 2021/09/19

آخر تحديث: 09:18 (بيروت)

"التحالف" يطمئن "قسد" التي فقدت ثقتها بالاميركيين

الأحد 2021/09/19
"التحالف" يطمئن "قسد" التي فقدت ثقتها بالاميركيين
العقيد مارتن ماروتو لـ"المدن": التحالف ملتزم بالهزيمة الدائمة لداعش وتهيئة الظروف لتعزيز الاستقرار الإقليمي (غيتي)
increase حجم الخط decrease
شكل الانسحاب الأميركي من أفغانستان أواخر شهر آب/أغسطس الماضي، هاجساً لدى حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في سوريا، وفي مقدمهم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تسيطر على شمال وشرق سوريا. ولم تبدد التطمينات الأميركية لـ"قسد" بعدم الإنسحاب مخاوف قياديين في "قسد" استحضروا مقولة ان "الولايات المتحدة تتخلى عن حلفائها". 

وفي رده على أسئلة "المدن" حول أسباب مخاوف "قسد" من انسحاب أميركي وشيك من شمال وشرق سوريا على غرار أفغانستان، قال العقيد مارتن ماروتو المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة "داعش" إن مهمة "التحالف بالتعاون مع الشركاء كقوات (قسد) والبشمركة والقوات العراقية لم تتغير". وفيما لم يوضح العقيد ماروتو بشكل مباشر الضمانات المقدمة لـ"قسد" بعدم الانسحاب، أكد أن "التحالف ملتزم بالهزيمة الدائمة لداعش وتهيئة الظروف لعمليات المتابعة لزيادة الاستقرار الإقليمي".

بدوره، أكد القيادي في قوات "قسد" محمود حبيب، في تصريح لـ"المدن"، أن "سوريا الديموقراطية" تلقت تطمينات من القيادات الأميركية على جميع المستويات "بدءاً من الرئيس بايدن ووزير خارجيته، وصولاً إلى العقيد ماروتو بعدم الانسحاب الأميركي"، لكنه لم يخفِ في الوقت نفسه ان "قلقنا نابع أيضاً من صمت التحالف على التصعيد التركي الذي قد يصل إلى حد تمادي تركيا والدخول معنا في معركة احتلال جديدة". 

وصعّدت تركيا أخيراً من استهدافها لعدد من المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" مثل عين عيسى في شمال الرقة، وتل تمر شمال محافظة الحسكة، وريف منبج شمالي حلب، إلى جانب اشتباكات متبادلة في المناطق المذكورة بين الجيش الوطني السوري المعارض المدعوم تركياً، و"قوات سوريا الديمقراطية" ومجالسها العسكرية المتعددة، كما أدخلت تركيا الطائرات المسيّرة لتنفيذ عمليات اغتيال في المدن الكبيرة مثل مدينة القامشلي.

لكن حتى هذه اللحظة تلتزم تركيا بالبقاء خلف خطوط التماس التي حذرت الولايات المتحدة من تجاوزها، وهددت بتفعيل منظومة الصواريخ المضادة أرض - جو إذا استمرت تركيا بإطلاق الطائرات المسيّرة.

كما عبر حبيب عن خشية "قسد" من تغليب "لغة المصالح بين الدول المؤثرة بالشأن السوري على مصلحة الشعب السوري"، باعتبار أن الضمانات الأميركية لا "تتعدى تصريحات أصحاب القرار، والتزامات شفهية". ورأى في الوقت نفسه أن أهم الضمانات لعدم انسحاب أميركي لا يقتصر على أن تكون تركيا البديل في شمال شرق سوريا، بل يترتب عليه "تمدد إيران عبر إعادة سيطرة النظام في الوقت الذي نشهد فيه تقارباً تركياً - إيرانياً"، ومن جهة أخرى "عودة نشاط تنظيم داعش"، وهو أمر "لا تقبله الولايات المتحدة".

وكان للانسحاب الأميركي في 2019 إثر قرار الرئيس السابق دونالد ترامب، من الرقة ومنبج وعين العرب (كوباني)، والذي أدى إلى إطلاق تركيا عملية "نبع السلام" العسكرية، واجتاحت كلاً من بلدتي رأس العين غربي محافظة الحسكة، وتل أبيض شمالي الرقة، أدى إلى ترك فجوة ثقة كبيرة بين قيادات "قسد" والولايات المتحدة، إذ تخشى القيادة الكردية من تكرار سيناريو مشابه، وهو ما أكده قيادي عسكري في قوات "قسد" طلب من "المدن" بعدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية.

وقال إنه على الرغم من الزيارات التي تقوم بها قيادات أميركية إلى شمال وشرق سوريا، والاتصالات المكثفة لتطمين القيادة الكردية، وإرسال التحالف تعزيزات عسكرية أسبوعية، إلا أن "قسد لم تعد تثق بالولايات المتحدة رغم كل الوعود"، مضيفاً إن "قسد حاولت الحصول على ضمانات لكن لم نحصل إلا على وعود شفهية". 

وكشف القيادي الكردي لـ"المدن" عن أن "قسد" طلبت من التحالف "العودة إلى قواعده في الرقة وكوباني، نظراً لعدم ثقتنا بالروس، إلا أن التحالف أكد إن قواته لن تعود"، وهو ما يترك باب الشكوك من التواجد الأميركي في سوريا مفتوحاً. وأشار القيادي إلى أن التحالف "يقوم حالياً بتوسيع قواعده العسكرية في كل من الشدادي جنوب محافظة الحسكة وتل بيدر استراحة الوزير في شمال الحسكة". 

ووسط المخاوف، لا يرى المحلل والكاتب السياسي الكردي نور الدين عمر، المقرب من قيادات "قسد" والإدارة الذاتية، انسحاباً أميركياً وشيكاً من مناطق سيطرة "سوريا الديموقراطية" في ظل إدارة بايدن. ومع تأكيده لـ"المدن" استمرارية القصف المتبادل والمناوشات بين الفصائل المدعومة تركياً و"قسد"، يقول ان "المهم أن لا تعطي واشنطن لتركيا الضوء الأخضر لاحتلال المنطقة كما فعل ترامب سابقاً"، إضافةً إلى "تعهّد أميركي بالبقاء في شمال وشرق سوريا، من غير أن تتدخل في معارك إلى جانب قسد ضد تركيا"، مضيفاً ان واشنطن، على الأقل، "منعت تركيا من  احتلال المزيد من الأراضي  بعد اتفاقية وقف إطلاق النار عام 2019". 

وكمن يراوح بين المطرقة والسنديان، فإن خيار "قسد" التالي هو روسيا، التي تنتشر في مناطق شمال سوريا ضمن المناطق الخاضعة لقوات سوريا الديموقراطية، وتمتلك قواعد في الرقة وعين العرب (كوباني)، وتسيّر دوريات في درباسية والمالكية (ديريك)، إلا أن "الكثير من المناوشات تحدث بشكل يومي مع قسد" بحسب القيادي العسكري الكردي. ورغم ذلك ترعى روسيا حواراً بين الإدارة الذاتية وتركيا لحل المشاكل العالقة وأهمها وصول مياه محطة علوك في مدينة رأس العين التي سيطرت عليها تركيا ضمن عمليات "نبع السلام"، إلى مناطق مدينة الحسكة والتي تسببت بكوارث إنسانية كبيرة.

ويرى عمر أن "علاقات قسد مع روسيا ضرورية حتى قبل عملية انسحاب القوات الأميركية، وتحاول قسد تطوير تلك العلاقات"، لكن يرى في الوقت نفسه انه "ليست هناك ثقة بالروس"، مضيفاً إن أي "انسحاب أميركي من المنطقة سيعقد مهمة قسد لكنها قادرة على إيجاد بدائل حسب تلك الأوضاع". ويشير الى ان "قسد تتطلع إلى الحوار مع الحكومة السورية وقوى السياسية السورية كخيار استراتيجي لا بديل عنه من أجل التوصل إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري". 

ولا تزال المحادثات بين الإدارة الذاتية ودمشق معلقة نتيجة الخلاف على شكل الإدارة الذي سيُطبّق في مناطق شمال وشرق سوريا، مع تمسك الأكراد بنظام الإدارة الذاتية. وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد  قد صرح في اجتماعه الأخير مع مجلس الوزراء عن أهمية النظام اللامركزي، وهو ما قد يترك مؤشرات إلى بدء حوار مع الإدارة الذاتية، الأمر الذي يشجعه الجانب الروسي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها