الجمعة 2021/08/27

آخر تحديث: 12:44 (بيروت)

دمشق:النظام يمهد لرفع الدعم..لأنه يحقق أرباحاً أكبر

الجمعة 2021/08/27
دمشق:النظام يمهد لرفع الدعم..لأنه يحقق أرباحاً أكبر
© Getty
increase حجم الخط decrease
يشكك مراقبون في خطة ضبط الدعم التي يتحدث عنها النظام السوري ويرون أنها تمهد لرفع الدعم بشكل كامل عن السلع الأساسية التي يحصل عليها المواطنون في مناطق سيطرته من خلال منظومة البطاقة الذكية، أو تستهدف حصر الدعم بالطبقات الموالية على حساب بقية المواطنين.

وكان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم أشار إلى أن هناك تعاوناً بين وزارته ووزارات عديدة إضافة لهيئة التخطيط لتنفيذ مشروع كامل لإعادة ضبط الدعم بطريقة تنعكس على المواطن إيجاباً وليس سلباً نتخلص فيها من الهدر.

ذريعة لتحرير الأسعار

في معرض شرح خطتها حول دعم المواطنين الفقراء حصراً، تتذرّع حكومة النظام بوجود تلاعب في البطاقات الذكية حيث يحصل المواطنون الأغنياء على الدعم من دون الحاجة إليه ما ينشط عمليات المتاجرة بالمخصصات المدعومة الموجودة في البطاقة. لكن المراقبين يشككون في هذه المعلومات فالتلاعب ببطاقة إلكترونية تعتمد على الرقم الوطني والهاتف يصعب المتاجرة بها إلا إذا كان هذا التلاعب يتم على عين الحكومة.

ويقول الباحث الاقتصادي يونس الكريم إن عملية التلاعب هي "عملية متعمدة، الهدف منها التغطية على الفساد الحاصل في آلية التوزيع ونقص الكميات". ويتابع في حديث ل"المدن": "ربما تتم عمليات الشراء بالنسبة للأغنياء من خارج هذه المنظومة لكنها لن تشكل تسرباً كبيراً للسلع".

ويرى الكريم أن "حكومة النظام تتخذ من قضية المتاجرة بالبطاقة الذكية ذريعة لتطبيق خطة تحرير أسعار السلع التي تعتمد على أن الدولة لن تدعم السلع سواء عبر الخدمات اللوجستية أو تقديم الدولار بأسعار مخفضة ما يجعل السلعة تسعر وفق العرض والطلب تبعاً للسوق السوداء ومحدداتها".ويقول: "بما أن الحصول على القطع الأجنبي ونقل السلع يكلف رشاوى وأتاوات لذلك سيكون سعر السلع مبالغاً فيه ولن تكون أغلبية السلع في متناول الفقراء".

ويرجح أن النظام سوف يلجأ لإصدار سلسلة من القوانين التي تدعم تحرير الأسعار وهو ما يصب في مصلحة الأغنياء الذين سيزداد ثراؤهم على حساب الطبقة المسحوقة التي تشكل الأغلبية لذلك "نحن على وشك مشاهدة تغيير كبير في النظام الاقتصادي من خلال تغير دور الدولة ومهامها".

لا خطوط حمراء
يبدو أن الخطة الجديدة للنظام طالت حتى رغيف الخبز الذي كان يعد في الكلاسيكيات الاقتصادية للنظام خطاً أحمر. ووفقا للأرقام التي يطرحها النظام يكلف دعم الخبز سنوياً تريليوناً و600 مليار ليرة، وتدّعي الحكومة بأن الكثير مما يقدم لدعم رغيف الخبز يهدر أو يسرق بطرق مختلفة وكذلك الكثير منه يذهب إلى أشخاص يقومون بالمتاجرة به.

ويقول رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" أسامة قاضي إن الدعم الاقتصادي والاجتماعي لمعظم السلع في سوريا قد انخفض في السنوات الخمس الأخيرة إلى العشر تقريباً.

ويتابع في حديث "المدن"، أن "النظام السوري لم يعد بإمكانه أن يقوم بأي نوع من أنواع الدعم في ظل انخفاض الليرة وضعف قوتها الشرائية والتضخم الجامح وعدم استقرار الأسعار، وهذا ما سيجعل النظام يواجه قدره الاقتصادي المفجع والمحتوم بدءاً من عدم قدرته على السيطرة على الليرة السورية ووصولاً إلى عدم استطاعته تأمين رغيف الخبز".

المشكلة العويصة بحسب قاضي تكمن في المعادلة التالية: "في كل مرة يعمل النظام على دعم المواد الأساسية سيضطر لطباعة عملة جديدة من دون أي زيادة في السلع والخدمات وهذا يقود الى زيادة في التضخم والمزيد من انفلات الأسعار وفقدان السيطرة على الاقتصاد".

سياسة التمويل بالعجز التي يلجأ إليها النظام الآن -بحسب قاضي- لا تنجح مع حكومة مفلسة مثل حكومة النظام وهي لن تؤدي إلا إلى المزيد من التضخم وانخفاض مستوى معيشة السكان، لأن عجلة النمو الاقتصادي شبه مشلولة ولا تتحرك أكثر من 10 في المئة.

ويوضح أن هناك أسباباً عديدة لهذا الأمر أهمها المرسوم رقم 3 للعام 2020 الذي جرم التعامل بغير الليرة، والصراع داخل منظومة الفساد بين رامي مخلوف وأسماء الأسد على سبيل المثال، إضافة إلى تهريب الأموال الهائلة إلى المصارف اللبنانية والتي تقدر بين 20 إلى 40 مليار دولار وفق تقديرات النظام.

لذلك، يتوقع القاضي أن يلجأ النظام إلى رفع اليد عن دعم السلع الغذائية وغير الغذائية كما سيواجه تحدياً هائلاً في تأمين الخبز للمواطنين خاصة مع انخفاض إنتاج القمح بعد أن كانت سوريا تنتج 4 مليون طن من القمح، تستهلك 3 مليون طن وتصدر مليوناً، بينما لا يتجاوز الإنتاج الآن وباعتراف النظام أكثر من 400 ألف طن وهذا لا يكاد يكفي نصف سكان محافظة دمشق.

منطق مختلف
ربما لن يوقف النظام دعم السلع بشكل كامل لكنه سيسعى إلى خلق نوع من الامتيازات بين المناطق الموالية على حساب المناطق التي احتضنت الثوار ثم جرت فيها عمليات المصالحات والتهجير.

ولا يرى المستشار الاقتصادي جلال بكار أن النظام بحاجة إلى مقدمات قبل تنفيذ أي إجراء يخص الاحتياجات الأساسية للشعب لأنه لا يرى المواطن هدفاً استراتيجياً، فضلاً عن سعيه لإرضائه. ويضيف ل"المدن"، أن أولويات النظام تختلف عن قضية دعم الحياة المعيشية للمواطن خاصة في ظل تطبيقه خطة للضغط على شريحة واسعة من الشعب السوري لحمله على مغادرة البلاد بينما تستحوذ جماعات مقربة من النظام على كافة القطاعات الاقتصادية.

ويرى أن النظام "لا يمتلك حرية القرار الاقتصادي بل لديه محرك بحث إيراني يعمل على التخطيط معه للضغط على الشعب لذلك سيختلف منطق دعم المواطن وفقا لفارق الولاء للنظام بين المناطق حيث يمكن أن يرفع الدعم بشكل ضمني عن مناطق المصالحات ويبقى في المناطق ذات الأغلبية الموالية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها