السبت 2021/07/24

آخر تحديث: 11:32 (بيروت)

تصعيد إدلب:الجولاني يستبعد الهجوم البري ويستعد لكل الاحتمالات

السبت 2021/07/24
تصعيد إدلب:الجولاني يستبعد الهجوم البري ويستعد لكل الاحتمالات
© Getty
increase حجم الخط decrease
يسود التوتر منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب بسبب تصاعد عمليات القصف لقوات النظام وروسيا ونزوح مئات العائلات من قرى الجبل نحو الشمال، وتوسع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بوقف القصف والمجازر في المنطقة.

واحتشد المئات من أهالي قرى جبل الزاوية أمام القاعدة العسكرية التركية في بلدة معترم شمالي مدينة أريحا. وطالب المحتجون الجيش التركي بالرد على قصف قوات النظام وروسيا، وطالبوا حكومة بلاده بتحمل مسؤولياتها ووقف التصعيد العسكري على المنطقة باعتبارها ضامنة لاتفاق أستانة إلى جانب روسيا وإيران.

وشهدت مدينتا تفتناز بريف إدلب وإعزاز بريف حلب مظاهرات منددة بالتصعيد العسكري على قرى الجبل، وطالب المحتجون والمتظاهرون الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام بالرد على قصف قوات النظام، ووجّه ناشطون في إدلب وريف حلب دعوات لتكثيف الحراك الشعبي والمظاهرات تضامناً مع جبل الزاوية.

واعتبر الباحث في العلوم السياسية محمد بقاعي في حديث ل"المدن"، إن "توتير العلاقة بين الجيش التركي والسكان المحليين في جبل الزاوية أحد أهم الأهداف التي يسعى النظام وروسيا إلى تحقيقها من خلال التصعيد العسكري الأخير، لذلك يجب توجيه بوصلة الاحتجاجات ودعم الدور التركي الذي يسعى بكل إمكاناته لمنع اندلاع المعارك مرة أخرى ولاستمرار العمل بالاتفاقات الموقعة مع روسيا".

فيما رأى قال الباحث في مركز جسور للدراسات محمد السكري في تعليقه ل"المدن"، أن "الاحتجاجات الغاضبة من الدور التركي السلبي في ملف محافظة إدلب من شأنها الضغط أكثر على أنقرة للالتزام بوعودها، ولا سيما بعد اتفاقية سوتشي في 2018 وما لحقها أيضاً من بروتوكولات كان أخرها اتفاق موسكو عام 2020".

الموقف التركي
والتقى وفد يضم عدداً من منظمي الاحتجاجات أمام النقاط العسكرية التركية بضباط من الجيش التركي، وقدم الوفد للضباط الأتراك شرحاً تفصيلاً عن المأساة التي يعيشها أهالي قرى جبل الزاوية، وطالب ممثلو المحتجين بتدخل أكثر جدية للجيش التركي لوقف قصف قوات النظام
على المنطقة.

وقالت مصادر متطابقة ل"المدن"، إن "ضباط الجيش التركي أبدوا تعاطفهم مع المحتجين، ووعدوا بتكثيف عمليات القصف على مواقع قوات النظام، لكن الوفد لم يحصل على إجابات شافية بخصوص ضمان وقف التصعيد على منطقة الجبل جنوبي الطريق إم-4".

وأوضح مصدر عسكري معارض ل"المدن"، أن "الجيش التركي كثف من قصفه المدفعي على مواقع قوات النظام خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، واستهدفت نيرانه غرف عمليات ومواقع متقدمة لقوات النظام في جبهات جنوب وشرقي إدلب، وتسبب القصف التركي بتدمير العديد من مرابض المدفعية والصواريخ".

الجولاني جاهز!
مخاوف أهالي جبل الزاوية من استمرار التصعيد العسكري لقوات النظام وروسيا عززتها تصريحات زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني الذي قال خلال لقائه بأكثر من 35 ناشطاً وإعلامياً في معبر باب الهوى ليل الجمعة/السبت، إن "تحرير الشام لا تتوقع هجوماً برياً للعدو باتجاه جبل الزاوية في الوضع الراهن، ولا تستبعد التصعيد في وتيرة القصف خلال الفترة القادمة".

وأضاف الجولاني "قمنا بتحصين جبهات جبل الزاوية وباقي الجبهات بشكل جيد، ونحن مستعدون لكل الاحتمالات وقادرون على التعامل مع أي تحرك للعدو، وعززنا الجبهات بألوية عسكرية إضافية، وطوّرنا قواتنا بشكل جيد لا سيما في القتال الليلي، واكتسبنا أسلحة جديدة ونوعية لن نفصح عنها الآن، ونظمت الفصائل قواتها ضمن غرفة عمليات مشتركة وهذا يكسبنا قوة إضافية".

وتابع: "سنقوم بالمعركة عندما تصبح الظروف مناسبة ونحن نستعدّ لها، وقمنا بالرد على قصف جبل الزاوية باستهداف تجمعات العدو ومرابض مدفعياته وغرفة عملياته وكبدناه خسائر كبيرة، ولا زالت عمليات الرد مستمرة، وحصلت الكثير من المفاوضات سابقاً على جبل الزاوية ونحن لم نتخلى عنه حينها ولن نتخلى عنه الآن، كونه حصن للمحرر ومعقل للثورة".

لقاء الجولاني بالناشطين والإعلاميين المقربين من تحرير الشام كان مفاجئاً وتلا ظهوره المتكرر مع قادة تنظيمه ووجهاء محليين مهنئاً بالعيد. وبدا الجولاني خلال زياراته غير مكترث بما يحصل في جبل الزاوية، وهو ما أثار غضب أهالي قرى الجبل الذين اتهموه وتنظيمه بترك المنطقة لمصير مجهول، وحملوه مسؤولية استمرار التصعيد والمجازر.

مبررات التصعيد
تركز القصف البري والجوي لقوات النظام وروسيا خلال الأسبوع الماضي على القرى والبلدات الأهلة بالسكان في جبل الزاوية، واستهدف منازل المدنيين وفرق الإنقاذ ولم يسجل أي استهداف لمواقع عسكرية حساسة ومستودعات أسلحة للفصائل المعارضة أو تحرير الشام في المنطقة، فما هي مبررات التصعيد العسكري والمجازر بحق المدنيين وهل يريد النظام وحلفاؤه خلق منطقة منزوعة من السكان لا من السلاح؟

الباحث محمد السكري يرى أنه من المهم الإشارة إلى أن انتشار تركيا وتوسعها الجيو-استراتيجي في مناطق خارج نفوذها الاقليمي وعلى مقربة من الحدود الجيوسياسية لروسيا، يؤدي إلى تقويض العلاقات المشتركة، "فتأمين تركيا مطار كابل هو أحد الأسباب التي ساهمت في تأجيج الصراع مما انعكس على ملف إدلب، وكذلك تزويد تركيا بولندا بطائرات "بيرقدار"
 المسيرة، هذا ما عدا التقارب التركي مع الاتحاد الأوربي في مسألة القرم الاوكرانية والموقف الرافض ضم روسيا شبه جزيرة القرم".

وأضاف أن "هذه التعقيدات على الساحتين المحلية والدولية انعكست بشكل ملحوظ على جبل الزاوية، فموسكو ترفض بشكل قاطع فصل الملفات عن بعضها البعض، وبالعموم تفسر التطورات الميدانية مدى الاختلافات بين الطرفين التركي والروسي".

العقيد المنشق عن جيش النظام مصطفى بكور قال ل"المدن"، إن "التصعيد على جبل الزاوية بهذه الكثافة جاء بعد لقاء أستانة، ويمكن تفسيره في فرضيتين، الأولى أن التصعيد هو جزء من التطبيق العملي لاتفاق ما جرى في الاجتماع الأخير بين الأطراف، والقصف هو المرحلة الأولى من هذا الاتفاق ويهدف إلى إفراغ المنطقة، أما الفرضية الثانية وهي الأرجح، أن التصعيد على الجبل هو رسائل روسية للضغط على تركيا لتحصيل مكاسب في ملف ادلب كالمعابر ومكاسب مفترضة في الملفات الأخرى التي يشترك فيها الطرفان".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها