الإثنين 2021/05/31

آخر تحديث: 13:26 (بيروت)

تفويض دولي لمصر في غزة:الإعمار والاسرى..والمصالحة الفلسطينية

الإثنين 2021/05/31
تفويض دولي لمصر في غزة:الإعمار والاسرى..والمصالحة الفلسطينية
increase حجم الخط decrease
قال مصدر سياسي مطلع ل"المدن"، إن زيارة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل إلى تل أبيب ورام الله، ثم غزة، تمهد لدور مصري جديد بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأميركية ومباركة عربية وأوروبية بأن تتسلم القاهرة ملف التهدئة في غزة وما بعدها أيضاً. لذلك، جاء مسؤول المخابرات المصرية ليقول إن "حضور القاهرة في الملف الفلسطيني لم يعد مجرد وساطة يقوم بها الوفد الأمني المصري لإطفاء حريق غزة حينما يشتعل، كما جرت عليه العادة".

وبيّن المصدر أن المهمة التي أوكلتها واشنطن وأطراف دولية إلى القاهرة تنطوي على أكثر من غاية: الأولى وهي الأهم، ضمان استقرار السلطة الفلسطينية عبر إعادة توازنات القوى الفلسطينية الداخلية، من خلال إعادة تفعيل المسارين السياسي وفق حل الدولتين وكذلك الدعم المالي الذي يعزز مكانة السلطة، خاصة مع شعور حركة حماس بانتصار معنوي لاستحواذها على الزخم الشعبي بعد حرب غزة الآخيرة.

وتأكيداً على الغاية، كشف قيادي في السلطة الفلسطينية ل"المدن"، عن أن توجه وفد حكومي فلسطيني برئاسة نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو من رام الله إلى غزة، الأحد، جاء بطلب من رئيس المخابرات المصرية لكي يكون الوفد الحكومي الرسمي باستقباله في غزة لحظة وصوله الاثنين، وكي يضعه الوفد -كجهة رسمية فلسطينية- في صورة آليات اعادة الاعمار في غزة.

ويبدو الدافع وراء هذا الطلب المصري هو الإيحاء بأن السلطة حاضرة كجزء من صناعة القرار في إعادة إعمار غزة، بهدف تعزيز مكانتها ودورها.

وتُصرّ الولايات المتحدة على أن الأموال الدولية لإعمار غزة يجب أن تدخل إما عن طريق مصر أو عبر آلية أخرى، تحت إشراف السلطة الفلسطينية برقابة دولية، بعيداً عن حماس.

وعبّر القيادي المقرب من رئيس السلطة عن شعور بالرضا مما وصفه بالدور المصري "الجديد بمحتواه" على ضوء قوة الدعم الذي يتلقاه بإجماع أميركي وروسي وأوروبي وإقليمي، موضحاً أن القاهرة تتحرك في الملف الفلسطيني بتفويض دولي وعربي ما يعطي لمصر قوة التدخل الإيجابي، بعد أن شهد دورها تراجعاً على مدى أربع سنوات حيث اتسم الدور بالحذر والمحدودية.

وأما الغاية الثانية لزيارة عباس كامل، تتعلق بأمرٍ مُلحّ تتم صياغته والتفاوض عليه، يتعدى مسألة إعادة الإعمار وتحقيق التهدئة. ويتعلق هذا الأمر بصفقة تبادل الأسرى، خاصة وأن السيسي وجّه لإطلاق مفاوضات تقود لصفقة تبادل.

ونشرت فدوى البرغوثي على صفحتها في فايسبوك منشوراً مرفقاً بصورة الأسير الفتحاوي مروان البرغوثي، وقد علقت عليها: "لنا لقاء قريب".. وهو ما دفع إلى التساؤل عما إذا كان ثمة تقدم بمفاوضات سرية حول أسماء الاسرى الذين تطلب حماس تحريرهم في إطار صفقة التبادل.

لكنّ رئيس شبكة الاقصى الإعلامية التابعة ل "حماس" وسام عفيفة قال ل"المدن"، إن اسرائيل تضغط باتجاه صفقة كبيرة وشاملة لجنودها الأسرى، وأن حماس ترفض ربط ملف التبادل بالتهدئة وإعادة الاعمار، غير أن حماس لا تمانع فتح مسار تفاوضي جدي للتبادل بشرط فصله عن أي ملفات آخرى خاصة بغزة.

وحسب عفيفة، فإن مفاوضات التبادل لن تكون حاسمة في هذه المرحلة لأنها تحتاج إلى حكومة مستقرة في إسرائيل قادرة على اتخاذ القرار ودفع الثمن. وهنا يتوقع عفيفة أن تكون هناك مفاوضات جدية لمناقشة عروض لكن نتيجتها ستأخذ وقتاً. بينما أفادت مصادر سياسية بأن عدم وجود حكومة إسرائيلية "قويّة" ليس عقبة كبيرة أمام إنجاز صفقة، لأن الصفقة المرتقبة لن تكون كبيرة على غرار صفقة التبادل السابقة مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط.

وتوقع عفيفة زيارة وفد من حماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إلى القاهرة خلال الاسبوع الجاري، في سياق نشاط مكثف لتدارك نتائج الحرب الاخيرة على غزة.

وتقر حركة حماس بأن رفع المصريين مستوى التمثيل برئيس المخابرات عباس كامل يعني أن القاهرة تدخل إلى الملف الفلسطيني بثقل قوي. لكنها تعتقد أن الاختبار الجدّي لهذا الدور يتجلى بالنتيجة بناءً على القدرة على تثبيت وقف النار من دون صواعق للتفجير وهذه مهمة ليست سهلة، خاصة أن الاحتلال يقايض تسهيلات غزة بإنجاز أكبر يتمثل باستعادة جنوده الأسرى.

من جانبه، قال مصدر سياسي مصري ل"المدن" إن القاهرة تحولت من مجرد وسيط إلى شريك، وأن هذا سيفسر التحركات المصرية اللاحقة؛ إذ ستقود المراحل التالية بعد وقف النار، للمحافظة على الزخم الذي تحقق. وأوضح أن الوفد الأمني المصري الذي هيأ مُسبقاً لزيارة عباس كامل، أجرى مباحثات أمنية حثيثة استباقية مع كل من إسرائيل وحماس، حتى يتم التوصل لتفاهمات تمهد لنجاح زيارة كامل على أمل ان تسفر لقاءاته عن اتفاقات ولو أولية ومبدئية.

وكشف المصدر أن هناك مواضيع ناقشها رئيس المخابرات المصرية مع السلطة الفلسطينية الأحد، وسيناقشها مع حركة حماس، أبرزها إعادة الإعمار وضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية لترتيب مرجعية فلسطينية لإعادة الإعمار؛ بغية إدماج حماس في الملف وتجاوز عقبة الرفض الدولي لتدخل الحركة في هذه المسألة. ولهذا، دعا كامل رئيس السلطة الفلسطينية لترؤس اجتماع فصائلي في القاهرة برعاية مصرية، يُتوج بالإعلان عن حكومة وحدة.

كما من المفترض أن يشدد كامل خلال مباحاثاته مع حماس على أن ملف التبادل والتهدئة طويلة الأمد تشرف عليه مصر علاوة على تشكيل حكومة وحدة كلّها وصفة وحيدة لإعمار غزة وتغيير واقعها الصعب.

وأوضح المصدر السياسي المصري أن رئيس المخابرات المصرية عرض على إسرائيل مسودة مشروع لاتفاق تهدئة طويلة الأمد وشاملة لكل الأراضي الفلسطينية، ثم ربطها بشرط إعادة الاعمار، بموازاة إنجاز "التبادل".

وتفيد معطيات "المدن" بأن لدى مصر خطة متدحرجة لتفكيك العقد الفلسطينية بما يخدم استقرار السلطة والحفاظ على الوضع القائم ومنع الانفجار وتمدده إلى مجمل الشرق الأوسط.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها