الجمعة 2021/05/14

آخر تحديث: 07:13 (بيروت)

ما هي قدرات "حماس" على خوض حرب طويلة؟

الجمعة 2021/05/14
ما هي قدرات "حماس" على خوض حرب طويلة؟
© Getty
increase حجم الخط decrease
تبدو الحرب الرابعة التي يشنها الآن الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة، منذ عام 2008، وكأنها مُناسبة مُلحّة لكتائب "القسّام" كي تستعرض ترسانتها العسكرية على مستوى الصواريخ أو الطائرات الانتحارية، إضافة إلى وسائل أخرى لم يُكشف عنها بعد.

وراحت كتائب "القسام" الذراع العسكرية ل"حماس" على وجه التحديد تليها "سرايا القدس" التابعة للجهاد الاسلامي، تستعرضان نتاج صواريخهما التي طورتها منذ انتهاء الحرب الماضية عام 2014.. فكانَ الإعلان يلي الآخر عن صواريخ أشد تدميراً وأدق توجيهاً ومروراً بتحسن طرأ على المسافات الجديدة للعمق الاسرائيلي التي تصلها.

وكان أحدث إعلانات كتائب القسام عن طائرتها المُسيرة محلية الصنع من طراز "شهاب" تم استخدامها لقصف منصة الغاز في عرض البحر قبالة ساحل شمال غزة، الأربعاء، وتحشداتٍ عسكرية إسرائيلية على حدود القطاع ظهر الخميس. فضلاً عن الكشف عن صاروخ "عياش 250" بعيد المدى الذي أطلقته الكتائب على مطار رامون استهدف جنوب فلسطين على بعد نحو 220 كم من غزة.

لكن هل تستطيع المقاومة خوض معركة طويلة؟

يقول مصدر مطلع من "حماس" ل"المدن" إن المقاومة قادرة على خوض معركة طويلة بحيث "تواصل دكّ العمق الاسرائيلي بالصواريخ لمسافات متعددة"، بغض النظر عن كثافة إطلاق هذه الصواريخ التي ستقل مقارنة بالأيام الاولى؛ وذلك لأن المقاومة تعتمد توزيعاً زمنياً وكمياً لعملية الإطلاق تضمن مواصلة الحرب الطويلة، موضحاً ان القسام استطاعت الاستمرار بإطلاق الصواريخ مدة 53 يوماً في حرب 2014 رغم الأضرار التي طالتها نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف.

وبينما ذكرت صحيفة "هآرتس"، أن سلاح الجو الإسرائيلي فوجئ بمدى صواريخ حماس؛ إذ اعتقد أنها تصل إلى 160 كيلومتراً فقط على أبعد تقدير، شدد المصدر من حماس على أن من يقيم في غزة يدرك مدى استعداد القسام لهذه الحرب القاسية بدليل أن المناورة والتدريب وتجربة الصواريخ في عرض بحر غزة كانت تسير بوتيرة مكثفة منذ انتهاء حرب 2014، وهو ما يعني أن ما لدى القسام من صواريخ كماً ونوعاً أفضل مما كان عليه الحال قبل سبع سنوات.

وتشير الأرقام الإسرائيلية إلى أن فصائل المقاومة الفلسطينية أطلقت أكثر من 1600 صاروخ منذ بدء الحرب، مساء الإثنين، بينها عشرات الصواريخ نحو تل أبيب ومحيطها. وهناك تقديرات غير مؤكدة عن 14 ألف صاروخ بحوزة المقاومة.

وتُظهر اسرائيل عدم رغبتها بالتوصل في هذا التوقيت إلى وقف لإطلاق النار عبر الترويج بأنها تريد مواصلة عملياتها حتى تحقق هدفها "المرجوّ" إضافة إلى تلويحها بالمعركة البرية من خلال الدفع بكتائب برية إلى حدود غزة الشرقية.

بيدَ أن مصادر حماس قالت ل"المدن"، إنها تعتقد أن إسرائيل غير جادة بشن معركة برية واسعة وأن الأمر لا يتعدى أكثر من كونها "حرباً نفسية" لدفع حماس إلى قبول وقف لإطلاق النار بصورة "المهزومة" وأن تقبل بهدنة طويلة الأمد منعاً لتكرار جولات التصعيد.

وتابعت المصادر: "لا نعتقد أن إسرائيل في وضع قادرة فيه على تحمل تداعيات المعركة البرية لأن المقاومة ستستخدم حينها وسائل إضافية في المعركة مثل الضفادع البشرية (هجمات عبر البحر) والأنفاق وغيرها".

بدوره، يقول المتخصص بشؤون الفصائل الفلسطينية عامر أبو شباب ل "المدن"، إن مدى قدرة الأجنحة العسكرية على الصمود في حرب إسرائيلية طويلة براً وبحراً وجواً يعتمد على عناصر أربعة: الأول هو سيطرة حماس التامة على أراضي غزة، ما يُمكنها من هامش حرية الحركة الميدانية.

وأما الثاني، فيتمثل بالخوف الاسرائيلي من التحرك البري إلى عمق قطاع غزة باعتباره مكلفاً ضمن كثافة سكانية فلسطينية هي الأعلى عالمياً في مساحة جغرافية صغيرة. فتقديرات إسرائيل تتحدث عن مقتل 500 جندي إسرائيلي إذا حصل سيناريو التوغل البري إلى عمق المساكن في القطاع.

ويكمن العنصر الثالث، بأنه قد أصبح لدى القسام وسرايا القدس تجارب عسكرية وأمنية وسياسية خلال الحرب بطريقة لا تخلو من المناورة على أكثر من صعيد. إضافة إلى أنه لدى حماس تجهيزات عسكرية لحرب الشوارع والبر لم تكشفها بعد، بحسب ما يؤكد خبراء عسكريون ل"المدن".

وأخيراً يقضي العنصر الرابع بأن لدى الفصائل في غزة قدرة محدودة كأقل تقدير على التصنيع أثناء الحرب، أي بالحد الأدنى يمكنها أن تصنّع بضعة صواريخ يومياً في أماكن سرية. لكن لو أطلقت المقاومة أربعة أو خمسة صواريخ يومياً اتجاه البلدات الاسرائيلية فيعني ذلك قدرتها على الدخول في حرب مفتوحة.

مع العلم أن ثمة عاملاً آخر يلقي بظلاله على سيناريو الحرب البرية وهو أن مصر متخوفة من هذا الشكل من المعركة لدرجة أن تضغط على اسرائيل لعدم تنفيذها، كونه يؤدي إلى لجوء أعداد كبيرة من سكان غزة إلى سيناء. كلها عوامل مجتمعة تضمن لحماس القدرة على المناورة لوقت أطول.

وقد صرح نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري مؤخراً أن كثيراً من الصواريخ الجديدة لم تطلقها المقاومة بعد. كما قال قائد حماس في غزة يحيى السنوار أثناء اجتماعات الفصائل في القاهرة قبل أشهر بحضور المخابرات المصرية، إن القسام قادرة على دكّ العمق الإسرائيلي بصواريخ لستة أشهر متواصلة.

ويؤكد عامر أبو شباب المقيم في غزة ل"المدن"، أن ما يمكن استنتاجه من المعركة الحالية هو وفرة بانتاج الصواريخ ومرابض إطلاقها الكترونياً وفشل كشفها استخباراتياً من قبل إسرائيل، مضيفاً أن اطلاق العشرات منها دفعة واحدة اتجاه تل أبيب وعسقلان بحيث تفوق قدرة القبة الحديدية على اصطياد الكثير منها هو تكتيك نتاج خبرات متراكمة للقسام والسرايا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها