قسد تتقدم في القامشلي..النظام يحشد العشائر بعد فشل الوساطة

عادت المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري في مدينة القامشلي في ريف محافظة الحسكة بعد فشل الوساطة الروسية في تمديد فترة التهدئة ووقف إطلاق النار بين الجانبين.

ويشهد حي طي ومحيط مدرستي حسن باران وحلكو في القسم الجنوبي من المدينة معارك عنيفة وسط قصف متبادل بالهاون والرشاشات الثقيلة. وتسبب انتشار القناصة من الجانبين على أسطح المباني السكنية والتجارية في منطقة الاشتباك بثبات نسبي لخطوط السيطرة ووقوع خسائر بشرية كبيرة من الجانبين، وتسبب أيضاَ بمنع مرور ما تبقى من المدنيين الراغبين بالنزوح من المنطقة، وتسببت الاشتباكات والقصف بمقتل وجرح عدد من المدنيين بينهم أطفال.

ودفعت قسد بأكثر من 1000 مقاتل من القوات الخاصة إلى داخل القامشلي وزادت من عدد المدرعات على خط المواجهة مع "الدفاع الوطني"، وتمكنت من السيطرة على عدد من المباني السكنية والتجارية والمواقع العسكرية داخل حي طي، وصادرت كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة التي تركها عناصر النظام المنسحبين من مواقعهم إلى داخل الحي.

ودفعت "كتائب البعث" التابعة للنظام بمزيد من التعزيزات العسكرية للمشاركة في المعارك الى جانب ميليشيا الدفاع الوطني بعد مقتل قائد بارز فيها يدعى عبد القهار هلوش. وسلمت الكتائب أسلحة خفيفة لأعضاء حزب البعث في القامشلي للمشاركة في القتال الذي اشتركت فيه أيضا مجموعات تتبع لفرعي الأمن العسكري والسياسي، والعشرات من أفراد قبيلة طي التي استنفرت معظم أبنائها لصد هجوم قسد.

ويرجع التصعيد بين الجانبين الى عوامل، أهمها مطالبة قسد بحل ميليشيا الدفاع الوطني في القامشلي، وتسليمها قائمة من الأشخاص المطلوبين، ورفضها الانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها داخل حي طي وفي عدد من الأحياء المحيطة التي يسكنها أبناء قبيلة طي، وهذه المطالب كانت سبباً في فشل تمديد اتفاق وقف إطلاق النار ظهر الخميس، برعاية روسية.

وقال مصدر محلي في القامشلي ل"المدن": "بعد أن استؤنفت المواجهات بين الجانبين استطاعت قسد إحراز تقدم كبير على حساب الدفاع الوطني وفي وقت قياسي، لكن مقتل أحد شيوخ عشيرة بني سبعة هايس الجريان دفع بالمزيد من أبناء العشائر للاشتراك في المعارك ضد قسد لتعود خريطة السيطرة الى ما كانت عليه من جديد وحصل مرة أخرى توازن في القوة بين الجانبين".

واتهمت قسد النظام السوري بقتل الشيخ الجريان لأنه حاول التدخل مع وجهاء آخرين من أجل التهدئة، وقالت مواقع إعلامية موالية لقسد إن "الجريان من الشخصيات الوطنية التي تؤمن بفكر الأمة الديمقراطية، ودعا بشكل دائم إلى وحدة المكونات". بينما وجّه الدفاع الوطني تهمة قتل الشيخ الجريان لقسد، وحاول النظام الاستثمار في الحادثة لدفع المزيد من العشائر للانخراط في المعارك ضد قسد.

وقال عضو مركز المصالحة الروسي في سوريا عمر رحمون في تغريدة، إن "صمود عشيرة طي في القامشلي هو المنطلق لالتفاف العشائر العربية الأخرى حولها للانطلاق نحو تحرير محافظة الحسكة بشكل كامل".

ويرى الباحث في مركز جسور للدراسات فراس فحام أن " تصعيد قسد ضد أذرع النظام العسكرية والعشائرية في القامشلي تقف خلفه الولايات المتحدة والتي كانت تراقب عن قرب مساعي النظام وحلفاؤه في محافظة الحسكة لتجنيد أبناء العشائر وتوسعة نفوذ النظام في المنطقة في مواجهة قسد والوجود الأميركي، والتحرك الأخير يهدف إلى إفشال الخطة المفترضة للنظام وروسيا وإيران".

وأضاف فحام ل"المدن"، أن الإدارة الأميركية تحاول الضغط على روسيا في ملفات متعددة، ومنها سوريا. وقال: "رأينا كيف فعل الأميركيين في أوكرانيا، حيث أرسلوا مجموعات لدعم الجيش الأوكراني في مواجهة روسيا، وفي سوريا يندرج تحرك قسد ضد الدفاع الوطني والنظام وعشائره في إطار الضغط على روسيا، كما أن تطويق حي طي رسالة للعشائر الموالية بأن أي تحرك من جانبها يثير الفوضى في المنطقة لحساب النظام سيتم مواجهة بالنار".

وفي تصريح لشبكة "روداو"، قال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي إن بلاده ستبذل جهدها لوقف الاشتباكات الدائرة في مدينة القامشلي. وأكد أن واشنطن تسعى لحل التوتر السائد في القامشلي على خلفية الاشتباكات الحاصلة عن طريق الحوار. وأضاف أن "قوات سوريا الديمقراطية شريك مهم جداً لنا وهي تقوم بحماية جنودنا".

من جهته، قال المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة ل"المدن"، إن "قسد متواجدة بقوة في المنطقة ومدعومة أميركياً وخطوط إمدادها قريبة ومتصلة بعكس النظام الذي يبدو شبه محاصر في محافظة الحسكة".

وأعرب عن اعتقاده بأن قسد ستواصل معركتها الى أن تصل الى "أهدافها". وأضاف "لن يستطيع النظام حشد العشائر الى جانبه في الحسكة، الأميركيون هناك ولديهم علاقات واسعة مع أبرز شيوخ العشائر المنتشرة في المنطقة وقبيلة طي هي جزء من المكون العشائري وليس كله".