الأربعاء 2021/03/31

آخر تحديث: 13:23 (بيروت)

هل تُلغى الانتخابات الفلسطينية بذريعة القدس؟

الأربعاء 2021/03/31
هل تُلغى الانتخابات الفلسطينية بذريعة القدس؟
© Getty
increase حجم الخط decrease
"لا انتخابات دون القدس"، إاسرائيل ترفض مجيء المراقبين الأوروبيين بحجة كورونا"، "حوارات اللحظة الأخيرة لثني الاسير مروان البرغوثي عن تشكيل قائمة انتخابية"، "ولادة قائمة فتح بعد مخاض صعب".

هكذا توالت الوقائع والأحداث المتسارعة في الساعات الاخيرة قبيل انتهاء عملية الترشح للانتخابات التشريعية المقررة في أيار/مايو، إذ تحين ساعة الصفر لإقفال باب الترشح مع حلول منتصف ليل الأربعاء/الخميس، وذلك بتسجيل أكثر من 26 قائمة انتخابية.

هذا الزخم تزامن مع أحاديث متواترة عن التأجيل عبر اتخاذ القدس ذريعة للهروب من استحقاق الانتخابات أو تأجيلها- حسب مخاوف أبداها مراقبون- على ضوء وجود 4 أو 3 قوائم ل"فتح"، إحداها رسمية، وأخرى يترأسها المفصول من الحركة ناصر القدوة، وقائمة للقيادي المفصول محمد دحلان، فضلاً عن تلويح مقربين من الأسير مروان البرغوثي بأنه أوعز بتشكيل قائمة محتملة.. ناهيك عن خلافات داخل أروقة الحركة إزاء تشكيلة قائمة "فتح الرسمية"، فضلاً عن قوائم "الظل" (المحسوبة بشكل غير مباشر على أحزاب وتيارات)؛ الأمر الذي عزز مطالبات "خفيّة" لتأجيل الإنتخابات.

وتعالت أصوات محسوبة على فتح وبعض الفصائل تحت عنوان "لا انتخابات دون القدس".. وكانت باكورتها بخروج المئات من فتحاويي القدس ومحافظات أخرى مساء الثلاثاء، في وقفة أمام مقر المجلس التشريعي برام الله، أكد خلالها المشاركون أن "لا انتخابات بدون القدس ترشيحاً وانتخاباً، واستثناؤها كسرٌ للقاعدة الوطنية".

كلّ هذا، ترافق مع تحذيرات إعلامية عبرية من الانتخابات الفلسطينية إذا لم تكن لمصلحة إسرائيل، فيما كُشف النقاب قبل أيام عن تحذير نقله رئيس جهاز "الشاباك" إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من مغبة السماح بعودة نشاط حماس إلى الضفة الغربية.

وافترض مدير عام هيئة البث العام الإسرائيلي الأسبق "يوني بن مناحيم" أن إعلانًا إسرائيلياً لاحقاً بمنع إقامة الانتخابات في القدس "سيمنح رئيس السلطة محمود عباس فرصة النزول عن الشجرة وإلغاء الانتخابات".

لكن إسرائيل تلتزم الصمت رسمياً حتى الآن. وهذا ما يؤكده مسؤول الإعلام في مكتب الاتحاد الأوروبي في القدس شادي عثمان ل"المدن"، إذ قال إن إسرائيل لم تبلغ الاتحاد بموقفها حيال الانتخابات الفلسطينية عموماً سواء في القدس أو غيرها، موضحاً أن أوروبا تتوقع من الأطراف جميعها أن تُسهّل إجراء الانتخابات بكل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأقرّ ب"حساسية موضوع القدس".

لكن عُثمان رفض الإجابة على سؤال "المدن" حول إمكانية تفهّم أوروبا إلغاء عباس الانتخابات، حال منعت إسرائيل إجراءها في القدس، قائلاً: "لا إجابة على أسئلة استباقية. ما يهمنا هو تسهيل الانتخابات".

بيدَ أنّ الباحث بمؤسسة "فريدريتش ناومان" الألمانية في القدس سليمان أبو دية أوضح ل"المدن"، أن بعض الدول الأوروبية أبلغت السلطة في رام الله بأن لا تجعل من القدس سبباً للتراجع عن الانتخابات حتى لو منعتها اسرائيل ما دام "هناك بدائل".

وبحسب مصادر "المدن"، فإن قيادات فلسطينية بحثت مؤخراً مع أطراف دولية، إمكانية تأجيل الانتخابات لثلاث حجج هي: كورونا والقدس، إضافة إلى تعقيدات المشهد الفلسطيني التي تحتاج إلى ترتيب "مُتقن" لإنجاح الانتخابات؛ علّها تحقق غايتها المنشودة في تجديد الشرعيات.
ويرى خبراء الانتخابات أن القدس ليست مشكلة تحول دون إجراء الانتخابات.. بل إن الاخيرة بمثابة فرصة لخوض معركة سياسية وشعبية مع الاحتلال من أجل القدس، بموازاة إجرائها لا منعها وفق الذريعة.

وسط كل هذا، يُلاحظ هدوء نادر غير معهود منذ عقدين بين حركتي "فتح" و"حماس"؛ إذ اختفت أي مناكفة أو مشادات لافتة بين الطرفين سواء خلال فترة الترشح أو ما سبقها من حوارات بالقاهرة، ما دفع إلى التساؤل عن سر ذلك.

ويقول مصدر من "حماس" ل"المدن"، إن "فتح" كانت أمام خيارين؛ إما قائمة مشتركة مع حماس أو تؤجل الانتخابات". وأقرّ المصدر بأن محمود عباس رفض ضغوطاً مورست عليه في الأشهر الاخيرة من مصر ودول أخرى لعدم التسرّع بالانتخابات، وأصر على إصدار مرسومه.. لكنه إذا أجّل الانتخابات الآن، سيكون من الصعب تحميل "حماس" المسؤولية. لذلك يعتقد المصدر أن عباس سيحاول إبرام صفقة مع "حماس" مقابل اتخاذ موقف مشترك وتوافقي بشأن سيناريو التأجيل.

وبحسب المصدر من "حماس"، فإن السؤال هو: ماذا سيقدم عباس لحماس من صيغة مقبولة ومُغرية مقابل توافقها على تأجيل الانتخابات أو تخفيف حدة موقفها؟.. لأنه من دون ذلك ستحصل فوضى إذا اتخذ قرار التأجيل وحيداً خاصة بعد مرحلة الترشّح. يبدو أن مفتاح التأجيل بيد "حماس" أيضاً.

مسؤول في "فتح" قال ل"المدن"، إن ألغاماً يمكن أن تؤجل الانتخابات، كون حركته لن تقبل بحلول بديلة غير إجراء الانتخابات في القدس. وأقرّ بأن المعركة الانتخابية التي تخوضها "فتح" ليست سهلة، في ظل مخاطر خسارتها اصوات لصالح قوائم أخرى انشقّت عنها أو مستقلّة، الأمر الذي اعتبره "انتحاراً".

قائمة دحلان تستعدّ جيداً
من ناحية ثانية، أفادت مصادر ل"المدن"، بأن محمد دحلان إستعد جيداً لهذه الانتخابات، إذ اشترى في الشهر الأخير وسائل إعلام في غزة بعدما واجهت الافلاس، وشغّل لصالحه إعلاميين فقدوا عملهم.. إضافة إلى قيامه بحجز مسبق للوحات إعلانية ضخمة كي يوظفها في دعاية قائمته الانتخابية. على عكس "فتح" التي لم تتخذ خطوات لوجستية مماثلة توحي بأنها تستعد جيداً.

بالمحصلة، تبدو الإجابة على سؤال بشأن حدوث الانتخابات من عدمه، أكثر ضبابية خاصة مع وجود اكثر من لاعب وعامل، سواء محلياً أو إسرائيلياً وحتى دولياً. مع العلم أنه لا يوجد موقف واضح من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حيال الانتخابات الفلسطينية. ناهيك عن مستجدات تتخذ منحى أكثر تعقيداً بالنسبة ل"فتح"؛ ما جعلها تُعدّل معيار اختيار مرشحيها في الساعات الآخيرة، فضمّنت قائمتها قادة من مركزيتها والثوري ووزراء سابقين ومُحافظين وأسرى وغيرهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها