الخميس 2021/02/04

آخر تحديث: 15:20 (بيروت)

وثائقي إسرائيلي عن حافظ الأسد:هزيمة ال67 التي غيّرت شخصيته

الخميس 2021/02/04
وثائقي إسرائيلي عن حافظ الأسد:هزيمة ال67 التي غيّرت شخصيته
© Getty
increase حجم الخط decrease
مِن صدام حسين إلى ياسر عرفات فجمال عبد الناصر، ومروراً بحافظ الأسد.. هي سلسلة حلقات أفلام "وثائقية" تبثها القناة التابعة لهيئة البث الإسرائيلية "كان"، تتخذ شكل "البروفايل" التعريفي ل"زعماء عرب دكتاتوريين" بعين الاستخبارات الإسرائيلية.

في مستهل كل حلقة ضمن السلسلة بعنوان "أعداء يحيطون بنا" تبثها القناة العبرية أسبوعياً عن "زعيم" جديد، ترد جُملةً مكتوبة على الشاشة المستطيلة ومفادها: "في الشرق الأوسط القائد هو بشكل عام الشخص الوحيد الذي يقرر، ومعرفة شخصيته وأفعاله وأفكاره ضرورية لإحباط نواياه الهجومية".


ويزعم القائمون على السلسلة أن محتوى الفيلم قائم على "معلومات جمعتها الاستخبارات الإسرائيلية بواسطة عملاء وحملات ميدانية، وتنصّت، ومن خلال شخصيات اجتمعوا معهم، حتى بنت صورة عن شخصية كل زعيم.. والهدف اختيار الوسائل المناسبة وتفعيلها للتعامل مع العدو".

ويعود السبب في حصرية بث قناة "كان" لهذه السلسلة إلى أنها تمتلك أهم الوثائق والمعلومات الأرشيفية عن الزعماء العرب خاصة في الدول العربية المتاخمة لدولة الاحتلال.

وافتتحت القناة العبرية السلسلة ببث فيلم عن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ثم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وأيضاً الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، ومروراً بحلقة وثائقية عن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.. وستبث لاحقاً حلقة عن الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وأخرى عن مرشد الثورة الايرانية روح الله الخميني.

وركزت أحدث حلقة وثائقية بثتها القناة الإسرائيلية عن حافظ الأسد قبل يومين، على أبرز المحطات والمعلومات الشخصية والعامّة حول نشأته وحياته و صعوده في سلم الحكم، حيث حملت الحلقة عنوان "رجل العصابة من دمشق الذي سيطر على سوريا وتحول إلى الإرهاب".

وعلى طريقة سابقاتها من سلسلة "الأعداء" الوثائقية عن زعماء آخرين، فإن حبكة الفيلم حاولت أن تجد رابطاً بين الطفولة وطبيعة النشأة ومكانها وظروفها والمواقف القاسية التي عاشها، حتى تحوّل إلى "الديكتاتور" و"الزعيم الأوحد".. فقالت إن حافظ هو ابنُ عائلة فلاحين بسيطة ولد 1930 في بلدة القرداحة النائية المتربعة على جبال الشمال الغربي لسوريا.

كان اسم عائلته "الوحش" وبعدها غيره الى "الأسد"، معتبرة أنه كان لديه طموح عالٍ وقد ذهب للدراسة في الكلية العسكرية في حمص وهناك تعرّف الى زميله في الدراسة مصطفى طلاس الذي عيّنه بعد انقلابه ضد الرئيس صلاح جديد في العام 1970 وزيرا للدفاع.. وذلك في عملية "تطهير من الخصوم" أقال خلالها كل قيادة الجيش وعلى رأسها القائد العام أحمد السويداني وضباط كبار أيضاً أدخلهم السجون؛ لاتهامه إياهم بالتقصير الى حد الخيانة في حرب حزيران/يونيو 1967 الذي هزمت فيها سوريا وفقدت كامل الجولان وجبل الشيخ.

يتحدث الفيلم كيف أنه كان للهزيمة وقع كبير على نفسية حافظ الأسد..فانعزل لأيام قبل أن يتخذ "قرارات استراتيجية"؛ إذ بنى دوائر سياسية "متحدة المركز" - في الدائرة الأعمق كانت الأسرة الممتدة، والتي ضمّت عشرات الأشخاص. ثم دائرة من كبار الضباط وقادة الفرق وقائد القوات الجوية وقائد المخابرات. مع مرور الوقت، تشكّلت روابط شملت صلات عائلية مع شخصيات برجوازية سنية.

وفي الجيش، بنى الأسد دوائر عسكرية هرمية لا تخلو من تقسيمة طائفية تحميه من الانقلاب. حيث اعتمد طريقة "الساندويتش" في التعيينات من قبيل (ضابط سنّي وتحته ضابط علوي وفوقه علوي..وهكذا). .

في الدائرة الثالثة تقرّب حافظ من أهل السنة- وفق الفيلم الاسرائيلي- فعيّن منهم الوزراء والسفراء مع مقربين علويين أدّوا دور "الظل"، منعاً لإحتمال الانقلاب والتمرّد.. وأجمع المتحدثون باللغة العبرية في الفيلم وعددهم عشرة أشخاص على أن طريقة التعيينات كانت "ذكية وناجحة" قد مكّنت الأسد من حماية حُكمَه. وهكذا أصبح حافظ "الأب الروحي" لسوريا.

وتطرق الفيلم لمذابح نفذها الأسد لحماية حكمه.. وعندما عارض الإخوان المسلمون حكم الأسد، تحول الأخير إلى "وحش" مرة أخرى- حسب الفيلم- ونفذ في شباط 1982 مجزرة في مدينة حماة قتل فيها آلاف المدنيين.

وعدّد الفيلم الوثائقي سمات "إيجابية" لحافظ الأسد ثم نقيضها نتيجة الأزمة النفسية التي عايشها بسبب "كابوس" حزيران عام 1967 وخسارة الجولان، ما دفعه إلى رغبة قوية في أن يكون هو مَن يقرر ويحدد كيفية سير الأمور. كان الأسد قبل الحرب "رجلاً أميناً وصادقاً وطيباً"، ولكن بعد الهزيمة، استبدل مزاجه "الجيد" برغبة في تولي زمام الأمور، وفق الفيلم.

لم ينسَ الفيلم أن يتطرق إلى الهزيمة في حرب "يوم الغفران" كدافع آخر لحافظ الأسد من أجل أن يتوغّل في الحقل اللبناني بحجج مختلفة ومروراً بدعم هجمات ضد إسرائيل .

الفيلم وصف حافظ الاسد بأنه "رجل براغماتي": لم يكن أيديولوجياً، لكنه استخدم الأيديولوجيا وكان رصيناً في علاقاته مع روسيا وإيران وأيضاً مع عدوه المكروه - إسرائيل. بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، قرّر الأسد الاقتراب من الولايات المتحدة وفتح مفاوضات مع إسرائيل، لكنها لم تنجح. في 10 حزيران/يونيو 2000 مات الرئيس السوري بعد 30 عاما في السلطة. نجله بشار حلّ مكانه ويحكم سوريا منذ 20 عاما.

اللافت أن المتحدثين الإسرائيليين (ضباط أمن سابقون وخبراء) لم يتطرقوا خلال الحلقة الوثائقية الخاصة بحافظ الأسد إلى أي مخطط كان لديهم لاغتيال حافظ الاسد، عكس الحلقات الخاصة بصدام حسين وعبد الناصر، وعرفات.. حيث تحدثوا عن السمّ والقصف بالطائرات والقنص كخطط إسرائيلية للاغتيال.

الباحث الإسرائيلي مردخاي كيدار أخذ على الفيلم الوثائقي الذي بثّته "كان" أنه ينتقص لمعلومات هامة عديدة؛ أبرزها، أن حرب تشرين الأول/اكتوبر عام 1973 التي حقق فيها الجيش السوري نصراً مقابل اسرائيل، تزامنت مع عيد ميلاد حافظ الاسد الذي يصادف السادس من تشرين الأول. ففعلها ضباطه لتكون "هدية عيد ميلاده".

وأما النقطة الثانية "المُغيّبة"- وفق كيدار صاحب أطروحة الدكتوراة عن الاسد وسوريا- هي يوم وفاته في 10 حزيران 2000، فهي تزامنت مع تاريخ هزيمة 1967. واعتبرها "دليلاً على أن قلب حافظ قد تعب من ذلك اليوم الأسود.. وكأنّ الدولة السورية مختزلة بشخصه".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها