الإثنين 2021/11/22

آخر تحديث: 12:04 (بيروت)

القدس:عملية باب السلسلة نموذج فلسطيني..تخشى إسرائيل تكراره

الإثنين 2021/11/22
القدس:عملية باب السلسلة نموذج فلسطيني..تخشى إسرائيل تكراره
© Getty
increase حجم الخط decrease
تُرجح المستويات الأمنية الإسرائيلية أن عملية باب السلسلة في القدس القديمة، التي نفذها المقدسي الأربعيني فادي أبو شخيدم صباح الأحد، هي منفردة، أي أنه لم يتلقَ أوامر مباشرة بتنفيذها، سواء من قيادة حماس في غزة، أو الخارج، بالرغم من انتمائه للحركة.

ويُصنف الأمن الإسرائيلي الشهيد أبو شخيدم ك"ذئب منفرد لحماس"، لكنه يحقق في ما إذا كان قد أشرك آخرين من مجتمعه المحلي في عملية التخطيط أو المساعدة؛ لأن زوجته وجزءاً من أبنائه سافروا إلى الخارج قبل ثلاثة أيام من ساعة الصفر  لوقوع العملية. كما ينصب التحقيق الآن على تحديد الجهة التي اشترى منها، أو حصل ابو شخيدم، من خلالها، على سلاح الرشاش من نوع "كارلو"، المعروف بأنه من صنعٍ محلي، لإستخدامه في العملية.

وبقراءة سلوك إسرائيل وردودها على عملية "باب السلسلة"، فإن أكثر ما يُشغل الجهات الأمنية الإسرائيلية في هذه الأثناء، ليس وقائع العملية وكيفية التخطيط المُجرّد لها، بقدر ما أنها انطوت على تأثير مختلف مقارنة بعمليات أخرى، وهو ما يجعل الأمن الإسرائيلي قلقاً من تحول صورة العملية إلى نموذج، سيعمل فلسطينيون آخرون على محاكاته. وقد عبّر عن هذه الخشية الإسرائيلية، عنوان أبرزه موقع "واللا" العبري، وهو: "استنفار في المؤسسة الأمنية: القلق من أن تؤدي صور منفذ العملية في القدس الى عمليات تحاكي عمليته"، وعنوان للقناة "12" الإسرائيلية: "خوف من عمليات تحاكي عملية القدس".

ثمة مجموعة من الأسباب جعلت عملية القدس الأخيرة مغايرة للكثير من العمليات الفردية، ما فرض تعاملاً أمنياً إسرائيلياً مختلفاً معها، وسعياً لإحتوائها واستباق تداعياتها: أولها، الطريقة المشهدية التي حرص عليها المنفذ فادي أبو شخيدم في العملية، عبر اختياره للوسيلة والأسلوب. فمنذ فترة، لم تقع عمليات إطلاق نار في القدس، وقد غلب على الكثير منها طابع عمليات الطعن الفردية، التي كانت تفشل وتنتهي، من دون نتيجة في غالب الأحيان.

ثانيا، اختياره لباب السلسلة (أحد أبواب المسجد الأقصى) مكاناً للتفيذ، وهذا أراده لتحقيق العامل المشهدي "المقصود". ويكمن السبب الثالث في جعل العملية ذات رجع للصدى، بالنتيجة التي تمثلت بمقتل مستوطن وإصابة آخرين.

وأما السبب الرابع، فهو فشل الأمن الإسرائيلي في التنبؤ بتصرفات الشهيد فادي أبو شخيدم، بالرغم من أنه سبق أن أدرجه جهاز "الشاباك" ضمن جماعة "شباب المسجد"، التابعة لحركة "حماس" في المسجد الأقصى، أي من المرابطين، علاوة على أنه معروف بآرائه ومواقفه المسبقة. بمعنى آخر، هو تحت أعين المخابرات الإسرائيلية بشكل مستمر، ولديه ملف أمني. وهُنا، تتساءل الدوائر الإستراتيجية في تل أبيب: "لماذا أخفقت الوقاية الأمنية الإستباقية في مثل هذه الحالة؟".

لكنّ محللين إسرائيليين حاولوا التخفيف من وطأة الحديث عن مفاجأة أمنية، بالقول: "صحيح، هذا الشخص منتمٍ لحماس، لكن لم يكن له سوابق أمنية من هذا القبيل، كان يُحرّض ويُعلّم..فقط، هو انزلق وانتقل من النظرية إلى التطبيق، وهذا مُتوقع، في حال توفر النية، والجاهزية، والوسيلة".

بينما يرتبط السبب الخامس بمكان سكن منفذ العملية فادي أبو شخيدم، وأيضاً عمله، فهو ينحدر من مخيم شعفاط بالقدس المحتلة، ويعمل أستاذاً للغة العربية والتربية الإسلامية في مدرسة الرشيدية التابعة للمنهاج الإسرائيلي، أي أنه يتلقى راتبه من وزارة "المعارف" الإسرائيلية. وهو أمرٌ يدعو تل أبيب إلى الوقوف كثيراً عند العملية وخلفيتها.

وذهبت تحليلاتٌ أمنية وإعلامية في إسرائيل إلى القول إنه بالرغم من أن تداعيات العملية المشهدية ستطال الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا أن تل أبيب ستعمل على إحتواء الأمر؛ لأنها غير معنية بالتصعيد في القدس، ولا أي مكان آخر. غير أنّ المسؤولين الإسرائيليين، سعوا إلى توجيه رسالة تهديد، مفادها: "إذا لزم الأمر، وشهدت إسرائيل توابع للعملية، وقام آخرون بمحاكاة فعل أبو شخيدم، فإن السلطات الإسرائيلية ستتصرف، بكل قوة، لعدم فقدان السيطرة، ومنع عمليات من هذا النوع قبل وقوعها".

وبشأن تداعيات العملية على قطاع غزة، فقد رجح مراقبون ألا تتدحرج التطورات الميدانية في القدس أو الضفة، إلى عملية عسكرية إسرائيلية ضد غزة في الأمد القريب، خاصة وأن أصواتاً إسرائيلية صعّدت ضد حركة "حماس" التي باركت عملية القدس. وشدد تحليل لصحيفة "إسرائيل اليوم" على ضرورة "أن تضع إسرائيل نهاية للعبة حماس المزدوجة، هدوء أو حرب في كل الجبهات، من دون أي فصل بينها".

وقال القيادي في حركة "حماس" حماد الرقب ل"المدن"، إنه لا يستطيع تأكيد أو نفي، أن يكون الشهيد فادي أبو شخيدم، قد نفذ عمليته بإيحاء من الحركة أو منفرداً؛ ذلك أن جهات محددة في الحركة هي التي تمتلك أي معلومات "دقيقة" بهذا الشأن، والوصول إليها ليس بالسرعة التي يريدها الإعلام، كما قال. 

لكنه، أوضح أن المؤكد هو أن أبو شخيدم أحد أبناء حركة حماس، وأنه "قام بالعمل مثله مثل شباب فلسطين الذين يتصدّون للعدو، لكثرة تماديه بدمائنا ومقدساتنا". واعتبر الرقب أنه ما يُبنى على العملية هو أنه "لا أمن ولا إستقرار للإحتلال، وأن كل إجراءاته لكبح الشعب الفلسطيني غير مجدية، فلن يهدأ طالما بقي الإحتلال". وتابع: "لا نكترث لتهديدات العدو لغزة، واللعب معنا ليس مزحة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها