الإثنين 2021/10/11

آخر تحديث: 19:57 (بيروت)

دمتري موراتوف ل"المدن":منحي جائزة نوبل ليس صدفة..ونافالني يستحقها

الإثنين 2021/10/11
دمتري موراتوف ل"المدن":منحي جائزة نوبل ليس صدفة..ونافالني يستحقها
© Getty
increase حجم الخط decrease
بعد نيله جائزة نوبل للسلام للسنة الحالية مع الصحافية الفيليبنية، كتب دمتري موراتوف في صحيفة "Novaya" التي ساهم في تأسيسها العام 1993 ويرأس تحريرها، بأنه لن يحتفظ لنفسه بقرش واحد من قيمة الجائزة (600 ألف دولار). ودعا "الزملاء المتعاونين" إلى تقديم إقتراحاتهم حول كيفية توزيع المبلغ على المؤسسة الخيرية "دائرة الخير" لمساعدة الأطفال المصابين بالقصور العضلي التي أسسها الرئيس فلاديمير بوتين مطلع العام الحالي، وعلى دُور العجزة وزملائه الصحافيين من المطبوعات التي أقفلت أخيراً، بفعل تضييق الكرملين وتشدده في ملاحقة الإعلام الناقد لسياسته، بناء على قانون "عميل أجنبي" المهين لحرية الصحافة. هذا القانون يلزم الموقع المدرج في قائمته بالتقديم لأي مادة ينشرها بالقول "هذه المادة ينشرها أو يوزعها موقع يقوم بوظيفة عميل أجنبي".

صحيفة "Novaya" هي المنبر الليبرالي الديموقراطي الأقوى و"حصن الصحافة النزيهة الأخير في روسيا"، على قول زعيم "الحزب الديموقراطي الروسي الموحد" غريغوري يافلنسكي في تهنئته موراتوف بنيل الجائزة. ولم تدرج، حتى الآن، على قائمة القانون المذكور، ولذلك تحاول هيئة تحريرها "السير بين النقاط" كما يقال، كي تبعد عن نفسها كأس هذا القانون قدر الإمكان. لكن الجميع يعرف، وعلى الرغم من تهنئة الناطق بإسم الكرملين وغيره من المسؤولين لموراتوف بالجائزة، لكن من شبه المؤكد أن الأمر سوف يحصل. والجائزة هي سبب "قانوني" بيد القضاء الروسي لإدراجها في القائمة المشؤومة، طالما أن رئيس تحريرها تلقى أموالاً من جهة أجنبية. 

اللافت أنه، في حين هنأ  مسؤولون في الكرملين دمتري موراتوف، أثارت الجائزة سخط المعارضة، وأعلن مؤيدو المعارض السجين ألكسي نافالني أن الجائزة كان يجب أن تمنح له. وكان دمتري موراتوف قد أيد في الإنتخابات البرلمانية في الشهر الماضي التصويت الإلكتروني، وانتقد تكتيك "التصويت الذكي" لأنصار المعارضة الذي دعا إليه ألكسي نافالني، كما انتقد تصويت المعارضين للحزب الشيوعي الروسي في العديد من الدوائر الإنتخابية. ويؤخذ على ألكسي نافالني تشدده القومي الروسي، وهو ما يشكل حساسية بالغة في الغرب حالياً، ويحول دون منحه جائزة نوبل.
لا تتوقف محاولات التضييق على الصحيفة والتهديد المباشر لمحرريها، بل وتعرض بعضهم للضرب المبرح في عاصمة الشيشان، مما جعل آخرين يغادرون روسيا نهائياً. ولذلك يمكن تفهم دمتري موراتوف حين تجاوز في إجاباته بعض أسئلة "المدن" المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، والتي سنعود إليها في غير هذه المناسبة، حيث أعين السلطات "متفتحة" على الصحيفة الآن أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل إحتفاء العالم أجمع بها. 

لدى سؤال الرجل ما إن كان صدفة أن تمنح له جائزة نوبل في ذروة الصراع بين روسيا والغرب، قال إنه ليس وحده من مُنح الجائزة، بل تقاسمها مع الفيلبينية "الصحافية البارزة" ماريا ريسا، "ولا يبدو أن لدى الفيلبين مثل هذه المشكلة". ورأى أن جائزة السلام أصبحت في السنوات الأخيرة "جزءاً من السياسة الكبرى، ومن المستبعد أن يكون ثمة صدفة هنا". وقال إنه يريد مع ذلك أن يصدق أن الأمر لا يتعلق به.

وبسؤاله عما إذا كان يعتقد بأنه على الرغم من أن الناطق بإسم بوتين ديمتري بيسكوف هنأه بالجائزة، فإن الكرملين يعتبر جائزته إستفزازاً له من قبل الغرب؟ قال إن البوليتولغ الروسي دمتري أريشكين قال في سياق تعليقه على جائزة السلام، إنه لم يكن بوسعهم منح الجائزة لصحافي من فرنسا أو ألمانيا. وحقيقة أنهم منحوا الجائزة لصحافي روسي، يعني أن للصحافة الحرة مشاكل كبيرة في روسيا. لقد كان استفزازاً من قبل الغرب لو كانت الجائزة مُنحت لألكسي نافالني، علماً أنه يستحقها كلياً، "ولو كنت أنا عضواً في لجنة نوبل، لكنت صوت له"، ولكان هذا قراراً سياسياً صرفاً، لأن ألكسي نافالني سياسي، أما "أنا فصحافي على كلٍ".

وحين قلنا له إن صحيفته "Novaya" لا تزال إحدى وسائل الإعلام الروسية القليلة خارج قائمة "عميل أجنبي"، ألا يعتقد بأن الجائزة ستسرّع بضمها للقائمة؟ قال إن مسؤولين في الكرملين هنأوه بالجائزة وطرح عليهم السؤال عينه. فأكدوا له أنه في هذه الحالة الخاصة لن تعتبر الجائزة تمويلاً أجنبياً إذا صرفت على الأعمال الخيرية.

وعما إذا كانت الصحيفة لا تزال تتعرض لأعمال الملاحقة والترهيب، قال إنه منذ بضعة أشهر غمروا مدخل المبنى، حيث توجد هيئة التحرير، بمادة سامة. ولحسن الحظ حدث الأمر ليلاً، وحين جاء الناس صباحاً إلى أعمالهم -وفي المبنى يوجد استوديو للتسجيل الصوتي ومعهد لدراسة قضايا النقل- كانت السموم قد تلاشت في الهواء، ولذلك لم يقع ضحايا. لكن الرائحة المقززة بقيت لأسابيع، وتم إخلاء الموظفين من المبنى، وتعين تغيير الأسفلت. وقال: "نحن نعرف من يقوم بذلك ولماذا"، لكن شرطة موسكو لم تعمد إلى البحث رسمياً عن هؤلاء الأشخاص، وهذه حادثة واحدة فقط.

وعن تقويمه لتدخل روسيا العسكري في سوريا ودعم بشار الأسد، قال إن يوماً واحداً من وجود روسيا في سوريا تبلغ تكاليفه 2,5 مليون دولار، و4 ملايين دولار وفق حساب الخبراء البريطانيين. وتشكل النفقات العسكرية حوالي نصف الموازنة الروسية تقريباً. أما كيف ينظر هو إلى هذا الأمر، فيجيب بالتساؤل عما إن كان بوسع السلطات الروسية رفض الوجود في المنطقة وعدم دعم الأسد؟ ويقول: "أعتقد أن الجواب سلبي أيضاً"، أي أنه ترك الجواب مبهماً.

وعن تقويمه لمشاركة روسيا في الصراعات المسلحة في سوريا وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، وكيف ينظر المجتمع الروسي للأمر، قال موراتوف إن القانون بشأن تشريع الشركات العسكرية الخاصة لا يزال قيد البحث منذ عشر سنوات. ويرى أنه ينبغي أن تشرع مثل هذه الشركات، وأن تعمل وفق القانون، وليس كما تعمل الآن ــــ خارج القانون.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها