الجمعة 2021/01/29

آخر تحديث: 12:09 (بيروت)

تحت أنقاض داريا والمعضمية.."جنى العمر" الذي نهبه الشبيحة

الجمعة 2021/01/29
تحت أنقاض داريا والمعضمية.."جنى العمر" الذي نهبه الشبيحة
© Getty
increase حجم الخط decrease
لم تفلح جهود العشرات من العائدين إلى المناطق الثائرة في ريف دمشق، بعد سيطرة النظام عليها، في استرجاع أموالهم المدفونة تحت التراب في أفنية بيوتهم، أو في أماكن سرية داخل المنازل.

وفيما كان البعض محظوظا بعد عثوره على طميرته المدفونة منذ سنوات، يقول سكان من بلدات بريف دمشق ل"المدن"، إنهم فقدوا ثروات تقدر بملايين الليرات السورية، سواء بسبب قيام جهات معينة الأرجح أنها من "الشبيحة" بسرقتها، أو لاختفائها تحت أكوام الردم، وفي بعض الحالات التي تعبر عن سوء حظ صاحبها؛ وُجدت الطمائر الورقية مهترئة أو متعفنة.

دفن الممتلكات لحمايتها
وتشير مصادر "المدن" من داخل المنطقة، إلى أن دفن المدخرات المالية والمصاغات الذهبية، كانت شائعة خلال فترة الحملات العسكرية الموسعة التي قام بها النظام، منذ العام 2012، حيث اضطر الآلاف للنزوح من مدنهم وبلداتهم نحو دمشق والمناطق الهادئة. وتقول مصادر من المنطقة: "قبل رحيلهم دفن العشرات مدخراتهم في حدائق منازلهم.. البعض لجأ إلى خلع بلاط الأرضية واضعاً الأموال تحتها ثم أعادها كما كانت".

وتشرح المصادر كيفية الحفاظ على المدخرات لا سيما الورقية من الرطوبة والتلف قائلة: "كانت الطريقة بلف رزم الأموال بطبقات كثيفة من النايلون، ثم تعبئتها داخل قطرميزات زجاجية وإحكام إغلاقها، بعدها تُدفن في التراب".

بدأت ملامح الصدمة بالنسبة لكثيرين عندما حان وقت العودة إلى المنزل بعد سنوات طويلة من التهجير. تفاجأ كثيرون بأن طمائرهم مسروقة. يقول أبو عبدو وهو مدني من مدينة داريا التي تمكن سكانها من البدء بعودة تدريجية وتحت رقابة أمنية مشددة صيف العام 2018، "قبل نزوحي، خبأت داخل تواليت إفرنجي غير مستعمل كمية من الذهب، ثم سددت المخبأ، وعندما تمكنت من العودة في العام 2019 لم أجد شيئاً".

يتابع أبو عبدو خلال حديثه مع "المدن"، أن شقته تعرضت لسرقة كاملة. فقد خُلعت الأرضية، والأبواب والنوافذ وانتُزعت أسلاك الكهرباء ويبدو أن أحد جنود النظام خلال عملية السرقة هذه قد انتبه إلى الذهب.

سوء تقدير للنتائج
جاءت فكرة دفن الأموال بسبب سوء تقدير لما سيحدث في ظل هجمات النظام التي طالت سنوات. في حين كان معظم النازحين، وبالأخص أصحاب الطمائر، يظنون أن المسألة لا تتعدى سوى أيام ويتمكنون من العودة.

في بعض المناطق مثل المعضمية وبلدات جنوبي العاصمة التي عقدت هدنة مع النظام خلال العام 2014، إنتهز سكان، فرصة الهدوء، واستخرجوا كميات كبيرة من الذهب والعملة الصعبة وأكداس من الأوراق المالية فئة ال500 وال1000 ليرة سورية، التي كانوا قد دفنوها.

 تقول أم عمار، التي دخلت مدينة المعضمية منتصف العام 2014، إنها تمكنت من إيجاد مبلغ 3 مليون ليرة حيث تركه زوجها في حديقة المنزل، وقامت بتهريبه مستغلة عدم وجود إجراءات مشددة على مرور المدنيين كالتي استحدثت على حاجز المعضمية-السومرية، بعد العام 2015.

مصدر أهلي من المعضمية قال ل"المدن"، إن أحد سكان مدينته النازحين في دمشق طلب منه عشية الهدنة، حيث كان يُسمح  بدخول المركبات وخروجها عبر معبر المدينة، أن يستخرج له طميرة تقدر ب55 ألف دولار بالإضافة إلى 3 قطرميزات مملوءة بالذهب. تمت العملية بنجاح. 

لكن صاحب الطميرة يُعتبر محظوظا مقارنة بعدد من الأشخاص الذين تحدثوا ل"المدن" عن فقدانهم كميات متفاوتة من الأموال لأسباب متعددة. يقول مواطن آخر ل"المدن"، إنه دخل إلى بلدة يلدا، عقب السماح للسكان بالعودة. تفقد على الفور حديقة المنزل حيث خبّأ كمية من المال بالعملة المحلية تقدر قبل الثورة ب70 ألف دولار. وكانت الصدمة بأن المال قد تعرض للتلف بسبب الرطوبة.

مواطن آخر دفن في الجدار الطيني لمنزله القديم جرة مملوءة بالذهب يقول ل"المدن"، إنها اختفت متهماً عناصر النظام الذين "عفشوا كل شيء" بسرقتها.

لا يزال هناك عدد كبير جداً من الطمائر مدفونة في بلدات ريف دمشق التي تعرض سكانها للتهجير. تحدث عدد من الأشخاص ل"المدن" عن عدم استخراجهم لكميات من الذهب لا تزال مدفونة في أماكن سرية. لم يحاول هؤلاء استخراجها نظرا لكونهم بعيدين عن بلداتهم. في حين تخفي أكوام الركام طمائر أخرى استحال على أصحابها استخراجها على الرغم من وجودهم في أماكن قريبة.

وتضم المناطق التي تعرضت لدمار كلي من قبل النظام ك"داريا" النسبة الأكبر من المتضررين. بيوت ومتاجر سُرق كل ما يمكن سرقته منها، ومن بينها كميات لا تقدر من الذهب والأموال، وفقاً لشهادات سكان شاهدوا بأعينهم عمليات سرقة البرادات والأدوات الكهربائية والمفروشات كما أن الأشخاص الذين دفنوا الذهب حصراً وليس الأوراق المالية، نجح غالبيتهم في الحفاظ على مدخراتهم السابقة في حال سلمت من السرقة، أوالاختفاء تحت ركام الأبنية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها