الأحد 2021/01/24

آخر تحديث: 16:40 (بيروت)

خلافات هيئة التفاوض..تهدد وفد المعارضة لاجتماعات جنيف

الأحد 2021/01/24
خلافات هيئة التفاوض..تهدد وفد المعارضة لاجتماعات جنيف
© Getty
increase حجم الخط decrease
لا يبدو أن الخلاف الأخير الذي دار إثر تعيينات جديدة داخل هيئة التفاوض السورية نتج عن انقاسامات داخل منصة القاهرة، ستفجّر وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية، لكنها باتت تهدد وحدة الموقف داخله.

المخاطر حقيقية
ويتعرض اتفاق قوى المعارضة السورية على الحفاظ على تحييد وفد اللجنة الدستورية عن خلافاتها، حسب التفاهم الضمني بين مكونات هيئة التفاوض، المرجعية السياسية لوفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية، الذي يتجه إلى جنيف لحضور الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة، إلى مخاطر حقيقية، وصلت أصداؤها إلى المبعوث الأممي، ودخلت على خطها جميع الدول المؤثرة.

الجولة الجديدة التي ستباشر أعمالها الاثنين، تُعتبر الأكثر أهمية بين جميع الجولات، كونها ستبدأ بمناقشة المضامين الدستورية، بعد أربع جولات، استغرقت 16 شهراً واستُهلكت جميعها في مناقشة المبادئ الوطنية والفوق دستورية، كان خلالها وفد المعارضة متماسكاً بما فيه الكفاية، على الرغم من وجود تباينات بين أعضاء مكوناته. فالتوافق على إبعاد وفد اللجنة عن خلافات مكونات هيئة التفاوض مكّن هذا الوفد من عبور الجلسات السابقة بأمان.

ويستبعد الصحافي السوري المعارض فراس العلوي في تصريح ل"المدن"، أن يكون للخلافات داخل هيئة التفاوض، رغم حدّتها، انعكاسات مباشرة على الوفد في الجولة الحالية، لكنه يؤكد أن مفاعيل هذه الخلافات السلبية ستكون كبيرة لاحقاً إذا ما استمرت دون حل.

تسلسل الخلافات
عند توسعة هيئة التفاوض عام 2017، بعد انضمام منصتي موسكو والقاهرة إليها، بدا واضحاً عدم الانسجام بين هاتين الكتلتين المتحالفتين مع كتلة هيئة التنسيق الوطني من جهة، وممثلي الائتلاف وكتلتي العسكر والمستقلين من جهة أخرى، لكن هذا الزواج الاضطراري الذي أُرغمت عليه قوى المعارضة، تخللته المشاكل التي ظلت غير مؤثرة إلى أن قررت الهيئة فصل مهند دليقان، ممثل منصة موسكو في وفد اللجنة الدستورية عام 2019، بسبب تصريحات دعا فيها إلى نقل اجتماعات اللجنة إلى دمشق.

لكن الخلاف الكبير الأول ظهر مع اجتماع ممثلي منصتي القاهرة وموسكو وهيئة التنسيق في العاصمة السعودية أواخر العام 2019 لاختيار 8 ممثلين جدد عن كتلة المستقلين، بدل ال8 الذين تقول هذه الكتل إن فترة عضويتهم انتهت، كما تتهمهم بالتبعية للائتلاف والمحور التركي، الأمر الذي رفضته بقية الكتل وطعنت بقانونية الاجتماع الذي لم يكتمل نصابه، فاستمر الأمر على ما هو عليه.

في منتصف حزيران/يونيو 2020، كان موعد الهيئة مع خلاف كبير آخر هو الأكبر، حيث رفض ممثلو المنصتين وهيئة التنسيق حضور الاجتماع السنوي الخامس للهيئة من أجل انتخاب مسؤولي المكاتب فيها، بسبب استمرار الانقسامات حول كتلة المستقلين، فاقتصر الأمر على اختيار أنس العبدة لرئاسة الهيئة، وهو المنصب المخصص للائتلاف، بينما جرى تأجيل انتخابات نائب الرئيس، المخصص لمنصة القاهرة والذي يشغله حالياً جمال سليمان، وكذلك أمين السر الموكل لصفوان عكاش من قبل هيئة التنسيق.

خلافات لم تتمكن قوى المعارضة من حسمها على مدى الأشهر التالية، لكن عند انطلاق الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الستورية في آب/اغسطس 2020 جدّدت الكتل توافقها على دعم وفد المعارضة وعدم إقحامه في أي خلافات، وهو ما بدا أنه يُطبق بشكل جيد بالفعل، حتى خلال الجولة الرابعة.

لكن قرار هيئة التفاوض في اجتماعها الأخير، استبدال قاسم الخطيب ممثل منصة القاهرة في الهيئة، بطلب من أحد الطرفين اللذين انقسمت إليهما المنصة في كانون الثاني/ديسمبر 2020، فجّر الخلافات بين قوى المعارضة كما لم يحدث من قبل، إلى حد إرسال الطرف الآخر في منصة القاهرة، والذي يمثله جمال سليمان، بالتشارك مع هيئة التنسيق ومنصة موسكو، رسالة في 15 كانون الثاني إلى كل من المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، ووزارتي الخارجية في مصر والسعودية، للاحتجاج على هذا القرار واتهام الائتلاف بتعطيل عمل هيئة التفاوض، بل وعرقلة الحل السياسي.

استجابت الرياض لهذه الرسالة، فعلقت عمل مكتب الهيئة فيها، كما أوقفت تمويلها للمؤسسة، بينما استضافت موسكو على الفور ممثلي الكتل المحتجة باجتماع مع وزير خارجيتها سيرغي لافروف، في خطوة فسّرها الطرف الآخر بأنها استقواء بالروسي، لكن أياً كان التفسير فإن المؤكد اليوم استمرار غياب ممثل منصة موسكو عن اجتماعات اللجنة الدستورية، وعدم حضور جمال سليمان، الجولة الخامسة بعد تقديمه اعتذاراً بداعي الانشغال بتصوير مسلسل جديد.

ليست هذه كل الخلافات التي تعاني منها هيئة التفاوض، فهناك أيضاً الخلاف بين الائتلاف وكتلة المجلس الوطني الكردي، والتي بلغت ذروتها مع قرار استبعاد ممثل المجلس في هيئة التفاوض في أيلول/سبتمبر 2020، وكذلك عدم الرضا المستمر من قبل وفد اللجنة الدستورية الموسع للمعارضة، والذي يرى أعضاؤه أنه تم تهميشهم من قبل الوفد المصغر بشكل كامل، الأمر الذي يطرح سؤالاً كبيراً حول مدى تأثير كل ذلك على تماسك وأداء وفد المعارضة في الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف.

النظام مستفيد
ويرى الصحافي فراس العلوي أن "الخلافات بين مكونات هيئة التفاوض لم تتوقف يوماً، لكن تحييد وفد اللجنة الدستورية كان سببه ضغط الدول الداعمة لكل طرف، وحتى مع تفاقم خلافاتها مؤخراً فمن المستبعد أن يؤثر ذلك على الوفد في الجولة الخامسة، على اعتبار أن رؤية الوفد قد تم تقديمها منذ الجولة الماضية"، كما أن "هذه المكونات ما زالت تسعى للحفاظ على تماسك الوفد"، لكن في حال عدم التوصل إلى اتفاق بينها فإن الوفد لن يبقَى بمنأى عن خلافات الكتل التي يمثلها، وهذا سيؤثر على موقف المعارضة في اللجنة الدستورية وعلى عمل اللجنة بشكل كامل.

تبدو فرص وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية بتجاوز الجولة الخامسة متماسكاً، قائمة بالفعل، لكن خلافات الكتل التي يمثلها هذا الوفد لا تبدو فرص حلها كبيرة في المدى المنظور، خاصة مع استمرار خلافات الدول الداعمة لكل مكّون، الأمر الذي يهدد موقف المعارضة في ما يتعلق بمفاوضات اللجنة بل و في كل ما يتعلق بمسار الحل السياسي، وهو ما يصب لصالح النظام ووفده.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها