الجمعة 2021/01/22

آخر تحديث: 15:37 (بيروت)

وثائق سرية: إسرائيل خططت لقصف دمشق خلال حرب 1973

الجمعة 2021/01/22
وثائق سرية: إسرائيل خططت لقصف دمشق خلال حرب 1973
موشييه ديّان طلب من غوليدا مائير قصف دمشق خلال حرب 1973 (Getty)
increase حجم الخط decrease
كشفت وثائق سرية إسرائيلية عن طرح وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان خطة لقصف العاصمة السورية دمشق خلال حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، نتيجة لشعور القيادة الإسرائيلية بالهزيمة خلال هذه الحرب. 
وأشارت الوثائق التي نشرتها وزارة الأمن الإسرائيلية إلى أن القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين بلغوا حد الشعور بالهزيمة، وراحوا يفكرون في اتخاذ خطوات يائسة، مثل اختراق القوات السورية وصولاً إلى دمشق أو قصف الأحياء المدنية في دمشق ومطارها الدولي.  

وفي تفاصيل هذه الوثائق، جرت مداولات في مساء اليوم الرابع من الحرب، عندما حررت القوات السورية قسماً كبيراً من أراضي الجولان، وبدأ الأميركيون يتحدثون عن ضرورة إصدار قرار في مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، حينها قالت رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير: "إذا تقرر وقف إطلاق النار الآن، هل سيبقى على حاله ما هو موجود خلف القناة مع مصر -إذ كان الجيش المصري قد حطم خط بارليف وتقدم في عمق سيناء محرراً المزيد من أرضها-؟".

وقالت مائير خلال هذه المداولات مع القادة العسكريين: "لدي شعور أنه يحظر علينا الخروج بوضع يقولون فيه في العالم إن ما كنا نعتقد حيال إسرائيل والجيش الإسرائيلي ليس صحيحاً. وعندما يقول كيسنجر -إنكم ملزمون بالانتصار-، فإنه توجد في ذلك دلالة رهيبة. وإذا لم ننتصر فإننا سننتهي". 

وكان وزير الخارجية الأميركية هنري كيسنجر بعث برسالة إلى الحكومة الإسرائيلية عشية تلك المداولات عبر سفيرها في واشنطن يقول فيها: "إنكم ملزمون بالانتصار". 
وكشفت هذه الوثائق بأن موشي ديّان كان يائساً وسوداوياً فراح يطلب بوقف النار أو القيام بعمليات ضرب يائسة مثل قصف دمشق وحتى احتلالها، لكن رئيس الأركان دافيد إليعازر، الذي حاول تهدئته، رفض الخروج إلى أهداف كبيرة غير واقعية.

وقال إليعازر: "اليوم الرابع للحرب هو يوم حاسم. لقد عملنا طوال الأيام الأربعة الماضية وفقاً لمفهوم معين، أننا سنهاجم سوريا، ونصل إلى خط وقف إطلاق النار في الجولان وننتقل إلى هجوم مضاد. وفي هذه الأثناء المصريون يُلجمون، والسؤال هل سنتمكن من تحقيق حسم في الهضبة؟ أي إذا هاجمنا غداً، هل سنقترب من مشارف دمشق ونصل إلى وقف إطلاق نار بعد ذلك. فأنا أؤيد مهاجمة سوريا لكنني أعارض قصف قلب المدن، فهم لم يقصفوا المدن عندنا وعلينا أن نلتزم نحن كذلك". 

وكانت هناك وجهة نظر أخرى بمهاجمة مصر حيث قال قائد سلاح الجو بيني بيلد إنه "ينبغي مهاجمة مصر وليس سوريا، وأنا لا أوافق على فرضية أن سوريا لا يمكن أن تُهزم، ومصر المهزومة ستمنع الأردن من مساعدة السوريين، العكس هو الصحيح". 

وأظهرت المداولات التي كشفت عنها هذه الوثائق مدى هزيمة الجيش الإسرائيلي على الجبهة المصرية، إذ قال اللواء رحبعام زئيفي: "لدينا قدرة للحسم في الجبهة السورية فقط وليس المصرية... فالجنود منهكون، وليس لدينا دبابات". 

واعتبر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية إيلي زاعيرا أن روسيا لن توافق على القضاء على نظام إحدى الدول الموالية لها في الشرق الأوسط وقال: "الحسابات هي ليست سوريا وإسرائيل ومصر فقط، وإنما هناك حسابات كثيرة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وأعتقد أن وقف إطلاق النار هي مؤشر على الشعور السوري، وأنه يوجد تهديد للنظام. ووقف إطلاق النار سيتم فقط عندما نتقدم نحو دمشق".

وحسمت مائير النقاش بالقول "نصادق على أن ينفذ الجيش الإسرائيلي غداً جهداً هجومياً مركزاً في سوريا وتدمير فيالق الجيش وتحقيق حسم يشل الأنشطة السورية. ولكن، لا يوجد قرار باحتلال دمشق".

وكان قصف دمشق مطروحاً أيضا خلال اليوم الثاني للحرب حيث كشفت الوثائق عن جلسة للحكومة في هذا اليوم، يقول فيها إليعازر: "قضينا ليلة غير جيدة، لقد اجتاحوا الجولان بكميات كبيرة من الدبابات دفعة واحدة. وحتى الآن 81 قتيلاً إسرائيليا، وهذا لا يشمل موقع جبل الشيخ". 
رد عليه الوزير يغآل ألون: "أنا قلق من نقل قوات من جبهات غير ناجعة. لعلنا نقصف دمشق؟"، أجابه إليعازر: "تقنياً لا توجد صعوبة بالقصف. لكن من الناحية العملية فإنهم لا يقصفون المدن ولذلك لا أريد أن أبدأ بهذا". 

أما عن الجبهة المصرية فكشفت الوثائق أنه خلال مداولات في مكتب رئيسة الحكومة، مساء اليوم الثالث من الحرب، 9 تشرين الأول/أكتوبر، قال ديّان إن محرري الصحف الإسرائيلية يصفون الوضع عند قناة السويس بأنه "زلزال". وأضاف "نحن الآن على بعد 4 كيلومترات عن القناة، وقد نضطر إلى إخلاء هذه المنطقة أيضاً"، مشيراً إلى صمود الجيش المصري واستخدامهم نيران مضادة للدبابات. 

وحدث نقاش بين مائير وديّان حول الموقف العسكري في حال صدور قرار في مجلس الأمن الدولي بالانسحاب إلى حدود 1967. 
وأظهرت الوثائق أن ديّان كان يناقض نفسه، فمرة يعارض قصف مطار دمشق الدولي، قائلاً: "هل تعتقدون أنكم تتحدثون عن مطار عسكري؟ قد تصاب طائرات مدنية جاثمة هناك". ومرة يؤيد فيقول: "يجب أن يصرخوا إننا صاعدون إلى دمشق".

وأجابت مائير حينها أن "هذا ضروري لنا من أجل المساومة. وهذا ضروري لكسرهم"، لكن ديّان عاد وقال لها: "لقد فقدنا 56 طائرة، إضافة إلى 40 طائرة جاثمة دون قدرة على التحليق، وبالأمس فقدنا 13 طائرة، وبهذه الوتيرة هذا الوضع ليس جيداً. سلاح الجو سيكون منتهياً بعد 3-4 أيام، هذا مقلق". 

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي سوف يخسر الكثير من الجنود مع استمرار القتال، معتقداً أن الجيش المصري سوف يحصل على مزيد من الصواريخ والعتاد العسكري من روسيا اذا انتهت صواريخهم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها