الثلاثاء 2021/01/19

آخر تحديث: 20:55 (بيروت)

ما هي آثار العقوبات على الشعب اليمني والعمل الإنساني؟

الثلاثاء 2021/01/19
ما هي آثار العقوبات على الشعب اليمني والعمل الإنساني؟
مقال خاص ب"المدن"كتبه مدير برنامج منظّمة أطباء بلا حدود في اليمن مارك شاكال، الصورة من © Getty
increase حجم الخط decrease
يقول مدير برنامج منظّمة أطباء بلا حدود في اليمن مارك شاكال في مقال خاص ل"المدن"، إن القرار الأميركي بتصنيف جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين) منظمة الإرهابية سيكون له انعكاسات سلبية على عمل المنظمة والعمل الإنساني عموماً في المناطق التي تخضع لحكم أنصار الله.
وفيما يلي نص المقال:
يساور منظّمة أطباء بلا حدود القلق إزاء قرار الحكومة الأميركية بتصنيف جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين) التي تسيطر على صنعاء وجزء كبير من البلاد ك"منظمة إرهابية أجنبية"، ومن غير الواضح إلى الآن كيف سيكون تأثيرها على العمل الإنساني، إذ يمكن لعقوبات شاملة من هذا النوع أن تُحبط أو تمنع المنظمات الإنسانية والشركات التي تعتمد عليها هذه المنظمات من العمل في اليمن، مما قد يترتب عليه آثار وخيمة على الكثير من اليمنيين الذين يحتاجون إلى المساعدة.
إنّ تقديم المساعدة إلى اليمنيين الذين هم في أمس الحاجة إليها هو أمرٌ شديد الصعوبة أصلاً، ورغم كل أنشطتنا التي نديرها إلى جانب المنظمات الأخرى، ما زالت الكثير من الاحتياجات غير ملبّاة في البلاد. وتُعتبر القيود والعقبات التي تفرضها السلطات بمثابة سمة دائمة من سمات العمل في اليمن، لا سيما في شمال البلاد. وتُضفي الصعوبات الإدارية للحصول على تأشيرات للموظفين المتخصصين والصعوبات الهائلة في استيراد الإمدادات بُعداً آخر من الإحباط والتعقيد. وهناك بالفعل مناطق يصعب الوصول إليها بسبب انعدام الأمن، لتزداد بالتالي الصعوبات التي نواجهها، وهذا أمر مقلق للغاية. باختصار، إن التأخير في تقديم المساعدة يعني خسارة الناس لحياتهم.
تأتي هذه المستجدات في وقت يعاني فيه اليمنيون من آثار ست سنوات من الحرب. تمّ تدمير نظام الرعاية الصحية في البلاد، فيما تشهد أسعار الغذاء والوقود ارتفاعاً مستمراً بينما ينهار الاقتصاد. نحن نعلم أن كوفيد-19 أصاب الكثير من الناس، وأودى بحياة الكثيرين، ولكن يستحيل معرفة الأعداد الدقيقة بسبب قلة الاختبارات المُجراة، بالإضافة إلى أنه لا يتم التصريح علنًا عن نتائج الاختبارات التي تُجرى في المناطق التي تقع تحت حكم جماعة أنصار الله.
ولكن ما هي فعلاً المخاطر التي تحدق بالمساعدة المُقدَمة إلى كل من اليمن والشعب اليمني إذا لم يتوفر استثناء واسع النطاق يسمح للعمل الإنساني بالاستمرار في ظل هذه العقوبات؟ إن التصوّر السائد لدى الناس عن المساعدة يتجسّد في طبيب يقدّم العلاج لمريض، لكن الأمر في الحقيقة لا يعتمد على ذلك فحسب: فالمساعدة ترتبط أيضاً بالطائرة التي تنقل الطبيب إلى البلد؛ والتحويلات المصرفية التي تسمح بدفع رواتب الزملاء اليمنيين؛ والسفينة التي تشحن الأدوية والمعدات الطبية الأخرى. إذا كانت شركات الطيران والشحن والبنوك غير متأكدة مما إذا كانت الولايات المتحدة ستسعى إلى معاقبتها لمساعدتنا في نقل المعدات والمواد أو الأموال إلى اليمن، فقد ترفض تزويدنا بخدماتها، مما يعطّل قدرة هذا الطبيب في النهاية على رعاية المريض.
من خلال عمل منظّمة أطباء بلا حدود، نحن ندير مستشفيات وعيادات أو نقدّم الدعم لها في 13 محافظة في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك في المناطق التي تقع تحت حكم جماعة أنصار الله. لذلك، نحن ملزمون بالعمل بما يتوافق مع النظام القائم؛ على سبيل المثال، لإحضار الأدوية والمعدات الطبية المُنقذة للحياة إلى البلد، علينا التنسيق معهم ودفع الرسوم المتوجبة لها. ونعمل أيضاً بشكل تعاوني مع وزارة الصحة في أماكن مثل مديرية خمر، حيث نشارك في إدارة مستشفى وندفع رواتب تحفيزية لموظفي الرعاية الصحية الحكوميين الذين لم يتلقَّ الكثير منهم رواتبهم منذ سنوات. وهذه هي الأنشطة التي قد تكتسي طابعاً غير قانوني بموجب التصنيف الأميركي، والتي سيُضحي القيام بها أشدّ صعوبة إذا لم تتوفر استثناءات كافية للعمل الإنساني.
كما أن ثمة الكثير من المخاوف بشأن الكيفية التي قد تؤدي بها العقوبات إلى رفع تكلفة المعيشة لسكان يكافحون أصلاً لتدبر أمور معيشتهم. وعلى عكس البعض، لم يسبق لنا قط أن رأينا دليلاً على وجود مجاعة في اليمن، أمرٌ يعني حالة افتقار الأسواق إلى المواد الغذائية. في الواقع، يتوفر الغذاء في البلاد ولكن سعره استمر بالارتفاع طوال السنوات الماضية، مما جعل الناس غير قادرين يوماً بعد يوم على تحمل تكلفته. واحتمال أن تؤدي هذه العقوبات إلى زيادة تكلفة الغذاء وجعل المساعدات الإنسانية أكثر ندرة يبعث على القلق الشديد.
ما الذي تُطالب منظّمة أطباء بلا حدود بتحقيقه؟
نحن ندعو الحكومة الأميركية إلى منح أكبر قدر ممكن من الاستثناءات على الفور للأنشطة الإنسانية وذلك لتقليص بعض العواقب المتوقعة التي قد تنجم عن العقوبات. بالإضافة إلى ذلك، يجب التوضيح للقطاعات التي تعتمد عليها الأنشطة الإنسانية، بما فيها الخدمات المالية وشركات الشحن والتأمين والاتصالات، أن التصنيف لا يستهدف العمل الإنساني وأنّ الحفاظ على الخدمات الأساسية لا يشكل خطراً قانونياً عليها.
يجب أيضاً أن يتّسم أي نظام ترخيص لمنح الاستثناءات الإنسانية بالسرعة والبساطة بأكبر قدر ممكن، ويجب ألا يواجه الناس عقوبات بسبب مشاركتهم في تقديم الأنشطة الإنسانية.
لا تزال الفرصة سانحة للحكومة الأميركية لتجنب بعض الآثار السلبية لهذه العقوبات على الجهات الفاعلة الإنسانية واليمنيين بشكل عام، ومن الملح أن يبذلوا قصارى جهدهم لتقليل الآثار المضرة التي قد تطال الشعب اليمني.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها