حجم الخط
مشاركة عبر
"كلما تم التوصل إلى اتفاق جديد بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام، ولجنة المفاوضات الممثلة عن أهالي درعا البلد، تنقلب قوات النظام على الاتفاق، وتفرض شروطاً جديدة، بحيث يبدو الأمر وكأن هناك إصراراً على إجبار الأهالي على النزوح الجماعي"، هكذا شرح أبو علي محاميد أحد وجهاء درعا، والذي اشتهر بطريقة جلوسه قبالة الضباط الروس، واقع حال المفاوضات في الجنوب السوري ل"المدن".
بعد ثلاثة أيام على الاتفاق النهائي الذي تم التوصل إليه في الأول من أيلول/سبتمبر، أعلنت لجنة المفاوضات في درعا عن الوصول لطريق مسدود، وبعدها طالبت روسيا بتأمين خروج آمن للراغبين من أبناء الحي، نحو الأردن أو تركيا.
الحديث عن إفشال إيران عبر مليشياتها المتسترة ضمن "الفرقة الرابعة"، لا يبدو مقنعاً لمحاميد، فبرأيه "لروسيا كل المصلحة في تثبيت وجود المليشيات المدعومة من إيران على مقربة من الحدود الأردنية، والجولان المحتل، لابتزاز الأردن والاحتلال الإسرائيلي، في ملفات متعلقة بإعادة الإعمار، وتعويم نظام الأسد".
نصّ الاتفاق الأخير على الوقف الفوري لإطلاق النار، ودخول دورية للشرطة العسكرية الروسية، وتمركزها في درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ومعاينة هويات الموجودين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، ونشر نقاط أمنية، وبعدها فك الطوق عن محيط مدينة درعا، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق هذا الاتفاق.
لم يتم الحديث مطلقاً عند توقيع الاتفاق الأخير، وفق تأكيد المحاميد، عن تهجير المزيد من أبناء الحي في الاتفاق الأخير، بل عن تسوية أوضاع 33 شاباً، لكن ما جرى الجمعة كان عكس المُتفق عليه.
يقول المحاميد: "فجأة تم نسف الاتفاق السابق، بطرح مطالب جديدة، منها التهجير، وتسليم السلاح الخفيف وحتى الثقيل رغم عدم وجوده، وتفتيش كل المنازل، وكل هذه المطالب الهدف منها السيطرة على درعا البلد بشكل كامل، خدمة لهدف واحد، وهو كسر شوكة الحي، وإجبار سكانه على التهجير". ويضيف "التهجير هو الخيار الذي بات أمامنا، وهذا ما تخطط له إيران التي تنوي استجلاب عائلات شيعية إلى المنطقة".
يُدرك الأهالي في درعا، أن المخطط هو سحب السلاح الخفيف، والاكتفاء بذلك في المرحلة الأولى، ومن ثم يعقب تلك المرحلة القصيرة كما هو واضح، تصعيد جديد، وشروط جديدة لا يستطيعون رفضها ولا التفاوض حولها وهم عُزل من السلاح.
ويقول وزير المالية والاقتصاد في الحكومة المؤقتة عبد الحكيم المصري، وهو من درعا، إن لجنة النظام الأمنية طالبت بزيادة عدد النقاط العسكرية داخل درعا البلد، بهدف فصل الحي عن مخيم درعا، وطريق السد، وتفتيش كل منازل درعا، من قبل الفرقة الرابعة.
ويتفق المصري، مع محاميد، في حديثه عن التقاء المصالح الإيرانية والروسية على تمكين النظام من فرض سيطرته على كامل حوران.
ومن الأساس، أعلنتها روسيا على لسان ضابط يدعى "أندريه" خلال المحادثات الأخيرة، أن الانقلاب على تسوية صيف العام 2018، لا يعني درعا البلد لوحدها، بل أيضاً طفس وكل درعا، من دون استثناء أي بلدة، حتى بصرى الشام معقل "اللواء الثامن" المدعوم من روسيا بقيادة أحمد العودة.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس "المجلس السوري للتغيير" حسن حريري ل"المدن"، إن من الواضح أن ما يجري هو عبارة عن تمهيد لبسط سيطرة سلطة الأسد على مدن درعا غير الخاضعة، والحديث الروسي يؤكد أن ما يجري هو من وجهة نظرهم يأتي في إطار تنفيذ التهدئة الحاصلة في العام 2018 (اتفاق التسوية).
ويضيف أن روسيا تتعامل مع المناطق المشمولة باتفاق التسوية على مراحل مراعاة للظروف الواقعية، وعليه من المتوقع أن يتم التعامل مع باقي المدن كما تم التعامل مع حي درعا البلد.
لكن مصدراً مقرباً من اللواء الثامن موجود في بصرى الشام، قال ل"المدن"، إنه ما من بوادر لتعميم ما جرى ويجري في درعا البلد على بقية المناطق، وخصوصاً في الريف الشرقي.
وعند سؤاله عن دلالة حديث الضابط الروسي عن تعميم اتفاق درعا البلد على بقية مناطق حوران، قال المصدر: "يمكن تفسير حديث الضابط الروسي أن التسوية الجديدة قادمة لكل مناطق الجنوب السوري، لكن حالياً ما من تأكيد على ذلك".
في السياق، دعا أهالي وفعاليات مدينة درعا، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والمبعوث الأممي الخاص غير بيدرسن، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسفراء دول أصدقاء سوريا، الى التدخل السريع لإنقاذ حياة الأهالي في المنطقة.
وأشاروا في بيان، الجمعة، إلى ضرورة إنقاذ أكثر من 50 ألف إنسان من المدنيين، المهددين بإبادة جماعية بعد الحصار القاسي الذي فرضه نظام الأسد على درعا منذ 75 يوماً، في ظل الهجمات العسكرية الهمجية والقصف المدفعي العشوائي على منازل وأحياء المدنيين.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها