حجم الخط
مشاركة عبر
أثارت خطبة رئيس المجلس الإسلامي السوري المعارض الشيخ أسامة الرفاعي حول المرأة العاملة في منظمات المجتمع المدني الجدل بين المعارضة السورية التي انقسمت إلى فريقين، الأول أيّد كلام الشيخ ودافع عنه وفريق ثانٍ اتهمه بالتحريض على المرأة والدعوة إلى العنف ضدها وحرمانها من حقوقها.
خطبة الشيخ الرفاعي ألقاها في جامع أعزاز الكبير شمالي حلب بداية الأسبوع الثاني من آب/أغسطس، وذلك خلال الزيارة التي قام بها إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة من تركيا، وركز خلالها على مخاطر الأنشطة التي تدعمها "مراكز تتبع لدول الاستعمار والكفر والضلال والتي تهدف إلى نشر الإلحاد بين الشباب والنساء".
وحذر الشيخ الرفاعي من بعض المنظمات التي تعمل تحت شعارات العمل الإنساني والإغاثي والتنموي والدورات التدريبية لتنشر أفكار الانحلال الأخلاقي والشذوذ الجنسي وكل ما يضاد أخلاق الإسلام وقيم المجتمع السوري المتدين.
قال الشيخ الرفاعي في خطبته "هناك نساء من أبناء جلدتنا ويتكلمون بلغتنا، بل هم من أبناء بلدنا ومدننا. يأتون مجندات من قبل الأمم المتحدة وغيرها". وأضاف "يأتون من مراكز التضليل والتفكير، يأتون لينشروا بين فتياتنا خاصة بما يسمونه تحرير المرأة والجندر".
وتعرّض الشيخ الرفاعي لهجوم عنيف من قبل نسويات وناشطات سوريات يعملن في منظمات المجتمع المدني داخل سوريا وخارجها، واتهمنه بالتحريض على المرأة السورية والتشجيع على العنصرية والتمييز في مناطق المعارضة.
ناشطة نسوية في ريف حلب قالت ل"المدن"، إن "خطاب الشيخ الرفاعي عدائي وكان مخيباً للآمال، وهو يكرس النظام الأبوي والذي قد يمهد لزيادة العنف ضد المرأة في مناطق المعارضة وحرمانها من أبسط حقوقها وإبعادها عن العمل في مختلف قطاعات العمل المدني، وهناك مخاوف جدية من أن ينعكس خطاب الشيخ الرفاعي سلباً على واقع المرأة في المنطقة ويزيد من فرص تعرضها للمخاطر".
كما انتقدت الناشطة المدنية بيان ريحان خطبة الشيخ الرفاعي، وقالت على "فايسبوك": "لن أقول لك كم صدمت بسماعي لخطبتك بقدر صدمتي بأنك منفصل عن حقيقة ما يجري في سوريا، هل وصلت إليك قصة الفتاة التي قتلت على يد أهلها ظلماً وعدواناً في المكان الذي خطبت فيه، وهل رأيت النساء اللواتي يقفن على حافة الطريق يبحثن عن لقمة عيش، وهل رأيت المخيمات التي سكنتها النساء بعدما فقدت منازلها وهجرت من بيوتها وشردت".
وأضافت "كم وددت ان أذكرك بسبب توصية رسولنا الكريم بالنساء خيراً لمجتمع يفرض ظلمه وجبروته عليها وكم حادثة مرت أكد بها على رفع الظلم عن النساء، انت اليوم من الذين ساهموا وحرضوا على ظلم النساء اللواتي بقين الاعمدة الصامدة في وجه هذه الحرب". والناشطة ريحان كانت إحدى طالبات الشيخ الرفاعي في جامع زيد بن ثابت في دمشق.
وانتقد الناشطون الشيخ الرفاعي بسبب تركيزه على المرأة في حين أن هناك موضوعات أخرى ذات أولوية بالنسبة للمعارضة، كالحديث عن درعا وعن المعتقلين وعن المشرّدين والمهجّرين، وعن مظاهر الجوع والقهر والجريمة والفساد بين الفصائل وعن جرائم قوات النظام وحلفاؤها روسيا وإيران.
وأصدرت منظمة اللوبي النسوي السوري، قالت فيه إن "الخطابات التحريضية المرتبطة بأي إيديولوجيا والّتي تحرّض شريحة من هذا الشّعب على أيّ مكوّن أو فرد أو مجموعة بسبب الاختلاف الديني، أو الفكري عموما أو بسبب توجّهاتهم أو نشاطاتهم الحقوقية هي أمر مدان وغير مقبول".
وأضاف البيان "لم تكن يوما الحركة النسوية ولا النشطاء والناشطات الحقوقيّون والحقوقيّات والساعون والساعيات لتمكين النساء وتحصيل حقوقهن بالمساواة ولا مناهضة العنف القائم على النّوع الاجتماعي تابعة أو مجندة، بل كانت دوماً منبثقة من عذابات النساء ومعاناتهنّ التاريخية من الظلم الاجتماعي والقانوني والسياسي".
رد الفريق الموالي للمجلس الإسلامي السوري والمؤيد لخطبة الشيخ الرفاعي كان عنيفاً أيضاَ. وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الشيخ حسن الدغيم في تغردية: "حركات نسونجية لا نسائية تستثمر في الخواصر الهشة وتجوس خلال الديار المستورة لتضرب التماسك المجتمعي مشاغلةً الجماهيرَ عن معركتها ضد الاستبداد ودافعةً لها إلى معارك عدمية مع الذكور وتخفي وراء دعاوى التحرر أنياباً مصطكة وشفاهً متلمظة على مواقع الثراء والنفوذ والطمع السلطوي".
من جهته، قال نائب قائد حركة أحرار الشام أبو محمد الشامي ل"المدن"، إن "الهجمة على الشيخ أسامة الرفاعي كرمز ثوري وشرعي وعلى موقعه كرئيس للمجلس الإسلامي وهو المؤسسة التي لها دور محوري و مرجعي في الثورة هجمة مسيسة وتصب في خدمة النظام"، معتبراً أنها تفتقر إلى أدنى معايير الموضوعية.
كذلك اعتبر الباحث في التسويق السياسي والاجتماعي علاء رجب تباب أن " موضوع الخطبة المختارة من الشيخ الرفاعي كان غاية في الأهمية. وأضاف أن "التحذير من اختراق المنظمات وغيرها لجدار الواقع الاجتماعي والثقافي السوري بوقاحة وخبث، يعتبر أولى الأولويات، لكن اللغط الذي شاهدنا تجاه الخطبة هو نتاج تعوّد الرأي العام على الخطب والبيانات المبحرة خارج دائرة تأثير الأفراد".
ورأى أن "المنظمات الدولية استطاعت كسب بعض النساء، ليس لأنها تقدم لهم خطاباً إنسانياً وعقلانياً واجتماعياً متزناً، بل لأنها خاطبتهم مباشرة واعترفت بكيانهم".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها