الأربعاء 2020/09/16

آخر تحديث: 12:31 (بيروت)

إدلب:تأمين الطريق "إم-4" للروس..أو الحرب

الأربعاء 2020/09/16
إدلب:تأمين الطريق "إم-4" للروس..أو الحرب
© Getty
increase حجم الخط decrease
تجددت مخاوف المعارضة السورية من عودة المعارك إلى إدلب بسبب التحركات الأمنية والعسكرية الجديدة للنظام في المناطق القريبة من خط المواجهات.

وبدت المعارضة أكثر قلقاً بعد أن امتنعت القوات الروسية عن المشاركة في الدوريات على الطريق "إم-4" إلى جانب الجيش التركي، وما تبع ذلك من تصعيد ناري جوي وبري استهدف مجموعة كبيرة من المواقع التي تسيطر عليها المعارضة في المناطق القريبة من خطوط التماس وفي عمق إدلب.

وعلى الرغم من أن القصف المتبادل بين المعارضة والنظام في جبهات إدلب كان عادة شبه يومية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ في 5 آذار/مارس الماضي، إلا أنه كان أكثر كثافة وتركيزاً خلال ال30 ساعة الماضية، معتمداً على بنك أهداف ترصده عادة طائرات الاستطلاع الروسية والتي تحلق بكثافة في سماء المنطقة منذ بداية شهر أيلول/سبتمبر الحالي.

وتزامن التصعيد الجديد لقوات النظام مع وصول تعزيزات عسكرية جديدة انتشرت في منطقة العمليات جنوبي إدلب (جبل الزاوية وسهل الغاب)، وتعزيزات أخرى دفعت بها قوات النظام إلى مراكز المدن والبلدات الاستراتيجية في أطراف منطقة العمليات، أهمها مركز مدينة معرة النعمان على الطريق "إم-5" جنوب شرقي إدلب.

وظهر العقيد في "الفرقة 25 مهام خاصة" (قوات النمر سابقاً)، يونس محمد، متقدماً مجموعة كبيرة من العناصر في "الفوج الثالث اقتحام" أثناء التدريبات في ريف المعرة الغربي، وهم جزء من المجموعات الجديدة التي زجّ بها النظام في منطقة العمليات إلى جانب تشكيلات أخرى من الدفاع المحلي و"قوات النمر"، أهمها (مجموعات يوسف كنعان) و(مجموعات شاهين) و(مجموعات الرحال) بالإضافة إلى تعزيزات متنوعة من "الفيلق الخامس الروسي" والتي تمركزت في جبهات سهل الغاب وفي القاعدة العسكرية الروسية في جورين. 

ويلمّح قادة في "قوات النمر" إلى أن روسيا ترغب في إفراغ جانبي الطريق "إم-4" بالقوة وذريعتها المعلنة أن دورياتها ليست في أمان بسبب انتشار المجموعات الراديكالية في المنطقة. ويؤكد القادة الميدانيون في المليشيات بأن توقيت انطلاق العمليات المفترضة مجهول حتى الآن برغم الجاهزية العسكرية لأي تحرك برّي مطلوب.

وبالتزامن مع التطورات الميدانية في إدلب، قامت حسابات مقربة من قيادة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة) في مواقع التواصل الاجتماعي، بإعادة نشر تصريحات لزعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، وردت في فيلم تسجيلي من إنتاج مؤسسة "أمجاد" التابعة للهيئة قبل مدة. تصريحات الجولاني تعبّر بالضرورة عن موقفها الذي لم يتغير من التفاهمات الروسية-التركية، التي قال فيها الجولاني إنها "هشة لأن الروس لم يفوا بأي التزام أو اتفاق منذ بداية تدخلهم في الساحة السورية لذلك كل المؤشرات تدل على أن الروس سيعاودون الدخول في المعركة للسيطرة على مساحة أكبر"، وبحسب التصريح المنسوب للجولاني، فإن الاتفاق والمؤتمرات هي لتمرير الوقت.

الناطق الرسمي باسم "الجيش الوطني"، الرائد يوسف حمود قال ل"المدن"، إن "عودة المعارك إلى إدلب احتمال وارد بشكل دائم، ووقف إطلاق النار المعلن لا يعني دخول المنطقة في مرحلة استقرار كلي، وهذا ما تدركه الفصائل المعارضة، ولهذا نتوقع في أي لحظة، اشتعال الجبهات من جانب النظام إن رأت روسيا في إشغالها مصلحة تحقق لها مكاسب معينة إن كان داخلياً من حيث النفوذ والتوسع والحفاظ على المكتسبات الاقتصادية والعسكرية طويلة الآمد، أو في إطار الضغط لتحصيل مكاسب في ملفات أخرى تشترك فيها مع قوى إقليمية".

من جهته، قال عضو مركز حلب الإعلامي، ممتاز محمد إن تعطل تسيير الدوريات المشتركة وامتناع القوات الروسية عن المشاركة في بعضها تكرر خلال الأشهر الماضية، لذا لا يمكن التكهن بانطلاق معركة بناءً على هذا التطور الميداني. ورأى في حديث ل"المدن"، أن حديث المعارضة الدائم عن احتمال استئناف العمليات العسكرية من جانب النظام لا يستند دائماً إلى معطيات ميدانية، ويراد من التحذيرات التي تنطلق بين الحين والآخر الإبقاء على الجاهزية القتالية في مستوى جيد، ومنع المقاتلين من الشعور بالاستقرار وإهمال خط المواجهة.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الأربعاء، عن اجتماع بين وفدين عسكريين، تركي وروسي لبحث تطورات الأوضاع في إدلب السورية، وذلك في مقر الوزارة في العاصمة أنقرة.

ليست وحدها تحركات قوات النظام ما تثير مخاوف المعارضة المسلحة والأوساط المدنية في إدلب. ففي المنطقة الجنوبية منها على وجه الخصوص، مئات الآلاف من المهجرين من مناطقهم شرق وجنوبي ادلب وحماة الشمالي لا يزالون ينتظرون العودة إلى مناطقهم وانسحاب قوات النظام بحسب الوعود التركية التي حصلوا عليها بعد اتفاق وقف إطلاق النار. وتشير الاحتجاجات التي خرجت في محيط النقطة العسكرية التركية في المسطومة قبل أيام، إلى أن المهجرين يئسوا من الوعود غير المحققة، وباتوا يشعروا بأن عودتهم تبدو مستحيلة في ظل تمسك النظام والمليشيات في المنطقة والتي عززها بتحركات إدارية وأمنية عديدة.

فرع حزب "البعث" في إدلب أمر أعضاء وأمناء الشعب والفرق الحزبية المنتشرة في أرياف معرة النعمان وسراقب وأبو الظهور وخان شيخون بدفع المدنيين المتواجدين في القرى والبلدات للتظاهر والاحتجاج أمام النقاط العسكرية التركية الموجودة ضمن مناطق النظام التي تمت السيطرة عليها في الفترة الممتدة بين منتصف العام 2019 وشباط 2020.

وجرى مؤخراً تسريب تسجيلات صوتية لأمناء شعب حزبية يطلبون من الأهالي في ريف إدلب الشرقي التجمع أمام النقطة التركية في بلدة الصرمان للمطالبة برحيلها عن المنطقة. دعوات مشابهة أطلقها بعثيون وقادة في المليشيات في بلدة حلفايا شمالي حماة.

وتترافق هذه التحركات مع تكثيف المساعي الخدمية والإدارية للنظام في المنطقة وتثبيت سيطرته فيها، وهذا ما فسره المهجرون في مناطق المعارضة على أنه تحرك يمنع تنفيذ أي وعد تركي يسمح بعودتهم إلى منازلهم، وبأن فترة الهدوء الماضية ما هي إلا استراحة قصيرة قبل قضم المزيد من الجغرافيا ونسف كامل آمال العودة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها