الأحد 2020/08/09

آخر تحديث: 15:53 (بيروت)

واشنطن بحاجة لتغيير سياساتها..بكين تجتاح المنطقة عبر إيران

الأحد 2020/08/09
واشنطن بحاجة لتغيير سياساتها..بكين تجتاح المنطقة عبر إيران
© Getty
increase حجم الخط decrease
اعتبر وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أن "الدخول الصيني إلى إيران" سيزعزع الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، متهماً طهران بأنها "أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم".

وقال بومبيو إن "امتلاك طهران الفرصة للحصول على الأسلحة والأموال من الحزب الشيوعي الصيني سوف يعرض المنطقة للخطر".


وكُشف النقاب مؤخراً عن وثيقة تبيّن أن الصين وإيران تستعدان للدخول في شراكة إستراتيجية مدتها 25 عاماً في التجارة والسياسة والثقافة والأمن.

وترى مجلة "فورين بوليسي" الأميركية في تقرير بعنوان: الاتفاق الإيراني مع الصين خبر سيء للغرب، أن التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط ليس جديداً ولا حديثاً. مع ذلك، فإن ما يميز هذا التطور عن الآخرين هو أن لكل من الصين وإيران طموحات عالمية وإقليمية، ولكل منهما علاقات مواجهة مع الولايات المتحدة، وهناك عنصر أمني في الاتفاقية.

يتعلق الجانب العسكري للاتفاقية بالولايات المتحدة، تماماً كما أخافت واشنطن، التدريبات البحرية المشتركة غير المسبوقة بين إيران والصين وروسيا العام الماضي في المحيط الهندي وخليج عمان.

وشكّل نفوذ الصين المتزايد في شرق آسيا وإفريقيا تحدياً للمصالح الأميركية، والشرق الأوسط هو ساحة المعركة التالية التي يمكن لبكين أن تتحدى فيها الهيمنة الأمريكية. هذه المرة من خلال إيران. هذا مهم بشكل خاص، لأن الاتفاقية وآثارها تتجاوز المجال الاقتصادي والعلاقات الثنائية: فهي تعمل على المستوى الداخلي والإقليمي والعالمي.

على المستوى الإيراني المحلي، يمكن، بحسب المجلة، أن تكون الاتفاقية شريان حياة اقتصادياً لإيران، ما ينقذ اقتصادها المتضرر من العقوبات والذي يعاني من ضائقة مالية من خلال ضمان بيع النفط والغاز إلى الصين. بالإضافة إلى ذلك، ستكون إيران قادرة على استخدام علاقاتها الاستراتيجية مع الصين كورقة مساومة في أي مفاوضات مستقبلية محتملة مع الغرب من خلال الاستفادة من قدرتها على توسيع وجود الصين في الخليج.

وفي حين لم يتبقَّ سوى ثلاثة أشهر قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أن التدقيق في الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين إيران والصين قد يعرض للخطر إمكانية فوز الجمهوريين. ذلك لأن الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران تثبت أن استراتيجية الضغط الأقصى لإدارة الرئيس دونالد ترامب كانت فاشلة؛ لم تفشل فقط في كبح جماح إيران وتغيير سلوكها الإقليمي، لكنها دفعت طهران إلى أحضان بكين. فينا يُنظر إلى هذه الشراكة على المدى البعيد، بأن طهران تسير في خيار "التوجه شرقاً".

ستعيد العلاقات الصينية-الإيرانية حتماً تشكيل المشهد السياسي في المنطقة لصالح إيران والصين، مما يزيد من تقويض النفوذ الأميركي. في الواقع، تسمح الاتفاقية للصين بلعب دور أكبر في واحدة من أهم المناطق في العالم.

كان انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وما تلاه من تطبيق لسياسة الضغط الأقصى، آخر جهد من جانب الحكومة الأميركية لوقف النفوذ الإيراني المتزايد في الشرق الأوسط. على الرغم من أن هذه السياسة أضرت الاقتصاد الإيراني بشدة، إلا أنها لم تكن قادرة على تغيير السياسات الإقليمية والعسكرية الطموحة للبلاد حتى الآن.

لكن ما هي الخيارات الدبلوماسية وما هي الحدود التي يمكن لواشنطن الوصول إليها في التعامل مع إيران خصوصاً مع التمرد النووي الإيراني؟

تجيب مجلة "ناشونال انترست" الأميركية قائلة: "لا يوجد شيء مثل حملة انتخابية رئاسية لإثارة الجدل حول اتجاه السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، وموسم الانتخابات هذا بالتأكيد ليس استثناءً".

وتقول المجلة: "نحن نتفق على أن الطريق الصحيح للولايات المتحدة هو متابعة الجهود الدبلوماسية النووية الإقليمية. يجب أن تحاول هذه الجهود الدبلوماسية نزع فتيل التوترات وتوفير منتديات للحوار بين اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، مثل السعودية وإيران وتركيا ومصر". وتضيف "لقد أصبح الشرق الأوسط فخاً للصراع. وبينما يمكن للدبلوماسية البناءة من قبل الولايات المتحدة أن تكون قوة لتحقيق الاستقرار، فإن الوعي بحدود ما يمكن أن تقدمه مسارات المفاوضات المختلفة مع إيران مهم بالقدر نفسه".

ومن المهم، بحسب المجلة، أن نكون واضحين أن الصراع الرئيسي في الشرق الأوسط ليس بين السعودية وإيران، بل هو بين الولايات المتحدة وإيران. ثمّ بين إسرائيل وإيران. بعد كل شيء، العلاقة بين إيران والسعودية، رغم أهميتها في تهدئة بعض التوترات في المنطقة، ليست الصراع الحاسم الذي تشارك فيه إيران في المنطقة.

يمر الشرق الأوسط بتحول عميق من الداخل، يمكن أن تتأثر به قوى خارجية ولكن لا تتحكم فيه. يمكن للولايات المتحدة، التي كان لها نفوذ كبير على الديناميكيات الإقليمية في الماضي، تشكيل بعض المواقف الحاسمة للجهات الفاعلة الرئيسية، لكنها لا تستطيع تشكيل المنطقة على صورتها الخاصة.

وترى "ناشونال انترست" أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران ذات أهمية قصوى. من الأهمية بمكان أن توازن واشنطن بين موقفها الضاغط تجاه إيران مع الدبلوماسية النشطة التي توفر مساراً موثوقاً به لتغيير السلوك الإيراني. يمكن للإدارة المقبلة ويجب عليها إعادة التعامل مع خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) باعتبارها أفضل وسيلة للتعامل مع التحدي النووي مع معالجة قيودها المتعلقة بالمدة وبنود الانقضاء. لكن من غير المرجح أن تؤثر هذه السياسة على التزام إيران بالانتشار الإقليمي في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها