الخميس 2020/07/09

آخر تحديث: 12:39 (بيروت)

إيران تصعّد وجودها العسكري في سوريا..الموازي لروسيا

الخميس 2020/07/09
إيران تصعّد وجودها العسكري في سوريا..الموازي لروسيا
© Getty
increase حجم الخط decrease
بدت الاتفاقية العسكرية الموقعة أخيراً بين النظام وإيران متخمة بالرسائل السياسية الموجهة للخصوم والحلفاء. ولم تحظَ الاتفاقية نفسها بالاهتمام قدر ما حظيت به تصريحات المسؤولين التي صدرت بعد توقيعها، الأربعاء في دمشق.

الاتفاقية الأخيرة ليست الأولى من نوعها بين النظامين السوري والإيراني، اللذين يرتبطان باتفاقية دفاع مشترك، تم توقيعها كردّ على تهديدات واشنطن القوية للطرفين عقب الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وهي اللحظة التي يعتبرها البعض نقطة التحول الأولى في العلاقات بين البلدين، حيث انتقلت العلاقة من مرحلة التحالف الندّي إلى مرحلة الهيمنة الإيرانية على دمشق، والتي بلغت ذروتها خلال الأعوام الأخيرة الماضية، بعد تدخل طهران العسكري إلى جانب النظام منذ العام 2011.

رسائل النظام
رسائل الاتفاقية بدت واضحة من تصريحات وزير دفاع النظام علي أيوب، الذي وقع الاتفاقية عن الجانب السوري، وذلك من خلال تصريحاته في المؤتمر الصحافي المشترك الذي جمعه مع رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري بعد التوقيع.

الرسالة الأولى والأبرز، كانت موجهة إلى طهران بالدرجة الأولى، وتحمل تأكيداً جديداً من النظام على التمسك الذي لا يقبل الشك بخيار التحالف الاستراتيجي مع إيران، الذي كان قد بدأه حافظ الأسد منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية عام 1979، خارقاً بذلك الإجماع القومي العربي.

الرسالة الثانية كانت للأنظمة العربية التي برّرت تقاربها مع النظام مؤخراً بالسعي لإبعاده عن إيران، وهنا كان وزير دفاع الأسد صريحاً ومباشراً في الرد على هذه الأنظمة، وعلى إسرائيل في الوقت نفسه التي طالبت النظام بالابتعاد عن إيران لضمان استمراريته، إذ اعتبر أيوب أن "من يراهن على تخريب العلاقة بين دمشق وطهران واهمٌ، وعليه أن يستيقظ من أحلامه".

رسالة النظام الثالثة كانت موجهة لروسيا، حليفته الأخرى التي لا يبدو أن العلاقات بينه وبينها على أحسن ما يرام بالفعل، وتكشف انزعاج النظام من الضغوط والتحركات الروسية التي تمارسها للدفع باتجاه الدخول بعملية سياسية أكثر جدية مع المعارضة، وعليه تبدو الاتفاقية تتويج لرسائل عديدة سبق وأن وجهها النظام وعبر فيها عن ارتماءه في الحضن الإيراني وابتعاده أكثر عن خيارات موسكو.

رسائل إيران
من جانبها فإن إيران التي تضع بهذه الاتفاقية الجديدة وجودها العسكري في سوريا بمستوى الوجود الروسي من الناحية القانونية، وتنقله من حيّز الإنكار الرسمي الذي ظل يردّده الجانبان ويقولان إنه مجرد حضور استشاري، إلى حيز الوجود الشرعي.

الرسالة الإيرانية المباشرة الأولى ذهبت باتجاه الدول التي تطالب أو تأمل بخروج القوات الإيرانية والميليشيات المرتبطة بها من سوريا، وهي هنا تتعدى أميركا واسرائيل إلى تركيا وحتى روسيا، الدولتين اللتين كشفت تقارير إعلامية سعيهما لايجاد طريقة تجبر طهران على الانسحاب الكامل أو الجزئي من الأراضي السورية، من أجل المساعدة على إطلاق عملية ديبلوماسية تنهي الحرب في البلاد.

"باقون ونتمدد" هذا ما تقوله طهران بكل وضوح من خلال الاتفاقية العسكرية هذه، ومهما كان الثمن أيضاً، وإذا كان على أحد الخروج من سوريا فعلى الآخرين القيام بذلك وليس نحن، تقول إيران، وأوّلهم تركيا، التي اعتبر رئيس الأركان الايراني محمد باقري أن عليها "إخراج قواتها من الأراضي السورية والبدء بحوار مع النظام".

وإذا كانت إيران لا تستطيع قول الكلام نفسه لروسيا، فإن رسالتها القوية إلى موسكو جاءت من خلال تأكيد باقري أن بلاده ستقوم بتعزيز أنظمة الدفاع الجوية لجيش النظام، في إشارة واضحة إلى غضب كل من دمشق وطهران على عدم فاعلية منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-300" في منع الغارات الجوية الإسرائيلية والأميركية ضد المواقع الإيرانية والعسكرية التابعة للنظام في سوريا.

رسائل مشتركة
ويقول اللواء المنشق عن جيش النظام محمد حاج علي إن إيران تهدف أيضاً إلى طمأنة ميليشياتها والحاضنة المؤيدة للنظام وللحليف الإيراني ببقائها في سوريا.

ويضيف حاج علي في تصريح ل"المدن"، أن "الهدف من تجديد اتفاقية الدفاع المشترك بين النظام وطهران وتطويرها، هو تمرير رسائل طمأنة للقوى المرتبطة بإيران والبيئة الحاضنة بعدم تخلي إيران عنهم، وأنها ستقوم بكل ماهو ممكن لضمان بقائها، وهي الرسالة الموجهة لأعداء إيران ومنافسيها أيضاً".

لكن هل تستطيع إيران تلبية الالتزامات التي يتطلبه هذا النوع من التحدي؟، سؤال يجيب عليه حاج علي قائلاً: "الاتفاق الأخير يتيح لإيران القدرة على نصب قواعد مضادات جوية في سوريا، وهي موجودة بالفعل لكنها ضعيفة الفاعلية، كما أنها غير قادرة على تغطية كامل السماء السورية، إضافة إلى وجود أنظمة تشويش متطورة لدى اسرائيل، وهو ما يجعل من التصريحات الإيرانية حول تعزيزات الدفاعات الجوية في سوريا موجهة لروسيا أكثر من غيرها من الدول".

وأشار الحاج علي إلى أن إيران تعتبر سوريا أرضاً مهمة لنفوذها في المنطقة، وركناً أساسياً في مشروعها التوسعي يفوق أهمية العراق، وهو ما جعلها تركز وبشكل كامل على التغلغل ضمن مفاصل جيش النظام السوري وأجهزة الدولة، نظراً لكون سوريا عقدة ربط بين إيران ولبنان، وبقائها في سوريا يعني استمرار سلطة وهيمنة "حزب الله" على لبنان.

من المفترض أن تكون الاتفاقية العسكرية الأخيرة هذه، بين النظام وإيران، بمثابة إفشال لكل التوقعات التي تحدثت عن إمكانية خروج أو إخراج إيران من سوريا، سواء بالقوة أو بالدبلوماسية، فالنظام يؤكد أنه لا يريد خروجها، وطهران تجدّد وجودها على الأراضي السورية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها