الأربعاء 2020/06/03

آخر تحديث: 16:54 (بيروت)

مصير الأسد مرتبط بالانتخابات الأميركية..هل يسقط إذا فاز ترامب؟

الأربعاء 2020/06/03
مصير الأسد مرتبط بالانتخابات الأميركية..هل يسقط إذا فاز ترامب؟
© Getty
increase حجم الخط decrease
ترى مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن مصير رئيس النظام السوري بات مرتبطاً بمصير الانتخابات الأميركية المقبلة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، التي ستحدد التعامل الأميركي مع النظام الإيراني، وبالتالي قدرته على الاستمرار في دعم النظام السوري.

وتلمح المجلة في تقرير بعنوان: "الانتخابات الأميركية ستحدد مصير الأسد"، إلى أن نظام بشار الأسد قد ينهار، إذا فاز الرئيس دونالد ترامب بولاية جديدة، نتيجة حملة الضغوط القصوى التي أرهقت نظام طهران اقتصادياً، وجعلته غير قادر على دعم حلفائه كما في السابق.

وتقول إن "الأثر الاقتصادي للحرب الأهلية السورية يضرب مجدداً، وبات يهدد بجولة جديدة من الاضطرابات. نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران أيضاً، الداعم المالي الرئيسي لسوريا، الذي يتجاوز دعمه حتى دعم روسيا، فقد اضطرت سوريا إلى الاعتماد على مواردها المحدودة، من دون أي تأثير يذكر".

الآن، يعتمد بقاء نظام بشار الأسد بشكل مثير للسخرية، على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر وما سيترتب عليها على صعيد العلاقات الأميركية-الإيرانية.

نتج تدهور الاقتصاد السوري إلى حد كبير عن تدمير البنية التحتية المدنية منذ بداية الثورة في عام 2011، إلى جانب العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى ما يقرب من ثلث مستوى ما قبل الصراع، فيما انخفضت موجودات البنك المركزي إلى حوالي 480 مليون دولار مقابل أكثر من 20 مليار دولار في العام 2010، ما أدى إلى انهيار سعر العملة.

في الظروف العادية، يمكن، بحسب المجلة، أن تتوقع سوريا الاعتماد على إيران للحصول على مساعدة مالية، لكن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 ركّعت الاقتصاد الإيراني، مما أجبر الحكومة الإيرانية على تركيز مواردها المحدودة على الداخل، وترك سوريا لمواجهة مشاكلها الاقتصادية وحدها. جائحة كورونا وجّهت أيضاً، ضربة أكبر للاقتصاد الإيراني، وتسببت في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 15 في المئة.

تمتعت أغلب سياسات الولايات المتحدة تجاه سوريا بدعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي، وتبنت كل من إدارتي ترامب وسلفه باراك أوباما نهجاً مشابهاً تجاه النظام السوري: الانخراط في تدخل عسكري شامل لهزيمة "داعش"، فرض عقوبات اقتصادية قاسية على نظام الأسد. 
لكن بينما كان تدخّل الولايات المتحدة مساعداً في انهيار الاقتصاد السوري، كان بإمكان الأسد دائماً الاعتماد على دعم إيران لتعزيز وضعه. لهذا السبب، كان للمقاربات المتباينة بين ترامب وأوباما تجاه إيران، أكبر الأثر على الاقتصاد السوري.

في الواقع، كان الدعم الإيراني عاملاً حاسماً في إبقاء نظام الأسد طافياً في خضم النزاع، واستخدم هذا الدعم لهزيمة كل من "داعش" وقوى المعارضة وإعادة فرض سلطته في أجزاء كبيرة من البلاد. كما لعبت روسيا دوراً مهماً في سوريا. بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والجوي لقوات الأسد، حمت موسكو عبر دور سياسي حيوي، سوريا من أكثر من 14 قراراً أممياً من خلال ممارسة حق النقض في مجلس الأمن.

خفف أوباما إثر الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، الضغط الاقتصادي بشكل كبير على طهران. وأدى الاتفاق إلى فك تجميد العديد من الأصول الأجنبية لإيران وسمح لاقتصادها بالازدهار، وبالتالي منحها القدرة على مواصلة تقديم الدعم لحلفائها في الخارج. لكن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي عكس الواقع. بعد هذه الخطوة إنقطع خط الائتمان من إيران إلى سوريا، مما أدى على الفور إلى انهيار قطاع النفط السوري، الذي تعتمد عليه البلاد بشدة.

استجابت حكومة النظام السوري للأزمة الإيرانية بتطبيق إجراءات تقشف صارمة. وأصدر الأسد مرسومين تشريعيين زادا من راتب المتقاعدين والموظفين العموميين بهدف وضع المزيد من الأموال في جيوب الناس على أمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وفي نهاية المطاف تحفيز الاقتصاد.

كان منطقه سليماً، لكن توجيهاته السياسية، بحسب "فورين بوليسي"، كانت مقيدة بنقاط الضعف الكامنة في الاقتصاد. بالإضافة إلى فقدان رأس المال المادي، عزلت العقوبات الاقتصادية سوريا عن السوق الدولية، مما حد من قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي أدى بدوره إلى إعاقة قدرتها الإنتاجية. وأكثر من ذلك، فإن قدرة التمويل الذاتي للاقتصاد محدودة، لا سيما وأن الأسر السورية اضطرت إلى الاعتماد بشكل متزايد على مدخراتها للبقاء.

وتقول: "حتى رجال الأعمال السوريين الأغنياء لا يقدمون سوى القليل من المساعدة. لقد قاموا بسحب معظم أموالهم من البنوك السورية وإعادة استثمارها في البلدان المجاورة. لذا، على الرغم من أن مبادرات سياسة الأسد أعطت المزيد من المال لمزيد من السوريين، إلا أنهم لم يتمكنوا من التغلب على مجموعة متنوعة من التحديات التي يواجهها الاقتصاد".

لأن الكثير من صحة الاقتصاد السوري يتوقف على حصول الحكومة على دعم مالي من إيران، فإن مستقبل البلاد، وبالتالي، مستقبل بشار الأسد كرئيس، يعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. 

وترى "فورين بوليسي" أنه إذا فاز ترامب بولاية ثانية، يمكن للسوريين توقع تكرار الأحداث: استمرار حملة الضغوط القصوى على طهران، مع الحفاظ على عقوبات صارمة وإجبارها على تركيز مواردها على اقتصادها المتدهور.

لكن إذا فاز المرشح الديموقراطي جو بايدن، فمن المحتمل أن تعود الولايات المتحدة إلى الدبلوماسية، وتختار التعامل مع إيران، والأهم من ذلك، إعادة الدخول في صفقة أوباما النووية. كجزء من هذه العملية، من المحتمل أن ترفع إدارة بايدن بعض العقوبات الاقتصادية على إيران، مما يسمح لها بتوجيه مواردها مرة أخرى نحو الخارج. 

بطبيعة الحال، الخطر الكامن في مثل هذه الخطوة هو أن الأسد سيتعزز في سوريا، مما يقوض نظام العقوبات الأميركية هناك ويعزز مكانة إيران في الشرق الأوسط. ولكنه سيعني أيضاً التخفيف من المظالم العامة وإعادة الاقتصاد السوري إلى مسار الاستقرار، بحسب المجلة.

المفارقة في كل هذا، بحسب "فورين بوليسي"، هو أن ما هو مناسب للشعب السوري في المناطق التي يسيطر عليها النظام مناسب أيضاً للأسد، على الأقل في الوقت الحالي. التدفق النقدي من إيران سيعزز بلا شك نظامه، مما يسمح له بإعادة بناء "شرعيته" في الداخل من خلال تخفيف السخط بين السوريين الفقراء.

لكن المجلة تجزم بأن لا رئاسة ترامب ولا بايدن ستؤديان إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية على سوريا، لذا فإن إمكانات النمو في البلاد ستظل محدودة طالما أن الأسد في السلطة. لكن إذا استطاعت سوريا الاعتماد مرة أخرى على دعم كبير من إيران، فالتوقعات تصب في صالح أن يمسك الأسد بزمام السلطة إلى أجل غير مسمى.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها