الجمعة 2020/05/08

آخر تحديث: 14:13 (بيروت)

واشنطن تحشد الحلفاء..تمهيداً لعملية إخراج إيران من سوريا؟

الجمعة 2020/05/08
واشنطن تحشد الحلفاء..تمهيداً لعملية إخراج إيران من سوريا؟
© Getty
increase حجم الخط decrease
"سوريا وتركيا دولتان قادرتان على حماية حدودهما وقواتنا هناك من أجل النفط". تصريح جديد للرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعاد فيه خلط الأوراق من جديد حول "الاستراتيجية الأميركية" في سوريا والمنطقة بشكل عام، في ظل تنامي الحديث عن اقتراب واشنطن من إطلاق عملية واسعة شرق سوريا وغرب العراق، لمواجهة النفوذ الإيراني، بالتعاون مع الدول والجماعات المعادية لطهران في المنطقة.

تعزيزات أميركية
بعد يومين فقط من دخول تعزيزات أميركية جديدة إلى الحسكة قادمة من العراق، وبالتزامن مع عقد مسؤولين عسكريين أميركيين اجتماعات مع ممثلين عن فصائل معارضة متحالفة مع واشنطن، تحضيراً لتحرك جماعي ومتوازٍ ضد الميليشيات الإيرانية، يأتي تصريح ترامب الأخير ليؤكد المخاوف التي تبديها قوى سورية وعراقية من المضي قدماً مع الولايات المتحدة في هذه الخطة.

وتتركز مخاوف القوى السنية السورية والعراقية المعارضة التي تأمل واشنطن بأن تمثل أحد جناحي القوة البرية، إلى جانب القوات الكردية، في مواجهة الميليشيات الإيرانية المنتشرة في غرب العراق وشرق سوريا، على نقطتين:


الأولى: أن تتوصل الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق قبل حزيران/يونيو، موعد انتهاء المهلة الأميركية الممنوحة لطهران من أجل الاستجابة لتعديلاتها المقترحة حول الاتفاق النووي، ما يمكن أن يؤدي إلى تخلي واشنطن عن القوى التي ستتحالف معها، وتتركها عرضة للانتقام كما حصل مع تجربة الصحوات العراقية.

والثانية: عدم ثقة فصائل الجيش السوري الحر المتعاونة مع قوات التحالف الدولي بحزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني، الذي يقود قوات سوريا الديمقراطية "قسد" سواء بسبب طبيعة العلاقات التي تربطه بإيران أو بسبب طموحات الحزب ورؤيته لمستقبل سوريا بشكل عام.

إلا أنه وحسب معلومات حصلت عليها "المدن" فإن ممثلي الولايات المتحدة في قوات التحالف الدولي الذين التقوا قادة ما يعرف بفصائل التنف، التابعة للجيش السوري الحر، وممثلين عن "قسد" منتصف هذا الأسبوع قد عملوا على تبديد هذه المخاوف.

وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت تعزيزات إضافية لقواتها المنتشرة في شمال شرق سوريا قبل عدة أيام، حيث أدخلت أكثر من ثلاثين آلية تحمل جنوداً وعتاداً قادمة من العراق من خلال معبر الوليد الحدودي واتجهت إلى قاعدة "قصرك" في منطقة تل بيدر بريف الحسكة شمالي سوريا.

اجتماع التنف
التقى قادة عسكريون أميركيون على مدار يومي الاثنين والثلاثاء، قادة في فصائل "جيش سوريا الجديد" و"جيش المغاوير" و"جيش أسود الشرقية" العاملة في منطقة البادية، والمرتبطة بقوات التحالف الدولي من خلال قاعدة التنف "من أجل مناقشة وضع خطة الولايات المتحدة لمواجهة النفوذ العسكري الإيراني في سوريا برياً موضع التنفيذ" حسب مصادر من الجيش الحر.

المصادر قالت ل"المدن"، إن ممثلين عن "قسد" حضروا اللقاء أيضاً، وتم تخصيص جزء مهم من المحادثات للعلاقة بين "فصائل التنف" و"قسد"، وسبل تطوير هذه العلاقة وبناء الثقة بين الجانبين، على الأقل بعد أن بات الأميركيون مقتنعين على ما يبدو باستحالة اندماجهما.

ويرى قادة هذه الفصائل أن حزب "الاتحاد الديموقراطي" يرتبط بعلاقة مريبة مع طهران وكذلك مع النظام، الأمر الذي يجعل من الصعب الوثوق برغبته في مواجهة إيران بالفعل، ويزيد من الشكوك حول دوافع الحزب للمشاركة في أي عملية بهذا المستوى والحجم، كما تصر هذه الفصائل على أن يحدد الحزب الكردي موقفه من العلاقة مع "حزب العمال الكردستاني" ووحدة الأراضي السورية بوضوح.

لكن، وحسب المصادر نفسها، فإن الأميركيين أبلغوا قادة فصائل الجيش الحر، بأن جهداً موازياً يتم بذله من أجل توحيد الموقف الكردي، بما يتطابق وموقف المعارضة بشكل عام من النظام ومستقبل الحكم في سوريا، وأن هذا الجهد يكاد يقترب من الانجاز، وأن حزب "الاتحاد" الذي يهيمن على "قسد" سيتبنى بشكل واضح خلال الأيام القادمة موقف أحزاب المجلس الوطني الكردي السوري.

اجتماع الأردن
وبالتزامن مع اللقاء الذي عقد في قاعدة التنف شرق سوريا، كان مسؤولون أميركيون يلتقون ممثلين عن سنة غرب العراق في العاصمة الأردنية عمان "لبحث الاستراتيجية الاميركية نفسها، والمتعلقة بمواجهة النفوذ والميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق" حسب مصادر "المدن".

ورغم شح المعلومات حول مجريات هذا اللقاء، إلا أنه من المرجح أن يكون المجتمعون قد استأنفوا مشاوراتهم السابقة حول بناء قوى سنية عراقية من أبناء محافظة الأنبار، للتعاون مع قوات التحالف من أجل مواجهة كل من "داعش" والميليشيات المرتبطة بإيران.

وفي الإطار ذاته، وبالتزامن مع لقاء الأردن، عقد اجتماعٌ عشائريٌ موسعٌ في أحد أقضية محافظة الانبار، ضم العشرات من مشايخ القبائل السنية في المحافظة، الداعمين لمشروع "الإقليم السني" الذي يعبر عن القوى الأكثر عداءاً لإيران في المحافظة، والتي لا تخفي رغبتها واستعدادها للانخراط في أي خطة لمواجهة التمدد الإيراني غرب العراق.

وحسب المعلومات التي حصلت عليها "المدن"، فإن الاستراتيجية الأميركية المتعلقة بمواجهة استراتيجية إيران للتمدد غرباً وبسط نفوذها وصولاً إلى المتوسط، تشمل القوى والجماعات الكردية والعربية المعادية لإيران، بالاستفادة من موقع الأردن ومخاوفه مما يعرف ب"الهلال الشيعي"، الذي تعتقد عمّان بقوة أن إيران تعمل على إحيائه بما يهدد وجود المملكة على المدى البعيد، ولذلك فهي تدعم الجهود المبذولة لمواجهة التمدد الإيراني في دول الجوار.

حرب الوكلاء
يبدو أن الإدارة الأميركية باتت أكثر إقتناعاً اليوم بأن الطريقة الأفضل لمواجهة إيران هي استراتيجية "حرب الوكلاء"، من خلال تطبيق استراتيجية طهران نفسها، عبر استخدام الجماعات والقوى المحلية المتضررة من النفوذ الإيراني في بلدان الشرق الأوسط، التي باتت تسيطر عليها الجمهورية الإسلامية بشكل غير مباشر، بإنشاء ودعم ميليشيات مرتبطة بها كما يحصل في العراق وسوريا، وكذلك لبنان واليمن.
ففي الخامس عشر من حزيران/يونيو 2019، كشفت مسؤولة أميركية عن هذا التوجه بوضوح، في لقاء جمعها مع قوى مؤيدة لترامب، اذ قالت مستشارة وزير الخارجية الأميريكية ماري كيسل: "على الولايات المتحدة أن تعتمد على قوى محلية في العراق وغيرها من بلدان المنطقة، وليس على الحكومات، من أجل مواجهة التغول الإيراني في هذا البلد"، منتقدة موقف بغداد المتضامن مع طهران في ما يتعلق بالتصعيد الأميركي ضد طهران.

العقيد المنشق عن جيش النظام السوري عماد شحود أكد ل"المدن"، وجود خطة أميركية تبلورت خلال العامين الماضيين من أجل تطبيق هذا التوجه، وأوضح أن واشنطن تعمل على الاستفادة من تقاطع المصالح بينها وبين القوى الكردية والسنية في العراق وسوريا لمواجهة النفوذ الإيراني.

وقال شحود إن "الولايات المتحدة تسعى لتوظيف الصراع السني الشيعي في المنطقة لصالح خطتها التي تهدف إلى تقويض النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان على وجه التحديد، ومنع طهران من تأمين طريقها للوصول إلى شواطئ البحر المتوسط، من خلال التعاون مع القوى العسكرية المعارضة لهذا النفوذ، ودعم هذه القوى بفاعلية لمواجهة الميليشيات التي أنشأتها إيران في الدول الثلاث المذكورة".

وأضاف شحود "يبدو أن الولايات المتحدة واسرائيل وصلتا إلى مرحلة حاسمة في هذا التوجه، وهذا ما بات واضحاً من خلال التصريحات الأخيرة التي عبر فيها الطرفان عن رغبتهما بانهاء التواجد الإيراني بشكل كامل في سوريا، وليس فقط احتواءه أو تحجيهم، وكذلك في التصعيد النوعي للضربات التي باتت توجه لهذا التواجد، والذي بدأ مطلع العام الجاري مع اغتيال (قائد فيلق القدس السابق) قاسم سليماني، وأخيراً مع الهجمات التي استهدفت مواقع للنظام السوري والميليشيات الإيرانية جنوب حلب وشرق دير الزور، بالإضافة إلى الضربات الأخرى التي لم تنقطع".

لكن شحود يرى أن نجاح الخطة الأميركية هذه، والتي تحظى أيضاً بدعم خليجي وأردني، يتوقف أيضاً على مدى الاستعداد والقدرة التي يمكن أن تكون عليها الجماعات التي سيعول عليها لتتحمل عبء المواجهة البرية مع الأذرع الإيرانية، وكذلك على طريقة الاستجابة الإيرانية مع هذه الخطة، إذ أن طهران لن تبقى مكتوفة بطبيعة الحال، بل بدأت بالفعل العمل على خطة موازية طويلة الأمد، وتتمثل في الانتقال من نشر ميليشيات شيعية في سوريا، إلى تشكيل قوى محلية قوامها المتشيعون من أبناء المناطق التي تنتشر فيها حالياً، والتي يمكن أن تشكل بديلاً راسخاً عن الميليشيات التي استقدمتها من أفغانستان وباكستان والعراق، والتي قد تضطر لسحبها أو تقليص حضورها تحت الضغط العسكري والاقتصادي في حال استمر الوضع على ما هو عليه الآن.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها