الثلاثاء 2020/05/12

آخر تحديث: 10:27 (بيروت)

الدوريات المشتركة تُشظّي المعارضة..وتبيض صفحة روسيا

الثلاثاء 2020/05/12
الدوريات المشتركة تُشظّي المعارضة..وتبيض صفحة روسيا
© Getty
increase حجم الخط decrease
يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار في ادلب الذي توصل اليه الرئيسان التركي والروسي في موسكو 5 آذار/مارس بات قابلاً للاستمرار أكثر من أي وقت مضى بعد نجاح الدورية المشتركة الروسية-التركية التاسعة في المسير لأطول مسافة على الطريق "أم-4" مؤخراً، ويضاف إلى ذلك عوامل أخرى تجعل فرص استمرار العمل باتفاق التهدئة أكبر خلال الفترة القادمة، أهمها، تشكيل تحالفات غير معلنة للقوى المسلحة الكبرى الداعمة للاتفاق وعزل التشكيلات الرافضة له.

بعد وصول الدوريات إلى أريحا الواقعة في منتصف الطريق تقريباً بات مسيرها نحو النقاط الأخيرة في عين حور مروراً بمنطقة جسر الشغور مسألة وقت، بعد أن انتهى الجيش التركي من عمليات التأمين والحماية، وبعد أن حُلّت عثرة الاعتصامات الرافضة للدوريات ومن خلفها "جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، والتي بدلت مواقفها لتصبح أكثر مرونة مؤخراً.

وبدا أن الفصائل المعارضة قد بدأت فعلاً بالتمهيد لمرحلة ما بعد الدوريات على الطريق "أم-4"، وباتت تلمح إلى إمكانية فتح صفحة جديدة مع روسيا باعتبارها مع تركيا ضامناً لاتفاق وقف إطلاق النار. انفتاح المعارضة المفترض على روسيا يهدف إلى تثبيت الاتفاق بالدرجة الأولى وتحت المظلة التركية حليفة المعارضة، ووفق محدداتها في الغالب.

ورغم هجوم تنظيم "حراس الدين" الذي يتزعم "غرفة عمليات وحرّض المؤمنين" على مواقع لقوات النظام والمليشيات الموالية لها في سهل الغاب شمال غربي حماة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 20 عنصراً للنظام، ظل الميدان تحت السيطرة، واقتصرت ردود فعل قوات النظام على القصف البري، والهجمات المعاكسة المحدودة التي استعادت من خلالها نقاطها التي خسرتها خلال الهجوم المفاجئ. الهجمات الأخيرة للحراس تعجل في عزلها ومعها مجموعة من التنظيمات السلفية.

صفحة جديدة
تحاول المعارضة الاستفادة من النجاح النسبي لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب والانتقال من مرحلة التبعية الصامتة لحليفها التركي إلى مرحلة التصريح علناً بدعم تحركاته العسكرية والسياسية في إدلب بشكل خاص. تحركات المعارضة المفترضة تزامنت مع تصاعد التنافس الغير معلن بين روسيا وإيران في سوريا، والأزمة الداخلية التي يعيشها نظام الأسد بين أقطاب السلطة والنفوذ المنقسمة بين داعمي النظام، روسيا وإيران. هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها شخصيات من المعارضة السورية عن إمكانية فتح صفحة جديدة مع روسيا وتدعوها للتخلي عن الأسد بضمان الحفاظ على مصالحها.

وقال مدير المكتب السياسي في "فرقة المعتصم" التابعة ل"الجيش الوطني"، مصطفى سيجري، إن "روسيا اليوم قادرة على إيقاف معاناتنا، وقادرة على حماية مصالحها إن أدركت أهمية التصالح مع الشعب السوري، والتعاون مع تركيا. وبعد تسيير الدوريات المشتركة بتنا أمام مرحلة تاريخية، إما الدفع باتجاه حقبة آمنة مستقرة، وإما العودة إلى نقطة البداية".
وأوضح سيجري في مقالته التي نشرت في موقع "نداء سوريا"، أن "المشكلة الأساسية تكمن في شخص بشار الأسد ومجموعة من الشخصيات. إن ساعدنا الروس ورفعوا أيديهم عنهم فستكون فرصة عظيمة لفتح صفحة جديدة برعاية وضمانة تركية".

وفي حديث مع "المدن"، قال سيجري إنه "يتوجب على روسيا أن تدرك بأن مواجهة الشعوب مواجهة خاسرة، ولهم في التاريخ عبرة، وعلى تركيا أن تستفيد من تركيا كضامن، إن أرادت وقف الحرب وضمان مصالحها في المنطقة". وأضاف سيجري أن "تخلي الرئيس الروسي فلايمير بوتين عن الأسد والتعاون مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتوقف عن قتل شعبنا كفيل لفتح صفحة جديدة".

وتابع: "ندرك أن التدخل الروسي في سوريا لا يشبه التدخل الإيراني الذي يستهدف الشعب والدين والحاضر والمستقبل، وأن التحركات الروسية كانت في سياق الصراع الدولي والإقليمي والذي يتخطانا بطبيعة الحال، وما قام به الروس من قتل وتدمير ليس هدفاً بحد ذاته إنما لأجل النفوذ وتحقيق المكاسب الاقتصادية".

التنظيمات السلفية تصعد
واجهت التنظيمات السلفية في "غرفة عمليات وحرض المؤمنين" انتقادات لاذعة مؤخراً وجهتها لها قيادات الفصائل المعارضة و"جبهة النصرة" بسبب العمليات الهجومية التي نفذتها التنظيمات في محاور سهل الغاب شمال غربي حماة والقصف الصاروخي الذي استهدف القواعد الروسية في اللاذقية.

تحركات "وحرّض المؤمنين" بزعامة تنظيم "حراس الدين"، التابع ل"القاعدة"، تأتي لتعبر عملياً عن موقفها الرافض لاتفاق وقف إطلاق النار، وهي المرة الأولى التي تصعّد فيها غرفة التشكيلات السلفية بهذا الشكل منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.

أزعجت الدوريات المشتركة الروسية-التركية التنظيمات التي اتهمت "جبهة النصرة" بالخيانة والسماح للقوات الروسية بالمرور بحمايتها بعد أن تم فضّ الاعتصامات على الطريق "أم-4" بتوجيهات من "النصرة". وبدا أن "الحراس" ومعهم باقي التنظيمات الرافضة باتوا أكثر خشية من عزلهم والقضاء عليهم في مرحلة لاحقة إذا استمر العمل بالاتفاق.

تحركات "وحرّض المؤمنين" العسكرية سبقتها تصريحات مفاجئة لزعيمها قائد تنظيم "حراس الدين"، أبو همام الشامي، في بيان مسرب تداولته الأوساط السلفية والمعارضة، اتهم فيه "جبهة النصرة" بتسهيل مرور الدوريات المشتركة، ودعا عناصرها للانشقاق عنها لأنها أصبحت "جماعة مرتدة وكافرة، وبذلك يحلّ قتالها". البيان المتداول لم تنفه قيادة "حراس الدين"، وحاول أنصار التنظيم التقليل من أهميته بعد أن أحدث جدلاً واسعاً في أوساط المعارضة، وأثار غضب "النصرة"، أنصار الحراس قالوا إن البيان لشخص آخر يدعى أبو همام الشامي، وليس قائد التنظيم.

وقال الباحث السوري، عباس شريفة، ل"المدن"، إن "تحركات حراس الدين مكشوفة وواضحة التبعية، فهي تخدم الأجندة الإيرانية التي تبحث مع النظام عن ذرائع لاقتحام المنطقة. ما يفعله الحراس مجرد استعراض كاذب ورياء ومزايدات فارغة، المهم أن الناس كشفت رياءهم وباتوا يدركون تماماً أن تحركات التنظيم لا تصب إلّا في صالح العدو، ولا تؤدي إلّا الى خسارة مناطق جديدة، ولا يمكن الفصل بين هجوم سهل الغاب وبين هدم محطة زيزون منذ أيام كلاهما يخدمان النظام".

قادة في "النصرة"، بينهم العراقي، أبو ماريا القحطاني، والقلم الشامي، وآخرين، قالوا إن "تحركات حراس الدين لا يدفعون ثمنها، يضربون وينسحبون في عمليات استعراضية هدفها الدعاية لا أكثر. لم نرَ مشاركات وحرض المؤمنين في معارك خان شيخون وغيرها، الأولى بهم أن ينسقوا مع غرفة العمليات المركزية فلا فائدة لعملياتهم، وهذه المراهقات والاستعراضات لا تنفع".

قد تفتح تحركات الحراس وباقي التنظيمات الباب لمرحلة جديدة من الصراع بين الفصائل السلفية عموماً، والتي ستكون الفصائل المعارضة جزءاً منها لامحالة في حال استمر التصعيد وعرقلة تطبيق الاتفاق.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها