الجمعة 2020/04/24

آخر تحديث: 13:00 (بيروت)

ألمانيا تفتتح مسار محاكمات دولية لجرائم النظام السوري

الجمعة 2020/04/24
ألمانيا تفتتح مسار محاكمات دولية لجرائم النظام السوري
محكمة ألمانية تحاكم ضباط من النظام السوري بجرائم ضد الانسانية (Getty)
increase حجم الخط decrease
عقدت المحكمة العليا الألمانية، في مدينة كوبلنز، جلسة للنظر في جرائم ضد الإنسانية بينها التعذيب والاعتداء الجنسي والاغتصاب نفذها ضابطان سوريان تابعان للنظام بحق العشرات من مواطنيهما.


ومثل أمام المحكمة، التي تقع في ولاية "راينلاند بفالتس" غرب البلاد، المشتبه به الرئيس الموقوف أنور رسلان (57 عاماً) بصفته عقيداً سابقاً في جهاز أمن الدولة التابع للنظام السوري، ويتهمه القضاء الألماني بالمسؤولية عن مقتل 58 شخصاً وعن تعذيب ما لا يقل عن أربعة آلاف آخرين من نيسان/أبريل 2011 إلى أيلول/سبتمبر 2012، في "فرع الخطيب" الأمني، الذي كان يديره في دمشق.

كما مثل أمام المحكمة نفسها إياد الغريب (43 عاماً) وهو متهم بالتواطؤ في جريمة ضد الإنسانية لمشاركته في توقيف متظاهرين تم اقتيادهم إلى هذا السجن بين الأول من أيلول/سبتمبر و31 تشرين أول/أكتوبر 2011.

ويستند الإدعاء الألماني في إجراء المحاكمة على صلاحيات عامة تتيح له مقاضاة المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة في أي مكان في العالم.

وأكد المدعي جاسبر كلينغ أن العسكري السابق الذي وصل إلى ألمانيا كطالب لجوء في 26 أيلول/سبتمبر 2014 "كان يعلم حجم أعمال التعذيب" التي كانت ترتكب في مركز الاعتقال الذي كان يشرف عليه، مشدداً على "الدور المحوري" لأجهزة الاستخبارات في القمع الدموي للثورة الشعبية التي انطلقت في آذار/مارس 2011.

وبحسب الاتهام "ارتكبت جرائم قتل بحق معتقلين في هذا السجن الواقع شمال شارع بغداد في دمشق تحت إشرافه ومسؤوليته لانتزاع اعترافات ومعلومات عن المعارضة" في سوريا.

ووصف المدعي شروط الاعتقال في السجن بأنها "غير إنسانية" واصفا زنزانات "مساحتها 50 متراً مكعب يتكدس فيها 140 معتقلاً وسط درجات حرارة مرتفعة جدا" ولم يكن في إمكانهم الجلوس أو الاستلقاء.

وأمام ستة من الضحايا، أشار المدعي إلى الصعق الكهربائي الذي تعرض له المعتقلون وخصوصا من بينهم امرأة تم توقيفها في دمشق في أيار/مايو 2011. وخلال استجوابها تعرضت أيضا للاغتصاب.

وبحسب النيابة العامة، فإن المعتقلين في سجن "الخطيب" الذين شارك العديد منهم في التظاهرات المطالبة بالحرية والديموقراطية التي شهدتها سوريا في سياق تحركات "الربيع العربي" اعتبارا من آذار/مارس 2011، تعرضوا "للكم والضرب بالعصي والأسلاك والجلد" كما خضعوا ل"الصعق بالكهرباء".


وكشفت النيابة العام أنه تم تعليق البعض بمعصميهم "بحيث لا يلامسون الأرض إلا برؤوس أقدامهم" و"استمر ضربهم في هذه الوضعية"، مشيرةً إلى "حرمانهم من النوم لعدة أيام".
وجاء في بيان الاتهام، أن "وسائل التعذيب الجسدية والنفسية الوحشية" كانت تهدف إلى انتزاع "اعترافات ومعلومات حول المعارضة".

ومن المتوقع أن تُعرض خلال المحاكمة صور من بين آلاف التقطها مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية يُعرف عنه باسم مستعار هو "قيصر"، تمكن من الهرب من سوريا صيف عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة مروعة تظهر جثثا تحمل آثار تعذيب.

وتجمع ناشطون ولاجئون سوريون أمام المحكمة وعبروا عن غبطتهم ببدء المحاكمة، بينهم المخرج فراس فياض والمحامي أنور البني الذي اعتقل من قبل رسلان في دمشق.

وأوضح البني أن "المحكمة تنظر في الإعتقالات العشوائية والتعسفية والتعذيب من الأسلحة الرئيسية التي يستخدمها نظام الأسد لنشر الخوف والرعب بين السوريين وتقويض مطالباتهم بالديموقراطية والعدالة".

وقال فولفغانغ كاليك، الأمين العام لـ"المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان"، المنظمة غير الحكومية الألمانية، لوكالة "فرانس برس": "إن المحاكمة المحاطة بتدابير أمنية مشددة وستستمر حتى منتصف آب/أغسطس على أقرب تقدير أمام محكمة "كوبلنس" تشكل "خطوة مهمة وبداية النظر في جرائم (النظام السوري) أمام محكمة عليا ألمانية".

أما محامو المشتبه بهما فلم يفصحوا عما إذا سيقر المسؤولان بالذنب أم أنهما سيدعيان البراءة. وبموجب القانون الألماني فإن أي مشتبه به بوسعه تقديم دفوعه فور بدء المحاكمة.

منظمة العفو الدولية
وعلقت منظمة العفو الدولية على المحاكمة بالقول إنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة.
وقالت مديرة البحوث للشرق الأوسط في المنظمة، لين معلوف: "إن هذه المحاكمة بمثابة خطوة تاريخية في طريق النضال من أجل تحقيق العدالة لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين احتجزوا، وعُذّبوا، وقتلوا بصورة غير مشروعة، في سجون ومراكز احتجاز الحكومة السورية".

وأكدت أنه في الوقت الذي يشعر فيه السوريون بأن المجتمع الدولي قد خذلهم تبعث هذه المحاكمة أملاً متجدداً بأن اتخاذ بعض الإجراءات القضائية لا يزال ممكناً، فلجميع الضحايا وأسر الضحايا الحق في معرفة الحقيقة والحصول على تعويض، وتحقيق العدالة لهم.

ودعت منظمة العفو الدولية الدول إلى اتباع خطوات ألمانيا في بدء إجراءات مماثلة ضد الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك عن طريق تزويد وحدات جرائم الحرب بالموارد.

"هيومن رايتس ووتش"
وأعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن المحاكمة ستكون "بمثابة إنذار شديد اللهجة للذين يرتكبون حاليا تجاوزات في سوريا: لا أحد فوق القانون"، وهي ترى أنها "محطة أساسية في مكافحة الإفلات من العقاب في انتهاكات حقوق الإنسان البالغة الخطورة المرتكبة في سوريا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها