الأحد 2020/03/08

آخر تحديث: 11:37 (بيروت)

هجوم إدلب..كيف توسعت رقعة النظام وانحسرت المعارضة

الأحد 2020/03/08
هجوم إدلب..كيف توسعت رقعة النظام وانحسرت المعارضة
© Getty
increase حجم الخط decrease
أدت الجولة الأخيرة من المعارك التي بدأها النظام السوري مدعوماً بمليشيات مختلفة على الأرض، وبطائرات روسية جواً، منذ انهيار وقف إطلاق النار في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، إلى زيادة نسبة سيطرته بمقدار 1.15 في المئة من مساحة سوريا الإجمالية.

وبذلك، بات النظام مسيطراً على نحو 64 في المئة من مساحة سوريا، فيما انحسرت مساحة سيطرة المعارضة إلى ما دون ال11 في المئة، بعد أن كانت تسيطر على 12.13 في المئة قبل بداية الجولة الأخيرة من المعارك، في أرياف إدلب وحلب.
شرق إدلب
لم يلتزم النظام السوري بالهدنة التي توصلت إليها روسيا وتركيا في 12 كانون الثاني/يناير، سوى أيام معدودة، وبدأ في 16 من الشهر ذاته، هجوما عنيفاً في ريف إدلب الشرقي، لتسيطر قواته على قريتي خطرة وأبو جريف ونوحية شرقية ونوحية غربية، مقترباً بذلك من معرة النعمان من المحاور الجنوبية.

وإلى جانب توسيع قوات النظام هجماتها جنوب المعرة وشرقها، بدأت هجوماً محدوداً على محاور منيان وإكثار البذار غرب حلب، لتشتيت دفاعات المعارضة.

وبعد إفشال الفصائل لأكثر من هجوم بري، نجحت قوات النظام وميليشياتها تحت القصف الجوي والمدفعي الكثيف، في قطع الطريق الواصل بين معرة النعمان وسراقب على الطريق الدولي حلب- دمشق "إم5"، قبل أن تتساقط القرى المحيطة بمعرة النعمان الواحدة تلو الآخرى وصولاً إلى سيطرة النظام وميليشياته على معرة النعمان في 29 كانون الثاني/يناير بعدما أخلتها الفصائل.

قوات النظام جعلت من المعرة نقطة انطلاق نحو الشمال باتجاه سراقب، ونحو الغرب باتجاه جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، وبالفعل بدأت هجوماً واسعاً في نهاية كانون الثاني/يناير، انطلاقاً من جنوب المعرة، لتسيطر على بلدات كفرمزدة وجبالا وموقة والعامودية وحيش، على الطريق الدولي.

وبالتوازي مع الهجمات جنوبي المعرة، واصلت قوات النظام تقدمها شمالاً نحو سراقب، لتصطدم بمقاومة شرسة عند تل مرديخ، بعد سيطرتها على خان السبل ومعردبسة.

وفي الأسبوع الأول من شباط/فبراير الماضي، تمكنت قوات النظام من كسر خطوط دفاعات المعارضة في تل مرديخ ومرديخ، وتقدمت نحو سان وجوباس ومنها نحو النيرب الواقعة على الطريق الدولي حلب- اللاذقية "إم4"، مقتربة بذلك من أبواب سراقب الجنوبية والغربية.

ولم تحل القوات التركية التي أقامت ثلاث نقاط مراقبة جنوب وشرق وغرب سراقب، دون تقدم قوات النظام نحو مركز سراقب التي تشكل عقدة لالتقاء طريقي حلب حماة، وحلب اللاذقية، حيث أعلن النظام السيطرة عليها للمرة الأولى في 6 شباط/فبراير، وذلك بعد محاصرتها عبر أكثر من محور.
ريف حلب
سيطرة النظام على سراقب للمرة الأولى، كانت بمثابة ضربة قاسية لفصائل المعارضة على الصعيدين المعنوي والعسكري، لأن الطريق أمام تقدم قوات النظام لاستكمال السيطرة على طريق "إم5" نحو حلب، أصبح سالكاً، بسبب عدم وجود مراكز عمرانية كبيرة على جانبيه، وإنما عبارة عن قرى متناثرة وصغيرة.

وفي سبيل استكمال السيطرة على ما تبقى من مقاطع منه بيد المعارضة، تقدمت قوات النظام شمالاً من سراقب، وسيطرت على القرى المحيطة الأمر الذي مكنها من الوصول إلى منطقة إيكاردا، المنطقة الاستراتيجية على الجانب الشرقي للطريق الدولي "إم5".

إلى جانب ذلك تقدمت قوات النظام في ريف حلب الجنوبي من الجهة الشرقية، نحو بلدة العيس وتلتها الاستراتيجية وسيطرت عليها وعلى تلتها المرتقعة، وكذلك بتقدمها عبر محور الراشدين عند مداخل الطريق الدولي إلى حلب، يكون النظام قد أحكم سيطرته على كامل الطريق الدولي الذي يربط العاصمة دمشق والمنطقة الجنوبية بحلب.

وكان لا بد قبل الإعلان عن إعادة افتتاح الطريق الدولي "إم5" أمام حركة العبور والسير، من تأمين الجانب الغربي منه، الذي تسيطر عليه المعارضة، إذ بدأ النظام في منتصف شباط/فبراير الماضي، هجوماً واسعاً في ريف حلب الغربي، بهدف تأمين الطريق أولاً، وإطباق الحصار على ما تبقى من مناطق خارجة عن سيطرته في ضواحي حلب الغربية (الصحفيين، البحوث العلمية، الليرمون).

وانطلاقاً من محور ريف المهندسين، توغلت قوات النظام غرباً، نحو بلدات أورم الصغرى وأورم الكبرى، وعينجارة وقبتان الجيل، وبالا والسلوم، وعاجل وعويجل، بموازة تقدم مماثل على محور جمعية الزهراء، ما أجبر الفصائل على إخلاء جيب ريف حلب الشمالي.

وبذلك يكون النظام قد استكمل السيطرة على محيط مدينة حلب، مسيطراً فيها على ما يزيد عن 100 بلدة. وبهدف إعلان "الانتصار" أعلن النظام السوري في 17 شباط/فبراير الماضي عن استئناف الطيران من وإلى مطار حلب الدولي.
ريف إدلب الجنوبي
وفي خطوة متوقعة، بدأ النظام في 18شباط/فبراير تجميع قواته في ريف إدلب الجنوبي، وذلك بهدف اجتياح جبل الزاوية وسهل الغاب بأقصى ريف حماة الشمالي الغربي.

ومستفيداً من تركيز الفصائل لقوتها الهجومية في المحاور الغربية لمدينة سراقب، بدأت قوات النظام بالتقدم من محور كفررومة إلى عمق ريف إدلب الجنوبي، وسيطر النظام على عشرات القرى في محاور جبل الزاوية، واقترب أكثر من أيقونة الثورة مدينة كفرنبل.

وفي 25 شباط دخل النظام كفرنبل في قلب جبل الزاوية، وبعدها بيومين تمكنت المعارضة من استعادة السيطرة على مدينة سراقب، ليغطي هذا التطور المتمثل باستعادة سراقب الاستراتيجية على وقع الخسارة المدوية المتمثلة بسقوط كفرنبل.

في هذا الوقت، مثلت حادثة استهداف النظام السوري للجيش التركي ومقتل العشرات من صفوف الأخير، نقطة فارقة في مجريات الوضع الميداني في إدلب، إذ كبدت الطائرات المسيرة التركية النظام السوري خسائر كبيرة في صفوف قواته والمليشيات المساندة لها، فيما بدت المعارضة وكأنها استردت أنفاسها، وتحديداً في ريف إدلب الجنوبي.

وفي الأيام الأولى من آذار/مارس الجاري، حققت المعارضة تقدماً في ريف إدلب الجنوبي، واستعادت السيطرة على قرى عدة ووصلت إلى مشارف كفرنبل، لكن إعادة النظام سيطرته على سراقب مجدداً أعاد حضور النظام العسكري من جديد في جبهات إدلب الجنوبية.

وبذلك يكون النظام السوري قد سيطر خلال حملته الأخيرة على ما يزيد عن 250 قرية وبلدة في شمال غرب سوريا (أرياف إدلب، وحماة، وحلب).
زيادة الاعتماد على المليشيات الإيرانية
الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان، قال ل"المدن" إن الجولة الأخيرة من المعارك، أظهرت زيادة في اعتماد روسيا على المليشيات الإيرانية، لأن قوات النظام لم تعد قادرة على القيام بعمليات عسكرية نوعية.

وأضاف أن روسيا استخدمت كذلك القوة المفرطة، وتكتيك التمهيد الجوي لتقدم القوات البرية عبر الالتفاف على المدن والبلدات دون خوض مواجهات برية مباشرة.

ومشاطراً علوان في الرأي، أكد الناشط السياسي، مصطفى النعيمي، ل"المدن" أن روسيا أوكلت قيادة المعارك البرية إلى المليشيات الإيرانية، ودعمتها كذلك بمليشيات روسية (فاغنر)، وبقوات روسية خاصة، مزودة ومدربة على القتال الليلي. وأضاف أن عدد المليشيات الإيرانية التي شاركت في معارك إدلب الأخيرة فاق الـ50 تشكيلاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها