الخميس 2020/03/05

آخر تحديث: 12:36 (بيروت)

فلسطينيو 48..إلى المُعارضة المؤثرة في الكنيست

الخميس 2020/03/05
فلسطينيو 48..إلى المُعارضة المؤثرة في الكنيست
© Getty
increase حجم الخط decrease
التحوّل اللافت في الجولات الإنتخابية الإسرائيلية الثلاث خلال عام، يتجلّى بانتقال الحضور العربي في الكنيست من كونه وسيلة نضالية، كما عهدنا في سنوات مضت، إلى محاولة التأثير في المشهد السياسي الإسرائيلي.

بحسبة الأرقام وفق المعادلة الإنتخابية الإسرائيلية، فإن المقاعد الإضافية التي كسبتها القائمة العربية المشتركة كان من الممكن-لو خسرتها- أن يستحوذ عليها نتيناهو ومعه اليمين المتطرف للحصول على ال61 مقعداً اللازمة لتشكيل حكومة جديدة. إذاً، منعت "المشتركة" نتنياهو من الفوز المريح وأبقت على حالة "اللاحسم" التي تعيشها إسرائيل منذ سنة.

عشرة مقاعد في نيسان ثم ثلاثة عشر في انتخابات أيلول، فخمسة عشر في الجولة الأخيرة الإثنين الماضي.. بيدَ أن هذا الصعود المتتالي ل"المشتركة" في الكنيست على مرّ المعارك الانتخابية الثلاثة في غضون عام، ليس رقماً مجرداً، بل يتجاوزه إلى ما هو أعمق من ذلك.

النائب في القائمة المشتركة عن حزب "التجمع الديمقراطي" امطانس شحادة يقول ل"المدن"، إن فوز القائمة المشتركة بهذا العدد غير المسبوق من المقاعد يعني مسؤولية أكبر على كاهل القائمة، فضلاً عما يعنيه من عِظم مكانتها ومهامها التي تكبُر، وما يقتضيه من حضور أكثر زخماً في لجان الكنيست المؤثرة. وشدد على أن "المشتركة" تسعى لمنع حكومة أغلبية لليمين، كما وتؤثر على شكل أي حكومة مقبلة.

ويرى شحادة أن انتخابات الكنيست هذه المرة تختلف عن سابقاتها بالنسبة لفلسطينيي ال"48"؛ إذ إن حماستهم ووحدتهم كانت أفضل. وعكس ذلك مقولة تولّدت لديهم، مفادها "نريد أن نغير المكانة السياسية لمجتمعنا، والتعامل مع مشاكلنا اليومية والحياتية كأي مجتمع في العالم".

ويضيف شحادة أن ثمة مقولة بارزة وجهها فلسطينيو ال 48 للمؤسسة الإسرائيلية الرسمية، وهي "أن المشتركة تمثل المجتمع كلّه؛ لأن تسعين بالمئة من الأصوات العربية صبّت لها".

الواقع، أن ثمة تحوّلاً بارزاً آخر وليس عابراً؛ ويتمثل بتراجع نسبة الأصوات الفلسطينية التي كانت تذهب تقليدياً للأحزاب الصهيونية في كل إنتخابات.. ففي الإنتخابات الأخيرة زادت بقليل عن العشرة في المئة بعدما كانت في جولة أيلول/سبتمبر 15 في المئة.

مثلاً؛ كانت الأحزاب الصهيونية تحصل في الماضي على حصة الأسد من أصوات المناطق البدوية والدرزية، أي بما يعادل الثلثين وأكثر. لكنّ القرى البدوية صوتت للمشتركة في الإنتخابات الأخيرة بنسبة تعدت 87 في المئة لأول مرة.

وقالت مصادر سياسية ل"المدن"، إن هذا التحول مرده لأسباب عدة؛ بينها أن الاحزاب الصهيونية أبعدت شخصيات عربية محسوبة عليها عن المواقع المتقدمة في القوائم الإنتخابية مثلما فعل حزب "ميرتس" مع عيساوي فريج الذي وضعه في ترتيب متأخر في أعقاب تحالف الحزب مع العمل-غيشر.

مع العلم أن أحزاباً يهودية عوّلت على الصوت العربي وتشتيته عبر وضع درزي كمرشح في قائمة حزب "إسرائيل بيتنا"، وآخر مع تحالف "أزرق أبيض"، وثالث مع "ليكود".

وهذا يعني أن مُراجعة جرت لدى من صوتوا تقليدياً للاحزاب الصهيونية، فضلاً عن أن شخصيات عربية عملت مع أحزاب مثل العمل وميريتس، قد خرجت منها وأعلنت دعمها ل"المشتركة"، كما يؤكد الخبير في الشؤون الحزبية محمد مصالحة ل"المدن".

ويرى مصالحة أن "الجديد هو اختراقنا للتسميات والتفرقة بين الدروز والشركس والبدو ومحاولات تحييدهم وأسرلتهم من قبل المؤسسة الرسمية.. فكان التصويت المشرّف لنا. إنها نهضة وتجذير للوعي".

وتطرق مصالحة إلى تحوّل إضافي؛ ألا وهو ذهاب أصوات يهودية في بلدات مثل رعنان وكفار سابا وغيرها بما يعادل الثلاثة في المئة لصالح القائمة المشتركة.

وتقرّ صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن الوسط العربي صوّت ضد نتنياهو الذي استهان بالقائمة المشتركة واجتاز كل الخطوط الحمراء.

وبشأن موقف "المشتركة" من الحكومة المقبلة، يقول امطانس شحادة إن المفاجأة قائمة سواء بالنسبة للمقاعد حتى لحظة الإعلان الرسمي لنتيجة الإنتخابات..أو احتمالية نجاح نتنياهو في شق صفوف حزب منافسه "أزرق أبيض" وتشكيل الحكومة.

غير أنّ شحادة يحسم موقف "المشتركة" بأنها ليست في موقع داعم لأي جهة اسرائيلية بتشكيل الحكومة، وأن موقفها مُوحّد في هذا المضمار.

الحال، أن انتخاب نحو 575 ألف فلسطيني للقائمة "المشتركة"، يفرض عليها استحقاقات أكبر.

ويتحدث العضو السابق في "المشتركة" عبد الحكيم حاج يحيى ل"المدن"، عن ثلاث إمكانيات للقائمة باعتبارها مُعارضة قوية: تحقيق إنجازت، والعمل على منع الضرر عبر مواجهة مشاريع ضد الفلسطينيين مثل قوانين "القومية" و"التنظيم والبناء" وهدم البيوت العربية والغرامات الكبيرة، و"صفقة القرن". وأما الإمكانية الثالثة فهي فضح عنصرية إسرائيل أمام العالم.

وشدد حاج يحيى على تعزيز اللجان التخصصية لاسيما لجنة الخارجية لتكثيف الدور الدولي للقائمة المشتركة، في سياق التواصل مع دول العالم بينها أوروبا، مبيناً أن نتيجة "المشتركة" تجعل العالّم مدركاً أكثر بأنها تمثل الكلّ الفلسطيني في أراضي ال 48. وتابع: "سنطرح ملفات للعالم منها سياسة إسرائيل بحق النقب والقرى غير المعترف بها وهدم المنازل العربية".

في غضون ذلك، كشفت مصادر "المدن" عن توجه شخصيات من "أزرق أبيض"، لتعرض على "المشتركة" الاعتذار وتنسيق الجهود لإفشال محاولة نتنياهو من تشكيل الحكومة، لاسيما تمرير مشروع قانون في الكنيست لمنعه من ذلك بسبب ملفات الفساد التي يبدأ نتنياهو بسببها الجلوس في قفص الاتهام في 17 آذار/مارس.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها