الأحد 2020/03/22

آخر تحديث: 20:46 (بيروت)

مصر تخفي أرقام كورونا وتتجه لحظر تجول:الوباء يحاصر الحكومة

الأحد 2020/03/22
مصر تخفي أرقام كورونا وتتجه لحظر تجول:الوباء يحاصر الحكومة
© Getty
increase حجم الخط decrease
تبدو الحكومة المصرية عاجزة عن مواجهة وباء كورونا الذي بدأ ينتشر في البلاد على نحو واسع، خاصة وأن القطاع الصحي غير مؤهل لمواجهة مثل هذه الكوارث، الأمر الذي يدفع باتجاه فرض حظر تجوال كامل في عموم البلاد.

وقبل أسبوعين كانت مصر تنكر أي وجود للوباء على أرضها قبل أن تصبح واحدة من أكثر دول العالم تصديراً له. الأمر الذي دفع الحكومة لاتخاذ حزمة إجراءات للسيطرة على الوضع.
وفي آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة المصرية، بلغ إجمالي حالات الإصابات 294 حالة، بينهم 10 وفيات في حين تماثلت 41 حالة للشفاء. لكن نشطاء على مواقع التواصل يؤكدون أن الأعداد الحقيقية أكبر مما هو معلن.

وقال مسؤول في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء إن الحكومة تتجه لفرض حظر تجوال على عموم البلاد لكنها ترجئ القرار أملاً في تراجع الوباء.

وأكد المسؤول ل"المدن"، أن التقارير الميدانية تؤكد ضرورة فرض الحظر، لكن الحكومة تعرف أنه قرار يستلزم استعدادت استثنائية لأنه يصطدم مع الحالة الاقتصادية لعموم المصريين. ومع ذلك، يضيف المسؤول أن "قرار حظر التجوال أصبح وشيكاً. قد يبدأ بمنع التنقل بين المحافظات. الجيش يستعد منذ أيام لما هو أسوأ".

وتقدم مراكز المعلومات الفرعية تقاريراً يومية عن مدى التزام الناس بالقرارت الوقائية، بحسب المسؤول الذي أكد أن هذه التقارير تشير إلى أن السيناريوهات السيئة ليست بعيدة.

وفي السياق قال أحد مديري مراكز المعلومات بمحافظة سوهاج ل"المدن"، إن هناك تعليمات مشددة بعدم تقديم أي معلومات تخص الوباء خصوصاً للمنظمات الأهلية وجمعيات المجتمع المدني.

ويشكو العاملون في القطاع الطبي من تدني الإمكانات وتراجع القدرة على مواجهة الوباء، في حين يؤكد نشطاء على مواقع التواصل أن عدد الإصابات والوفيات أكبر بكثير مما هو معلن.

وقالت مديرة معامل في أحد مستشفيات الحميات (المسؤولة عن مواجهة الفيروس) إن الخطر الحقيقي يكمن في تفاصيل المواجهة وليس في خطوطها العريضة، وأن الدولة تواجه الوباء إعلامياً وليس عملياً. وأكدت ل"المدن" أن الحكومة تتعامل مع الوباء بشكل روتيني وكأنه مرض عابر، مؤكدة أن الفحص يتم بشكل خاطئ وبطيء، وهو ما قد ينتهي بكارثة.

وأوضحت الطبيبة أن المستشفيات لا تجري فحص كورونا إلا لمن يعانون أعراضه المتقدمة، أما من يعانون أعراضاً أولية فلا يخضعون للفحص وينصحون بعزل أنفسهم في منازلهم. وتابعت: "عندما نطالب الحالات التي تعاني أعراضأً أولية بالبقاء في المنزل والعودة للمستشفى إذا زادت الأعراض يعني ببساطة أننا نقول لهم: إذهبوا لكي تنقلوا الوباء للمحيطين بكم ولا تعودوا إلا وأنتم مشرفون على الموت".

ولفتت الطبيبة إلى أن الفحص لا يتم إلا في المعامل المركزية لوزارة الصحة بالقاهرة وهذا يهدر أياماً تساوي الكثير في الوضع الحالي، كما أن المخالطين لحالة إيجابية لا يتم حجرهم ولا فحصهم وإنما ينصحون بالبقاء في منازلهم الى حين ظهور أعراض.

هذه الطريقة في مواجهة الوباء تساعد على انتشاره بشكل انشطاري بين الناس إذ لا يصح علميًا أن نترك مريضاً "محتملاً" يعيش الناس، تضيف الطبيبة مؤكدة أن "الأصل أن نتعامل مع كل مريض محتمل على أنه مريض فعلي، لكن الحكومة تفعل العكس".

وأكدت الطبيبة "الأرقام الحقيقية للمصابين محصورة في وزارة الصحة التي تجري الفحوص والحكومة لن تسمح بإجرائه بعيدًا عن الوزارة لأسباب سياسية".

إحدى الممرضات قالت ل"المدن"، إن الطواقم الطبية لا يمكنها مواجهة الوباء لو استمر الوضع كما هو عليه، لأن الإمكانات تعتبر معدومة قياسًا بالخطر. وتابعت: "حاليا نحن نحافظ على القفاز والكمامة لأنهما قد لا يكونا موجودين بعد ساعة".

أحد مسؤولي الإعلام بوزارة الصحة قال ل"المدن"، إن إجراءات الفحص تتم وفق المتاح من إمكانات، لافتاً إلى أن توفير الفحص داخل المحافظات يستغرق وقتا وتكلفة كبيرة وهو أمر لن يحدث إلا إذا فرضته الظروف.

وأوضح المسؤول أن الفحص يتم لذوي الأعراض الحادة لأن حالة الهلع التي سببتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل جعلت كل من يشعر بصداع يتجه لفحص نفسه وهذا أمر لا تستطيع الدولة تحمله لأنه يؤخر كشف المصابين الفعليين.

المشكلة، برأي المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، تكمن في أن الحكومة تتعامل مع الأزمة بشكل دعائي صرف وهي تبحث عن تجنب اللوم أكثر مما تبحث عن تجنب الوباء، لافتا إلى أن التعامل الإعلامي مع الأزمة هدفه رفع المسؤولية عن الحكومة وإلقائها على المواطنين في حال وقعت كارثة.

وقال: "لدينا تعليمات بعدم إعطاء بيانات لصحف أو مؤسسات أجنبية. الأرقام المعلنة تتم مراجعتها من قبل مؤسسات سيادية. وحتى الآن الوباء هو الذي يحاصر الحكومة وليس العكس".

وختم بالقول: "كل إجراءتنا تعتبر ردود أفعال وليست خطوات استباقية، وهي ردود أفعال متأخرة لأنها تخضع لحسابات سياسية.. في النهاية الوباء موجود والشعب لا يملك الوعي ولا الرفاهية الكافية للجلوس في المنزل كما أن الحكومة لا تمتلك الإمكانيات اللازمة لمواجهة وضع مثل وضع إيران أو إيطاليا".

وتواصل الأجهزة الأمنية المصرية تنفيذ قرارات إغلاق وإلغاء الأسواق الشعبية وأماكن التجمعات كصالات الإفراح والمقاهي والمتاجر بمنتهى الصرامة، في حين بدأ الجيش عمليات تطهير جزئية لبعض المنشآت العامة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها