الثلاثاء 2020/11/24

آخر تحديث: 12:30 (بيروت)

لماذا سرّب نتنياهو نبأ زيارته إلى السعودية؟

الثلاثاء 2020/11/24
لماذا سرّب نتنياهو نبأ زيارته إلى السعودية؟
© Getty
increase حجم الخط decrease
كشف مصدر موثوق من داخل أراضي 48 ل"المدن" عن آلية وقناة التسريب الاسرائيلية بشأن نبأ زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "السرّية" إلى السعودية مساء الأحد.

وأفاد المصدر أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هو الذي سرّب نبأ زيارة الأخير إلى السعودية.. وبحسب المعلومات فإن صحافيين إسرائيليين مقربين من المؤسسة الأمنية قد عادوا إلى الرقابة العسكرية الإسرائيلية ليسألوها عما إذا كان بالإمكان النشر، فكانت الإجابة "نعم انشروا، لقد تمت الزيارة".

وبينما ذكر الاعلام الإسرائيلي أن التسريب قد تم بالاتفاق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كي تكون رسالة استباقية إلى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مفادها "أنهما حلف معارض للعودة للاتفاق النووي الإيراني". قالت مصادر آخرى إن الاتفاق بين نتنياهو وبن سلمان على تسريب خبر الزيارة كان مبدئياً، لكن الخلاف كان فقط بالنسبة لتوقيت نشر الخبر، فالسعوديون أرادوا نشره لاحقاً على شكل تسريب.

ويدور نقاش حاد في الأروقة الرسمية الإسرائيلية إزاء الزيارة لسببين؛ الأول هو إخفاء الزيارة عن جهات سياسية وعسكرية مثل وزير الخارجية غابي أشكناني ووزير الدفاع بني غانتس.. والثاني هو "لماذا التسريب؟"؛ إذ أن غانتس انتقد تسريب نبأ اللقاء باعتبار أنه "ينطوي على انعدام المسؤولية".

وحسب قناة "كان" الإسرائيلية فإن نتنياهو اصطحب معه السكرتير العسكري الجنرال آفي بلوت، من دون علم رئيس الأركان أفيف كوخافي، إلى جانب رئيس مجلس "الأمن القومي" الإسرائيلي مائير بن شبات، ورئيس جهاز "الموساد" يوسي كوهين.. وعبّر الجيش الإسرائيلي عن غضبه من عدم إبلاغه حتى يكون مستعداً أيضاً لأي طارئ خلال غياب نتنياهو وكذلك تأمين خط زيارته استخبارياً.

بالرغم من نفي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لزيارة نتنياهو إلى المملكة، إلا ان مصادر سياسية أفادت "المدن"، بأن تولي وزير الخارجية لمسألة النفي وليس الديوان الملكي ينطوي على دلالات، أبرزها أنه بغض النظر عن حدوث الاجتماع من عدمه، فإن السعودية تميل الآن إلى التعاون مع إسرائيل وليس لاتفاق تطبيع علني؛ لمواجهة سياسات الرئيس المنتخب جو بايدن في ما يخص الملف الإيراني وكذلك الحريات العامة وحقوق الإنسان في المملكة ودول عربية أخرى؛ ذلك أنها ستكون مثار توتر متوقع بين دول عربية وإدارة بايدن.

رغم صمت مكتب نتنياهو تجاه نبأ الزيارة، ومحاولة رئيس الوزراء أن يلعب دوراً ماكراً بزيادة الغموض عندما ردّ بطريقة درامية أمام الكاميرا على سؤال مقرب منه في كتلة الليكود البرلمانية حول الزيارة "أنت جدّي بسؤالك!، أنا لا اكشف هكذا أمور".. إلا أن الإعلام الإسرائيلي أوضح أن موعد اجتماع "كابنيت كورونا" تم تأجيله لأربع وعشرين ساعة بسبب زيارة المملكة "السرّية".

مصادر مطلعة تحدثت ل"المدن"، عن بعض ما قيل في الاجتماع السري بالسعودية؛ إذ أن نتنياهو حاول إغراء بن سلمان بأن الاتفاق العلني من شأنه أن يعزز دور إسرائيل الحامي لها من أي سياسات وخطوات تزعجها من إدارة بايدن، مستنداً على معلومات عن نية بايدن فعل ذلك، حيث عيّن في فريق إدارته شخصيات كانت عرّابة للاتفاق الذي أُبرم بين طهران والدول الغربية عام 2015.

ووفق المصادر، أبلغ نتنياهو بن سلمان عن نقاشات تدور الآن بين تل أبيب وفريق بايدن السياسي وعن دور بارز من "إيباك" من أجل رسم سياسة توافقية بشأن الملف الإيراني وملفات إقليمية أخرى؛ خشية الاشتباك السياسي كما حصل إبان إدارة باراك أوباما السابقة.

لكنّ بن سلمان -بحكم عدم مقدرته على حسم مسألة التطبيع العلني إثر إصرار والده الملك سلمان على ربطه بتقدم بالملف الفلسطيني- ارتأى أن يكون التسريب كافياً؛ لأنه لا يستطيع أكثر من ذلك دون ما أسماها "خطوة كبيرة من إسرائيل" في ما يخص الملف الفلسطيني كي تتمكن السعودية من تسويق اتفاق التطبيع العلني أمام السعوديين والعرب.

ووفق المصدر فإن نتنياهو التقى بن سلمان أكثر من مرة سراً في أوقات سابقة ولكن اجتماع نيوم كان الأول الذي سُرّب عن قصد.

وثمة دافع آخر لمسألة "تسريب الزيارة السرية"، باعتبار أنه يندرج في سياق ممارسة إدارة ترامب وإسرائيل جميع أنواع الضغط على السعودية للإعلان عن اتفاق التطبيع قبل نهاية ولاية ترامب؛ لخشية إسرائيل من تراجع السعودية خطوة إلى الوراء في ملف التطبيع خلال مرحلة بايدن.

وتحدثت مصادر "المدن" عن أن اتفاق التطبيع كمسودة جاهزة بين إسرائيل والسعودية، لكنه بانتظار الإعلان الذي تخشاه المملكة وتحذر منه.. وقد طلب بن سلمان الانتظار لتقيم مرحلة بايدن اولاً.

غير أن الباحث الإسرائيلي مردخاي كيدار لم يستبعد في حديثه الإذاعي أن يتم تشكيل ائتلاف سعودي-إسرائيلي يضم دولاً عربية لمواجهة المحور الإيراني والإدارة الأميركية الجديدة، متوقعاً إعلان نوع من العلاقات بين المملكة وإسرائيل قبل نهاية ولاية ترامب، وليس اتفاقاً تطبيعياً شاملاً.

وتتحدث الدوائر الاستراتيجية في تل أبيب عن أن العلاقات السعودية-الإسرائيلية ليست جديدة وتعود إلى عشرين سنة بشكلها السري. وكانت تسريبات استخباراتية إسرائيلية قد كشفت سابقاً عن أن الطبيب الإسرائيلي من أصل عراقي البروفيسور موشي ماني دأب خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي على إجراء زيارات سرية إلى الرياض ودول عربية أخرى، لغرض مزدوج؛ وهو علاج ونقل رسائل سياسية. وقد توفي ماني قبل خمس سنوات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها