السبت 2020/10/31

آخر تحديث: 13:46 (بيروت)

التهريب من لبنان لا يوفر لفقراء سوريا بدائل التدفئة

السبت 2020/10/31
التهريب من لبنان لا يوفر لفقراء سوريا بدائل التدفئة
© Getty
increase حجم الخط decrease
مع عدم توقّع إيجاد حل لأزمة المحروقات، وبالنظر إلى تضاعف أسعار باقي مواد التدفئة كالحطب والفحم، بدأ كثيرون من السوريين بالبحث عن حلول بديلة تساعدهم على مواجهة برد الشتاء القادم.

فبعد الإرتياح النسبي الذي عاشه قاطنو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال العامين الماضيين، مع توفر المحروقات بحدودها الدنيا وتوزيع جزء من المخصصات الحكومية ووجود بدائل أخرى يمكن استخدامها في التدفئة، عادت غالبية السكان هذاالعام لتخزين أي مواد أخرى قابلة للاشتعال، نتيجة الزيادة الكبيرة في أسعار مواد التدفئة كالمازوت والغاز هذا إن وجدت.

اللجوء إلى أساليب بدائية
بعد رفع حكومة النظام جزءاً جديداً من الدعم المخصص للمشتقات النفطية وما أدى إليه ذلك من تضاعف أسعار المحروقات، وغياب العدالة في توزيع مخصصات المازوت المنزلي، من المنتظر أن يتوسع اعتماد السوريين على طرق التدفئة البدائية التي تعتمد على حرق النايلون والأقمشة، من دون النظر إلى المخاطر التي تصبح مضاعفة في الأماكن المغلقة.

وتقول أم أحمد، من سكان الجزء الشرقي في مدينة حلب: "لا نحتاج لمن يخبرنا عن قساوة برد الشتاء لأننا على علم مسبق به، ومع ذلك لم نقم بتركيب مدفأة المازوت هذا العام لأنه لم يُوزع بعد ولا نعتقد أنه سيوزع بطبيعة الحال. ولن نستطيع نحن الفقراء الذين لا يملكون المال أو الواسطة عند الدولة، الحصول عليه".

وتضيف أنه "نتيجة ارتفاع أسعار المازوت والغاز والحطب والفحم فلم يعد أمامنا سوى شراء مكعبات البلاستيك المضغوط وجمع الكرتون والنايلون وغيرها من المخلفات بغرض حرقها". وتتابع بحسرة وقلق: "حتى هذه المواد بدأنا نواجه صعوبات بالحصول عليها نظراً إلى زيادة الطلب، واليوم يمكنك أن تشاهد الكثيرين وهم يبحثون بين النفايات عن أي شيء يُمكن أن يحرق من أجل تخزينه لفصل الشتاء".

الاعتماد على الغاز اللبناني
وتمثل مشكلة تأمين المحروقات وارتفاع أسعارها إحدى الأزمات الملازمة للشعب السوري حتى قبل انطلاق الثورة عام 2011، وتظهر خاصة مع دخول فصل الشتاء من كل سنة، إلا أنها هذا العام جاءت مبكرة جداً مع بدء مع فقدان مادة البنزين في شهر تموز/يوليو، ثم تمدد الأزمة لتشمل مختلف مواد التدفئة التي يعتمد عليها السكان، حيث بلغ سعر ليتر المازوت في السوق السوداء ألف ليرة، وأسطوانة الغاز عشرين ألفاً في حال توفرها، بعد غيابها عن مراكز التوزيع المعتمدة على البطاقة الذكية للأسبوع الثالث على التوالي.

وعلى غرار المناطق المجاورة لسيطرة قوات سوريا سوريا الديمقراطية حيث الاعتماد على الفيول المهرب منها أو من العراق، باتت التجمعات السكنية الخاضعة لسيطرة النظام والمجاورة لمناطق سيطرة المعارضة، تعتمد على الفحم والغاز القادم من تركيا والذي يتم تهريبه إلى مناطق النظام.

حلول دفعت سكان المناطق الحدودية مع لبنان إلى تهريب الغاز اللبناني بطرق غير شرعية بالتعاون مع المليشيات السورية واللبنانية الموالية للنظام والمسيطرة على الشريط الحدودي بريفي دمشق وحمص، لسد حاجة السكان من هذه المادة.

ويقول "عدنان. ع"، صاحب محل غير مرخص لتوزيع المشتقات النفطية والغاز في إحدى القرى التابعة لمدينة الزبداني، ل"المدن"، إن "المؤسسات التموينية والشرطة بدأت بتشديد الرقابة على التجار وباعة الغاز اللبناني خلال الأيام القليلة الماضية، لكن ورغم ذلك لم تتأثر هذه التجارة، حيث نقوم ببيع الأسطوانة قبل وصولها إلينا، من خلال وضع أسماء المشترين وعناوينهم وإيصال الغاز إلى منازلهم فوراً".

وقد ساهم انخفاض سعر الغاز اللبناني وتوفره مقارنة بالسوري بتشجيع المهربين على تهريب خزانات كبيرة يتم ملء الأسطوانات منها داخل الأراضي السورية وتوزيعها تحت أنظار الجهات الحكومية بأسعار مخفضة، ما ساعد على انتشار هذا النوع من الأسطوانات في أسواق دمشق وحلب وحمص وطرطوس وغيرها من المناطق. وتبلغ تكلفة تعبئة أسطوانة الغاز اللبنانية 11 ألف ليرة سورية وتباع ب17 ألف ليرة، أي أقل من سعر الأسطوانة الحكومية بثلاثة إلى أربعة آلاف ليرة.

ارتفاع أسعار الحطب
التهريب من لبنان ليس وليد الأزمة الحالية، إلا أنه تنامى مع قرب فصل الشتاء، خاصة بعد الارتفاع الكبير بأسعار الحطب وفحم المدافئ خلال الأسابيع القليلة الماضية وفقدانهما من الأسواق المحلية نتيجة زيادة الطلب عليهما، حيث وصل سعر طن الحطب متوسط الجودة إلى 550 ألف ليرة سورية،  بعد أن كان سعر الطن 300 ألف ليرة الموسم الماضي.

ويبلغ متوسط استخدام العائلة من الحطب خلال موسم الشتاء بين طن ونصف الطن بالحد الأدنى، أي أن كل عائلة تحتاج على الأقل لدفع مبلغ 800 ألف ليرة مقابل الحصول على شتاء أقل برودة، في حين يبلغ المعدل الوسطي لأجور العاملين في مؤسسات النظام سنوياً 600 ألف ليرة سورية، أي أن المواطن الذي يمتلك وظيفة ودخلاً ثابتاً لن يكون قادراً على دفع تكاليف التدفئة حتى لو تخلى عن كامل راتبه السنوي هذا العام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها