الثلاثاء 2020/10/20

آخر تحديث: 12:32 (بيروت)

إفراغ مخيم الهول..أسباب سياسية بحتة

الثلاثاء 2020/10/20
إفراغ مخيم الهول..أسباب سياسية بحتة
© Getty
increase حجم الخط decrease
سعى مجلس سوريا الديمقراطيّة (مسد) لاستمالة العشائر العربيّة على اعتبارها المكوّن الأكبر في مناطق شرق الفرات، بعد احتجاجات اجتاحت المنطقة، دفعت منظّمات ولجان حقوقيّة ك"المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" و"لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا" لإدانة قوّات "قسد" بارتكاب انتهاكات داخل السجون وفي المخيّمات.

وتلى تلك التقارير فشل مفاوضات "مسد" مع النظام السوري برعاية روسيّة إذ جاء مخيّباً لآمالهم، كسب الشرعيّة عن طريق نظام الأسد وفق تفاهمات على إدارة المنطقة وإدخال قسد ضمن تشكيلات النظام ككتلة لا أفراد.

وتزامن ذلك مع مقتل "مطشّر الهفل" أحد شيوخ عشيرة العكيدات التي تشكّل الثقل العشائري الأكبر في المنطقة، وعقد اجتماع بين قيادة قسد ووجهاء العشائر تمّ خلاله تقديم 5 مطالب لم توافق "قسد" إلا على اثنين منها وهي إخلاء مخيّم الهول وإطلاق سراح قائمة من المعتقلين لديها.

وعلى الرغم من دعم الولايات المتّحدة ل"قسد" شرق الفرات إلاّ أنّها ترغب أيضا باستمالة المكوّن العشائري كحليف لها لتحقيق توازن في المنطقة من ناحية، وخوفاً من تكرار تجربتها مع العشائر العراقيّة إبان حرب عام 2003، من ناحية ثانية، وهذا ما قادها إلى الضغط على "قسد" للحد من تلك الانتهاكات واحتواء العشائر العربيّة في المنطقة.

تخبّط
كل ماسبق دفع "قسد" لاتّخاذ إجراءات للخروج من عنق الزجاجة واستعادة هيبتها ومكانتها السياسيّة وكان على رأس تلك الإجراءات إخلاء مخيّم الهول وإصدار عفو عن سجناء قالت إنّهم ينتمون لتنظيم "داعش" ثمّ إعلانها الموافقة على الحوار مع الائتلاف الوطني السوري وفق  محدّدات عديدة.

ويقول الباحث في مركز الشرق للسياسات سعد الشارع ل"المدن"، إنه "رغم إعلان الإدارة الذاتيّة أنّ قرار إخلاء مخيّم الهول جاء بناء على توصيات مؤتمر العشائر الذي عُقد العام الفائت في شمال محافظة الرقّة لكن أعتقد أنّ هذا الكلام منفي، فالأنباء المتطابقة الواردة من المنطقة تؤكّد أنّ هناك ضغوطاً أميركية كبيرة لإنهاء ملف مخيم الهول في الفترة القريبة العاجلة".

ويضيف "يبدو أنّ الضغوط الأميركية جاءت بناء على تقارير رصدتها بشكل مباشر القوّات الأميركية وقوات التحالف عن عمليّات فساد كبيرة في المخيم من قبل قوات الأسايش التي يناط بها مهمة حماية المخيم، لذلك هناك خشية لدى القوات الأميركية من أن يتحوّل المخيم إلى حالة شد وجذب بين الإدارة الذاتية وتنظيم داعش".

ورأى أن تذرّع الإدارة الذاتية أيضاً، بأن الأعباء الماليّة لهذا المخيم باتت كبيرة ربما تكون محقّة. ورغم أن عدد المنظمات المرخص لها بالعمل في المخيم كبير جداً لكن حالة الفساد في الإدارة الذاتيّة كبيرة أيضاً.

الملف سياسياً
انطلاقاً من جملة متغيرات سياسية بعضها عربية وأخرى دولية مرتبطة بشرق الفرات، ابتداءً من العقد الذي وقعته الإدارة الذاتية مع شركة أميركية لتأهيل بعض المواقع النفطية، ثمّ تصريحات "مسد" حول إمكانيّة التفاوض مع المعارضة، تلاها ورود أنباء عن تعديلات متوقعة خلال الفترة القادمة في منظومة "قسد" وإعادة تأهيل البنى السياسيّة في منطقة شرق الفرات، كلّها متغيّرات تدفع باتجاه محاولة الإدارة الذاتية لتثبيت الوضع الراهن ومحاولة السيطرة على المنطقة.

وبالرغم من أنّ زيارة الممثل الخاص للولايات المتحدة جيمس جيفري في 20 أيلول/سبتمبر الفائت إلى شرق سوريا كانت بهدف مناقشة الحوار الكردي-الكردي إلا أنه عقد لقاءات مع شخصيّات عشائرّة وقوى مدنية وسياسية ناقش خلالها جوهر المشكلات بين عشائر المنطقة و"قسد"، وأكد على أهمية إعطاء المكون العربي حقه في المشاركة بإدارة مناطقه وناقش مع شخصيّات عشائرية أهمية إعطاء عشائر شرق الفرات دورها وحقها الكامل في المنطقة.

قسد تبرّر
ومع أن العشائر قدمت قوائم تتضمّن أسماء آلاف المعتقلين من أجل الإفراج عنهم إلّا أن عدد المفرج عنهم حتّى الآن بلغ 631 معتقلاً فقط، وهذا ما دفع أهلي المعتقلين للتساؤل عن مصير أبنائهم ومراجعة مراكز الإدارة الذاتيّة.

وقالت زوجة المعتقل (ع.د) ل"المدن" خلال اتّصال هاتفي عبر تطبيق "واتساب"، إن مسؤولي الإدارة برّروا عدم خروج جميع من شملهم قرار العفو بالضغط الهائل نسبة للعدد الكبير، وأن الإفراج عنهم يحتاج لإجراءات كثيرة منها عرض من يشملهم بند الحالة الصحيّة على أطباء ومنهم من يجب مراجعة ملفه للتحقّق من الأحكام وإمكانّ الاستفادة من نصف المدة.

وأضافت أن الكثيرين ممن راجعوا الإدارة الذاتيّة للاستفسار عن مصير أبنائهم وإن كان العفو يشملهم أم لا تلقوا الإجابة نفسها وأن القوائم النهائية للمفرج عنهم لم تصدر بعد وسيكون موعد صدورها النهائي مطلع تشرين الثاني/نوفمبر.

تبقى محاولات "قسد" للظهور بمظهر برغماتي مرنٍ من خلال كسب المكون العشائري من جهة، والتقارب مع المعارضة السورية من جهة أخرى، مرهونة بمدى ما يمكن أن تقدّمه من بوادر حسن نيّة للطرفين، وبمدى قدرتها على تغيير استراتجيتها ورؤيتها تجاه ملفّات حسّاسة كالإدارة المدنية والملفين الاقتصادي والعسكري، فضلاً عن فهم رؤية الولايات المتحدة للعلاقة مع تركيا التي تعتبر من اللاعبين الأساسيين في الملف السوري بشكل عام، وملف شرق الفرات بشكل خاص.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها