الأربعاء 2019/09/04

آخر تحديث: 14:16 (بيروت)

إدلب: المظاهرات تؤرق "تحرير الشام"

الأربعاء 2019/09/04
إدلب: المظاهرات تؤرق "تحرير الشام"
(المدن)
increase حجم الخط decrease
استنفرت "هيئة تحرير الشام" أنصارها وشرعييها للرد على المتظاهرين ضدها في ادلب ومحيطها. وتوعد قادة في "الهيئة" المتظاهرين بالملاحقة في حال استمر حراكهم المناهض لها. وخرج أنصار الهيئة في مظاهرات مضادة غربي حلب، وتم تعزيز الحواجز و"لجان المتابعة والتقصي"، في غالبية المدن والبلدات التي شهدت حراكاً مناهضاً للهيئة مؤخراً.

تجريم المتظاهرين

شاركت غالبية قادة وشرعيي "الهيئة" في التهجم على المظاهرات، وتنوعت الاوصاف التي أطلقوها على المتظاهرين؛ مجندين ومدفوعين ومندسين، وضفادع وعملاء، وناشري الاشاعات، والمروجين للمصالحات، وأصحاب الألسنة الحاقدة، وأصحاب الأيدي المدفوعة المؤذية والنفوس المشؤومة، وأذناب النظام. وعملياً، توجب تلك التهم والصفات الملاحقة الأمنية واتخاذ كافة الوسائل لمنع تكرار المظاهرات، وفق تصور أنصار "الهيئة".

وشاركت في الحملة المضادة شخصيات شرعية وعسكرية وإعلامية معروفة في "الهيئة"، أمثال أبو ماريا العراقي، والمصري أبو الفتح الفرغلي، وأنس خطاب، وأبو عبيدة الدمشقي، وأحمد القعقاع، وأبو العبد أشداء، ومظهر الويس، وأبو الليث الشامي. ولم تعلق "الهيئة" بشكل رسمي على المظاهرات والإجراءات المفترضة ضدها.

وتداول أنصار "الهيئة" ما قالوا إنه تعميم صادر عن "جيش النظام"، يطلب فيه من عملائه في مناطق المعارضة المشاركة في المظاهرات المناهضة للنظام والعمل على حرف مسارها لتصبح ضد فصائل معارضة معينة، وتداولوا صوراً ومقاطع مصورة من المظاهرات في ريف ادلب تحمل شعار "قوات النمر"، وقالوا إن روسيا تمول عملائها في ادلب وتدفع المجموعات المندسة في المظاهرات لنشر البلبلة بين الفصائل، وإشغال جبهة خلفية ضد المعارضة مهمتها مساندة مليشيات النظام الروسية في جبهات القتال.

ودعا أنصار "الهيئة" إلى أن يكون الرد على المظاهرات جماعياً، وتتولاه قوة مشتركة من فصائل غرفة عمليات "الفتح المبين"، وقالوا إن كافة التشكيلات المعارضة مستهدفة، ويريد المتظاهرون المجندون إسقاطها خدمة لمشغليهم، وعليه فإن الرد يجب أن يكون بتحصين الجبهة الداخلية، وتجفيف مستنقعات الضفادع، وعقد مؤتمر عام يجمع كل القوى الجهادية الثورية الفاعلة على الأرض.

الحرب على المتظاهرين في أوجها، وجهد "الهيئة" الأمني يبدو جاداً في منع المظاهرات، والمتابعة يبدو أنها ستستمر حتى الجمعة المقبلة. ويتخوف أنصار "الهيئة"، من توسع المظاهرات إلى مدن وبلدات جديدة، في حال استمرت الهدنة. وبدأت "الهيئة" بالاستعانة بالوجهاء والمخاتير والتجار وشيوخ العشائر في مختلف مناطق ادلب ومحيطها لوقف الحراك المناهض والحيلولة دون توسعه.

الهيئة في الفخ

شعرت "الهيئة" أنها وقعت في الفخ بعدما تحولت هتافات المتظاهرين وحراكهم في وقت قياسي من حراك شعبي يهدف إلى الضغط على تركيا وتحميلها مسؤولية الخسائر الميدانية، إلى حراك يهتف ضد "الهيئة" ويحملها المسؤولية كاملة، ويطلب حلها.

بدت "الهيئة"، راضية عن مظاهرات الجمعة الماضية، وأتاحت للمتظاهرين فرصة الوصول إلى البوابات الحدودية مع تركيا، والصدام المباشر مع الضباط الأتراك. وأفسحت المجال لأنصار "حزب التحرير" فرصة التظاهر وحرق صور الرئيس التركي. وبدأ أنصارها التنسيق في مواقع التواصل الاجتماعي لحشد المزيد من الناس في الحراك، وضمان استمراره. وكان من المفترض أن تتكرر المظاهرات في الجمعة التالية، بشكل تصعيدي أكبر وأوسع، لكن ما حصل هو عكس مخططات "الهيئة".

ويزعم أنصار "الهيئة"، أن المظاهرات التي خرجت ضدها مؤخراً هي من تدبير المخابرات التركية، ولروسيا يد فيها أيضاً، والهدف منها تمرير اتفاقيات تسليم ادلب، وإسقاط كل التشكيلات والفصائل المسلحة التي ترفض الانسحاب والتسليم. ويقول الأنصار، إن تحول المظاهرات قد جرى التمهيد له إعلامياً من خلال نشر الشائعات والمقالات التي تركز على ضرورة حلّ "الهيئة" كشرط لازم لحماية ادلب من الاجتياح، وأنها السبب في استمرار التصعيد، وأنها تمنع أي محاولة تركية لحماية المنطقة من المليشيات. وبحسب الأنصار، أثرت الشائعات في الناس وكذلك المجموعات المندسة والعملية والتي عملت على دفع الناس للخروج والهتاف ضد "الهيئة".

الناشط الإعلامي في "الهيئة" الدالاتي، قال في "تلغرام": "إن كانوا يدعون بوجود الظلم فلِماذا لم يخرجوا قبل تصريح الأتراك والحملة الإعلامية في مواقع التواصل التي قادتها بعض الحسابات المحسوبة على الحكومة التركية ومشايخ الرز بحليب وضباط البعث القابعين خلف الحدود وأصحاب الأقلام المريضة".

موقف المعارضة

لم تعلق الفصائل المعارضة بشكل رسمي على المظاهرات وحرب "الهيئة" ضدها، وبدا أنها لا تتفق مع المتظاهرين في الحملة لإسقاط "الهيئة". الشرعي في "فيلق الشام" عمر حذيفة، قال في "تلغرام" : "المظاهرات ضرورة ملحة في إيصال رسالتها، وهي أمانة برقاب أهلها ما دامت متمسكة بمبادئها وأهدافها، ولكن للأسف إن البعض ممن امتطوا جياد هذه الثورة واندسوا في صفوفها لا يريدون الخير لها، فأرادوا حرف البوصلة فيها بالطعن والتخوين والشتم فعلى العقلاء في الساحة أن ينظموا تلك المظاهرات ويضبطوها ويحافظوا على مسارها الصحيح حتى لا ترتد بالحسرة والندامة".

المشايخ المستقلين

هاجم أنصار "الهيئة" الشرعي السابق في "جيش الفتح" السعودي الشيخ عبدالله المحيسني، الذي استنكر الحرب على المتظاهرين والوعيد بملاحقتهم. وقال المحيسني: "المتظاهرون لا ينتظرون منا أن ننعتهم بالمنافقين والخونة والمغفلين والمدفوعين، المتظاهرون آرقهم شدة الحال، وأغلبهم قدم ولداً أو أخاً أو بيتاً، ثم هم يرون مناطقهم تتساقط، ويرون أنهم كانوا يسيطرون على ثلثي بلدهم، ثم هم اليوم يخشون على قرابة 8% من الزوال". وتولى أبو ماريا العراقي، بالرد، ووصف المحيسني بـ"الداعية المرائي والماجن والمتلون". وقال: "يا بني أنصحك لا تركب الموجة لتزيد عدد متابعيك، يا بني كيف ولك أن أردت تلميع نفسك على الدماء، يا بني أن تطبل للمجاهدين خير من أن تكون طبل نفاق وتلمع الفاسدين".

الجهادي أبو بصير الطرطوسي، قال إن تظاهرات الناس هي نتيجة تراكمات من الأخطاء والمظالم العديدة، وعبر سنوات مديدة، طالما حذرنا منها ومن آثارها، فكانت تقابل بالكبر والإعراض، إلى أن حصل ما كنا نتوقعه ونراه في هذه الأيام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها