السبت 2019/09/21

آخر تحديث: 12:29 (بيروت)

مصر:خطوة أولى نحو إزاحة السيسي..والجيش لم يتدخل

السبت 2019/09/21
مصر:خطوة أولى نحو إزاحة السيسي..والجيش لم يتدخل
Getty ©
increase حجم الخط decrease
في مفاجأة غير متوقعة كسر آلاف المصريين حاجز الخوف المستمر منذ انقلاب يوليو 2013، ونزلوا إلى الشوارع ليل الجمعة، استجابة للدعوة التي أطلقها رجل الأعمال المصري الهارب محمد علي، مطالبين برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وعاد ميدان التحرير إلى تألقه كحاضن لثورة يناير ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ومعه  ميادين عديدة في مختلف المحافظات المصرية، التي احتضنت الجمعة آلاف المصريين الذي رددوا هتافات تطالب برحيل النظام.

وترددت أنباء عن سقوط شهيدين برصاص قوات الأمن، فيما طالت التوقيفات بعض المتظاهرين. وشهد ميدان التحرير والطرق المؤدية إليه، عمليات كر وفر بين محتجين والأمن المصري، الذي أطلق قنابل للغاز مسيلة للدموع لتفريقهم، قبل أن تهدأ الأوضاع.

وهذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها المصريون من التظاهر منذ وصول السيسي إلى الحكم في حزيران/يونيو 2014، حيث اعتمد الرجل العصا الأمنية الغليظة كوسيلة لترسيخ أركان دولته.

هذه التظاهرات التي يعتبرها البعض خطوة أولى على طريق إزاحة السيسي واسترداد مسار الديموقراطية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أهداف ثورة يناير، جاءت على خلفية فيديوهات نشرها محمد علي من الخارج واتهم فيها السيسي وزوجته وعدداً من قادة الجيش بالفساد وإهدار المال العام على بناء قصور وفنادق لا يستفيد منها سوى الرئيس وأسرته ورجاله المقربين.

اللافت في هذه التظاهرات أن قوات الجيش التي انتشرت في كل المحافظات منذ الخميس لم تتصدَ للمتظاهرين على عكس ما حدث خلال السنوات الست الفائتة، في ما بدا وكأنه محاولة من الجيش لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعته بعدما باتت أحاديث الفساد والتربح كلها تدور حول القادة العسكريين.

وكما كان الجيش هو الركيزة الأساسية في عملية استبدال السيسي، عندما كان وزيرا للدفاع، بالرئيس الراحل محمد مرسي، يثير عدم تدخله هذه المرة احتمالات بأنه ربما لم يقرر بعد ما إذا كان سيدعم السيسي، أو سيتخذ الموقف نفسه كما في الثورة ضد مبارك.

ورغم أن التظاهرات لم تكن بحجم تظاهرات ميدان التحرير إبان ثورة يناير، لكن مجرد الخروج في ظل حالة القمع التي تعيشها مصر يعني أن مواجهة النظام الذي تصفه صحف عالمية بأنه الأكثر قمعاً في تاريخ مصر، ليس بالأمر المستحيل، وأن الجيش ربما لن يقف في ظهر السيسي حتى آخر رجل كما يعتقد كثيرون.

الناشط السياسي والكاتب الصحافي محمد طلبة قال ل"المدن"، إن خروج آلاف المصريين رغم التهديد بالعنف والاعتقال هو "أكبر رد على مزاعم السيسي بأن الشعب كله يقف في ظهره"، مضيفاً أنه مع أول فرصة للتجمع وأول دعوة للنزول بالتزامن مع السماح للجماهير بحضور مباراة كرة قدم لأول مرة منذ سنوات، "نزل المصريون وهتفوا بإسقاطه وداسوا صورته بأحذيتهم استجابة لرجل لا يعمل بالسياسة أصلاً".

وعن موقف الشرطة والجيش من التظاهرات، قال طلبة إن ما يحدث حالياً "فرصة لهذه الأجهزة لرأب الصدع وتخفيف الاحتقان بينها وبين الشعب، كما أنها فرصة لاسترضاء ملايين الغاضبين عليهم. ويمكن لقادة الجيش استغلالها لاستعادة الثقة في المؤسسة العسكرية".

وتابع أن ما يحدث فرصة لكافة أجهزة الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدولة وفتح صفحة جديدة نحو المستقبل بعد سنوات من الصدع الاجتماعي والكراهية والطائفية التي عززها السيسي وإعلامه على مدار ست سنوات.

الصفحة الرسمية لرئيس أركان الجيش المصري السابق الفريق سامي عنان، المسجون حالياً، نشرت رسالة تحت عنوان "رسالتي للأمة"، قال فيها "إن مواصلة الاحتجاج ستكون طريق الخلاص من هذا الأهوج الذي فرط في الأرض وأفقر الشعب المصري وأهان المؤسسة العسكرية".

وأضاف عنان، الذي اعتقله السيسي بعيد إعلانه عزمه خوض الانتخابات الرئاسية عام 2018: "أقول لأبنائي من القوات المسلحة كونوا على مسافة واحدة من الشعب المصري وقوموا بدوركم في حماية إرادة الشعب والاستجابة لمطالب الجماهير والابتعاد عن السياسة والقيام بدوركم في حماية الوطن".

وطالب عنان المصريين بـ"عدم العودة إلى المنازل إلا بتحرر الدولة من رأس النظام"، مضيفاً: "أنتم من تكتبون التاريخ. لن يكتب أحد غيركم. أنتم أقوي من الجميع".

ونشر نشطاء على مواقع التواصل فيديوهات تظهر المتظاهرين وهم يهتفون ضد النظام ويطالبون برحيل السيسي، كما تداولوا أخباراً تفيد بإطلاق قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين في محيط ميدان التحرير بوسط القاهرة، ونشروا صورا تظهر اعتقال الشرطة لأحد المتظاهرين.

لكن ردة الفعل الأمنية ليست هي المتوقعة، فعلى مدار سنوات حكم السيسي كانت الشرطة تلجأ لأقصى درجات العنف ضد أي محاولة للتجمع ومن أول لحظة، كما أنها المرة الأولى التي لا تتم فيها عسكرة الميادين لترهيب الناس.

وللمرة الأولى منذ ظهوره، حطم متظاهرون في محافظة دمياط شمالي البلاد صور السيسي وداسوها بالأقدام في مشهد ذكّر بمشهد حرق صور الرئيس المخلوع حسني مبارك في تظاهرات بمدينة المحلة الكبرى عام 2008.

وشهدت محافظات القاهرة والسويس والإسكندرية والمحلة ودمياط خروج آلاف المتظاهرين، وهي نفسها المحافظات التي كان لها السبق وكلمة الفصل في ثورة العام 2011.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها