الجمعة 2019/06/28

آخر تحديث: 13:39 (بيروت)

حماة:النظام يتحرش بالاتراك..أم روسيا تستدرجهم للحرب؟

الجمعة 2019/06/28
حماة:النظام يتحرش بالاتراك..أم روسيا تستدرجهم للحرب؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease
أعلن التلفزيون السوري، الجمعة، إن "أكثر من 18 قذيفة صاروخية مصدرها القوات التركية في شيرمغار وريف إدلب الجنوبي استهدفت قرى الكريم وقبر فضة وأطراف بلدة الحويز في الغاب في ريف حماة الشمالي ... وقوات الجيش ردت على مصدرها".

وكانت مليشيات النظام الروسية، قد كررت، ليل الخميس/الجمعة، قصفها لنقطة المراقبة التركية العاشرة في قرية شيرمغار شمال غربي حماة، ما تسبب بمقتل جندي تركي وجرح آخرين. واستهدف الجيش التركي والمعارضة المسلحة مواقع المليشيات في بلدات الكريم وقبر فضة وغيرها في سهل الغاب بأكثر من 40 قذيفة مدفعية وصاروخية. ودخلت حوامات عسكرية تركية لإخلاء القتيل والمصابين.

وزارة الدفاع التركية قالت في بيان، إن قوات النظام شنت هجوما بقذائف المدفعية والهاون، يُعتقد أنه متعمد، على نقطة المراقبة العاشرة التابعة للقوات التركية في إدلب. وأضاف البيان أن رئاسة الأركان التركية استدعت الملحقية الروسية في سفارة موسكو بأنقرة، وأبلغتها أن الرد على الاعتداء "سيكون قاسيا". ورداً على الاعتداء، قصفت القوات التركية المرابطة في المنطقة، مواقع قوات النظام.

النقطة التركية العاشرة

باتت نقطة المراقبة العاشرة التابعة للجيش التركي في شير مغار الأكثر شهرة من بين نقاط المراقبة الـ12 في محيط إدلب، وذلك بعدما اقتربت منها مليشيات النظام الروسية التي توسعت على حساب المعارضة في سهل الغاب وجنوبي ادلب منذ مطلع أيار/مايو. وشهدت النقطة عمليات تحصين وتوسعة خلال الشهرين الماضيين. وعزز الجيش التركي تواجده بالمزيد من المدرعات والمدفعية المحمولة، وأجرى عمليات تبديل وزيادة في عدد الجنود الأتراك المتمركزين في النقطة.

استهدفت المليشيات النقطة العاشرة أكثر من مرة في أيار وحزيران، وأصابت المدفعية حرم الموقع، وسقطت القذائف بشكل أكبر في محيطها القريب. وبدا الاستهداف حينها تحرشاً، وضغطاً من المليشيات المدعومة من روسيا لإجبار الجيش التركي على سحب جنوده منها والتخلي عن النقطة لإفساح المجال للمليشيات لكي تتقدم بسلاسة.

وكان تقدم المليشيات ومعاركها في أيار ناجحاً إلى حد ما، ولمح قادة المليشيات والمواقع الإعلامية الموالية حينها إلى ضرورة انسحاب النقطة التركية لمواصلة التقدم. لكن المليشيات تعثرت في حزيران/يونيو، وانتقلت المعارضة من الدفاع إلى الهجوم، وتمسكت تركيا بتواجدها بنقاطها عموماً، والنقطة العاشرة بشكل خاص. ومن حينها، لم يعد قصف المليشيات مجرد تحرش وتهديد بالسلاح الثقيل.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، أن مليشيات النظام كانت ترصد بشكل دقيق التحركات داخل النقطة العاشرة ومحيطها، واستهدفتها، صباح الخميس، بعدد من قذائف المدفعية والصواريخ، وكررت الاستهداف بعد وقت قصير لتضرب رتلاً للجيش التركي على مشارفها. وبحسب المصدر، عاودت المليشيات قصفها ليلاً، بشكل أعنف، ما تسبب بمقتل وجرح جنود أتراك. واستدعى الأمر تدخلاً من الطيران التركي، الحربي والمروحي من أجل إخلاء المصابين.

الاستهداف للردع

يرى طيف من المعارضة المسلحة أن قصف المليشيات للنقطة العاشرة تكتيك للضغط على تركيا لوقف هجمات المعارضة البرية في مختلف المحاور. فالمليشيات ليست جاهزة للدفاع عن مواقعها التي سيطرت عليها حديثاً، وتخشى خسارتها، وليس في إمكانها مواصلة العمليات البرية في الوقت الحالي. لذا، فقد لجأت إلى تكثيف هجماتها بالأسلحة الثقيلة مستهدفة نقطة المراقبة عندما شعرت أن مواقعها في خطر.

لم تعد الهجمات البرية الي تشنها المعارضة هي التي تقلق المليشيات. فالمعارضة طورت من تكتيكاتها في الأيام القليلة الماضية، وباتت تهدد معاقل المليشيات البعيدة وغرف عملياتها، وارتفعت نسبة النيران المجدية التي تطلقها، أي باتت تمتلك منظومة استطلاع ورصد وترسانة جيدة من النيران الثقيلة.

القائد العسكري في "جيش العزة" العقيد مصطفى بكور، أكد لـ"المدن"، أن المليشيات لجأت إلى قصف نقطة المراقبة التركية لأنها تعتقد أنه لم يعد لديها وسائل دفاعية مجدية سوى هذا التكتيك. وبحسب بكور، تخشى المليشيات من استغلال انهيار منظومة العمليات الدفاعية والهجومية لديها من قبل المعارضة المُصرة على مواصلة هجماتها حتى استعادة مواقعها. والمليشيات تدافع عن مواقعها بنيران هائلة لإضعاف المعارضة، ووقف هجماتها، إلا أن ذلك ليس مجدياً بشكل دائم.

قصف انتقامي

قصف المليشيات الذي استهدف نقطة المراقبة في شير مغار كان الأعنف، ولأول مرة يتكرر في يوم واحد، ويمكن اعتباره انتقاماً من العمليات التي نفذتها المعارضة الخميس في سهل الغاب وجنوبي ادلب، في المحاور القريبة من نقطة المراقبة التركية.

الناطق باسم "الجبهة الوطنية للتحرير" النقيب ناجي مصطفى، أكد لـ"المدن"، أن المليشيات خسرت، الخميس وليل الخميس/الجمعة، أكثر من 40 عنصراً في محوري الحويز والقصابية، وعدداً كبيراً من الآليات العسكرية والناقلات التي تم استهدافها بصواريخ مضادة للدروع. وقتل عدد من عناصر المليشيات في الاستهداف الصاروخي والمدفعي الذي نفذته المعارضة ضد معاقلها المهمة، ونقاط تمركزها الرئيسية في ريف حماة.

جر تركيا للمعركة

برغم التهديدات التي يُطلقها الجيش التركي ضد المليشيات بعد كل استهداف جرى لنقاط المراقبة في ريف حماة، إلا أن الرد التركي المباشر يبقي في الإطار المحدود. الرد غير المباشر كان أكثر اتساعاً، من خلال دفع المعارضة لتنفيذ هجمات متواصلة وإشغال مستمر لخطوط الاشتباك وحرمان المليشيات من فرصة إعادة تنظيم صفوفها.

القائد العسكري المعارض العقيد بشار سعدالدين، أكد لـ"المدن"، أن المليشيات لا تستهدف نقطة المراقبة التركية من دون موافقة روسية. وأشار إلى أن القصف قد يتصاعد ضد نقاط المراقبة التركية، في محاولة جادة لجر تركيا إلى المعركة، وتوريطها في اشتباك مباشر، ومن ثم خلط الأوراق في ادلب ومحيطها. وبحسب سعد الدين، الهدف من القصف يبدو أعمق من المعلن عنه، ويستهدف الوجود التركي ومن ثم خلق قواعد اشتباك وتفاهمات جديدة في حال نجحت المليشيات في الاستفزاز واستجرار تركيا للمواجهة.

القائد العسكري المعارض النقيب أبو شحود، أكد لـ"المدن"، أن المليشيات لن تنجح في استجرار تركيا للمواجهة المباشرة، وتركيا متيقظة وتتعامل بهدوء مع التطورات. وبحسب أبو شحود، المواجهة المفترضة التي تمهد لها مليشيات النظام الروسية خطرة للغاية، وتحاول من خلالها تدويل موضوع ادلب، وإجبار القوى الفاعلة في الملف السوري على اتخاذ مواقف من ملفات تتعلق بمحاربة الفصائل الإسلامية، وبالتالي نشوء جبهة واسعة للضغط على تركيا وشكل تواجدها في ادلب.

المليشيات والمواقع الإعلامية الموالية كانوا قد بدأوا في وقت مبكر من المعركة في الحديث عن حتمية نجاحها في السيطرة على ادلب ومحيطها لأن المجتمع الدولي لن يقبل بوجود "هيئة تحرير الشام"، ولن يمنع أي عملية تهدف للقضاء عليها.

ترويج المليشيات في هذا الاتجاه بدا أكثر وضوحاً مؤخراً، ويهدف بالدرجة الأولى إلى طمأنة الموالين الغاضبين من تعثر المعارك والخسائر الكبيرة، وهدفه بالدرجة الثانية الترويج إلى أن المواجهة تجري ضد "تحرير الشام". وهي رسالة للخارج تبرر من خلالها القصف والمجازر، وتؤكد مشروعية المعركة وضرورة التعاطف الدولي معها. لكن معركة المليشيات تعثرت، وكذلك مبرراتها. ولذلك يبدو أن استهداف نقاط المراقبة التركية قد يتكرر خلال الفترة القادمة بشكل أكبر بهدف قلب الموازين والدخول في مرحلة جديدة من المواجهات، وخروج المليشيات، وروسيا، من الورطة الحالية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها