الجمعة 2019/06/14

آخر تحديث: 11:23 (بيروت)

حماة الشمالي: "الهدنة" خدعة روسية

الجمعة 2019/06/14
حماة الشمالي: "الهدنة" خدعة روسية
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
شهدت جبهات القتال بين المعارضة المسلحة ومليشيات النظام الروسية في أرياف حماة وادلب واللاذقية اشتباكات متقطعة ليل الخميس/الجمعة. وقد توقف قصف الطائرات الحربية والمروحية، بعد منتصف الليل بشكل شبه كامل، في حين استمر تحليق طيران الاستطلاع الروسي بشكل مكثف في أجواء شمالي حماة وجنوبي ادلب. وقصفت المليشيات بالمدفعية والصواريخ مواقع المعارضة ومدناً وبلدات قريبة من مناطق الاشتباك.

المجازر متواصلة

لم توقف الهدنة المعلنة قصف المليشيات وقتل المدنيين، وشنت الطائرات الحربية والمروحية أكثر من 70 غارة جوية، الخميس، ورافقها قصف مدفعي وصاروخي مستمر. وتسبب القصف بمقتل 8 أشخاص على الأقل، غالبيتهم قتلوا في قرية موقة جنوبي ادلب والتي تعرضت لعدد كبير من الرمايات الصاروخية.

وردت المعارضة بقصف مواقع المليشيات في سهل الغاب والقصابية جنوبي ادلب بالهاون والمدفعية. وعلى الرغم من رفض المعارضة المعلن، لوقف إطلاق النار، إلا أن قصفها وتحركاتها خلال الساعات الـ12 الأخيرة، كانت محدودة مقارنة بالأيام الماضية.

المليشيات تُفسّر!

تقول مليشيات النظام الروسية، ومواقع إعلامية موالية، إن القصف المستمر، وبرغم دخول وقف إطلاق النار المعلن حيز التنفيذ لا يعتبر خرقاً، لأنها ترد على مصادر النيران والهجمات البرية التي نفذتها المعارضة. وتقول المليشيات إن القصف يستهدف "هيئة تحرير الشام"، وهي لا تعتبر جزءاً من الهدنة، ولا يشملها وقف إطلاق النار المفترض. وتقول المليشيات إن الهدف من اتفاق الهدنة، هو "إنساني بالدرجة الأولى"، لفتح "ممرات انسانية" تسمح بخروج المدنيين من ادلب وحماة نحو مناطق سيطرة النظام "الآمنة"، ومدة الهدنة 72 ساعة قابلة للتمديد، وذلك بحسب "متطلبات الوضع الإنساني في ادلب".

مصدر عسكري معارض أكد لـ"المدن"، أن قصف المليشيات، الجوي والبري، الخميس، لم يستهدف أي مواقع تابعة لـ"تحرير الشام" في ريفي ادلب وحماة، وغالبية الأهداف كانت قرى وبلدات خالية من "الهيئة"، ومن مقاتلي الفصائل المعارضة عموماً.

الهدنة مقتل للمعارضة

ترفض المعارضة المسلحة و"تحرير الشام" والتنظيمات السلفية، "الهدنة" المعلنة، وتعتبرها خدعة، وقد أعلنت عنها روسيا لكي تعيد المليشيات تنظيم صفوفها قبل استئناف القتال مجدداً.

قائد "صقور الشام" أبو عيسى الشيخ، قال: "تهادن روسيا لصالح مليشياتها المنهكة لتعيد توزيعها وتنظيمها، وليس للثورة فتيل من المنفعة"، فـ"الهدن الكاذبة (تسبب) من الاسترخاء وتراجع النفير، وهم لا يوافقون على خفض التصعيد إلا عندما ينهكهم التصعيد ويستنزف مرتزقتهم، فإذا التقطوا أنفاسهم مالوا علينا ميلة واحدة، واليوم وقد فنيت قطعانهم وتحطم غرورهم على صخرة الصمود في حماة واللاذقية، فهل نعطيهم الأنفاس عند اختناقهم ونرد لهم زمام المبادرة وهم في حال الانهيار وتولية الأدبار".

تصريحات الشيخ، تتطابق مع تصريحات غالبية قادة فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير". ولم تعلن الجبهة بشكل رسمي عن رفضها للهدنة.

القائد العسكري في "جيش العزة" العقيد مصطفى بكور، أكد لـ"المدن"، أن جميع الفصائل المعارضة ترى بأن الهدنة خديعة يستخدمها النظام لكي يعيد تجميع قواه الحربية ويستعد من جديد لهجمات برية لقضم المزيد من المناطق، وهي سياسة اتبعتها مليشيات النظام أكثر من مرة عندما تستعصي عليها جبهات ومناطق معينة. وبحسب بكور، لم تلتزم المليشيات بوقف إطلاق النار من ساعة دخوله حيز التنفيذ بحسب ما أعلنت عنه، لذا من الطبيعي أن ترد المعارضة وتواصل عملياتها الدفاعية.

تخشى المعارضة القبول بوقف إطلاق النار، ليس لأن مليشيات النظام قد تستثمرها لصالحها فقط، بل لأن الهدنة بالنسبة للمعارضة خسارة حماسة آلاف المقاتلين الذين التحقوا بجبهات القتال خلال الأسبوعين الماضيين وهؤلاء ستضعف عزيمتهم إذا توقف القتال ومن المحتمل أن يتركوا الجبهات. ويعني القبول أيضاَ، خسارة الإنجازات التي حققتها المعارضة في الميدان، من حيث الثبات والتكتيكات الدفاعية والهجومية الناجحة، والعمل المشترك في ما بينها. في الغالب سيكون للهدنة انعكاس سلبي على علاقة الفصائل في ما بينها، وسيؤثر ذلك سلباً على التنسيق والعمليات الحربية المشتركة التي كانت في أقصى درجاتها في الأسبوع الماضي.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، أن الهدنة إن طالت أو قصرت، سيكون لها انعكاس سلبي على المعارضة وعلى أدائها الجماعي في الهجوم والدفاع، والمليشيات ستكون جاهزة لخوض جولة جديدة من المعارك، وقضم المزيد من المناطق على حساب المعارضة التي لن تتمكن من امتصاص الصدمة، وعودة التنسيق والعمل الجماعي إلا بعد أن تخسر مساحات واسعة من الأراضي كما جرى في قلعة المضيق وقراها.

الموقف التركي

العقيد مصطفى بكور، أكد لـ"المدن"، أن تركيا "لم تفرض على فصائل المعارضة المسلحة الالتزام بالهدنة".

ويبدو أن تركيا تدفع المعارضة في اتجاه التعاطي الإيجابي مع هذه المبادرة، واستغلالها مع الاحتفاظ بالجاهزية القتالية للتعامل مع أي تطور ميداني طارئ، وبقاء المعارضة على مطالبها السابقة التي تشترط لقبول الهدنة أن تنسحب المليشيات إلى خطوط ما قبل 6 أيار/ مايو، أي قبل بدء العملية العسكرية.

لم تنجح تركيا في أيار/مايو في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع روسيا والعودة إلى العمل في اتفاق خفض التصعيد، وضمان تراجع المليشيات إلى مواقعها القديمة، وكانت المليشيات تتقدم باستمرار والمعارضة في موقع المتصدي فقط. أما الآن، تركيا تستغل الإنجازات التي حققتها المعارضة في الجبهات الخلفية شمال غربي حماة، لفرض الهدنة بالشروط التي طلبتها المعارضة، والتي تضمن انسحاب المليشيات من المناطق التي تقدمت فيها في سهل الغاب وجنوبي ادلب. وفي حال فشلت الهدنة المعلنة قد تعود المعارك بين الطرفين بشكل أعنف، وفي امكان المعارضة مواصلة تكتيكاتها التي تستهدف معاقل المليشيات وفتح محاور جديدة بدفع تركي أكبر هذه المرة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها