الإثنين 2019/05/27

آخر تحديث: 12:18 (بيروت)

كفرنبودة: حرب الاستنزاف

الإثنين 2019/05/27
كفرنبودة: حرب الاستنزاف
Getty ©
increase حجم الخط decrease
فشل هجوم معاكس للمعارضة المسلحة باستعادة بلدة كفرنبودة في ريف حماة، ليل الأحد/الاثنين، بعدما استولت عليها مجدداً مليشيات النظام الروسية مساء الأحد.

وتركزت هجمات المعارضة البرية في الأطراف الشرقية من البلدة، ومهدت لتقدمها بقصف مواقع المليشيات بالمدفعية وصواريخ غراد، واشتبكت مع المليشيات داخل الأحياء  قبل أن تنسحب منها مرة أخرى نحو الهبيط شرقاً بسبب الدفاعات النارية التي تمتعت بها المليشيات. وقالت المعارضة أن هجومها كان ناجحاً برغم انسحابها، وتمكنت من قتل 20 عنصراً على الأقل ودمرت عدداً من المدرعات والآليات العسكرية.

وتحولت المواجهة في ريف حماة إلى معركة استنزاف مركزها كفرنبودة، والسيطرة عليها باتت رمزية بالنسبة للطرفين، وهدفها كسر الإرادة. من يصمد فيها أكثر يربح. وتعوّل المعارضة على استنزاف المليشيات لأطول فترة ممكنة من خلال تبادل السيطرة ومعارك الكر والفر، في حين تعتبرها المليشيات بوابة لتقدمها في بقية المحاور.

الجولاني والمعارضة

اجتمع عدد من قادة فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، ليل الأحد/الاثنين، في ادلب مع قائد "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، وقائد "جيش العزة" جميل الصالح. وقال أنصار المعارضة و"الهيئة" إن الاجتماع عقد بهدف التباحث والتنسيق بين الفصائل لوقف تقدم المليشيات، وحل الخلافات العالقة بين الأطراف.

وكان القائد السابق لـ"أحرار الشام" حسن صوفان، أحد الحاضرين في الاجتماع، وهو الوحيد الذي لمّح إلى نتائج الاجتماع، التي اختصرها بالتوصل لاتفاق على تقاسم الذخائر والعتاد والموارد بين الفصائل من أجل المعركة.



المليشيات تدمر كفرنبودة

وكانت مليشيات النظام الروسية قد استولت مجدداً على كفرنبودة، الأحد، بعدما شنت هجوماً برياً عنيفاً من محاور متعددة، استخدمت فيه الدبابات والمدرعات بكثافة. وشاركت في العملية تعزيزات عسكرية إضافية أرسلتها الأفواج التابعة لمليشيات "قوات النمر" و"الفيلق الخامس" و"الفرقة 11" و"اللواء 171" التابع لـ"الفرقة الأولى مدرعة".

كثافة النيران الروسية، براً وجواً، على مواقع المعارضة وخطوط اشتباكها في البلدة، أجبرت المعارضة على الانسحاب. وزاد عن 4000، عدد القنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة التي انهالت على البلدة، الأحد، تمهيداً لتقدم المليشيات. واستخدمت الطائرات الروسية في قصفها مواقع المعارضة وتحصيناتها بالصواريخ الارتجاجية والقنابل الفوسفورية.

وخسرت المليشيات المهاجمة 30 عنصراً على الأقل بينهم ضباط وقادة ميدانيين. وأعلنت فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، عن تدمير عدد كبير من الآليات المدرعة والدبابات وقواعد الصواريخ التابعة للمليشيات بصواريخ مضادة للدروع. وخسرت المعارضة 20 مقاتلاً، وأسرت مليشيات النظام عدداً من المقاتلين.

مصدر عسكري معارض أكد لـ"المدن"، أن المليشيات لم تتمكن من السيطرة على البلدة إلا بعد أن دمرتها بشكل شبه كامل خلال الأيام الماضية. وبحسب المصدر، فقد تعرضت كفرنبودة، لقصف لم تشهده منطقة سورية على الإطلاق، مئات الغارات الجوية والصواريخ كانت تنهال على البلدة، وكان للقوات الخاصة الروسية دور كبير في المعركة الأخيرة.

المزيد من الدعم

برغم الكلفة العالية إلا أن فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام" والتنظيمات السلفية، في إمكانها استنزاف المليشيات في كفرنبودة لمدة أطول، وجعل جبهات المنطقة ثقباً أسود يبتلع عناصر المليشيات. وهذا ما يردده قادة المعارضة منذ أيام، لكن إن توفر لهم المزيد من الدعم من صواريخ الغراد متوسطة وقصيرة المدى، ومضادات الدروع والذخائر المتوسطة والخفيفة والمناظير الليلية والهاون والمدرعات. وما هو في يد المعارضة حالياً من سلاح ثقيل، لا يكفي لاستنزاف المليشيات مدة طويلة.

المليشيات تتفوق في المعركة بالتغطية النارية، في حين تتفوق المعارضة بأعدادها وعزيمة مقاتليها وفي الهجمات الليلية والإغارة، لكنها ما تزال تفتقد لعناصر قوة أخرى تؤثر في أدائها، كتوزيع المهام والأسلحة النوعية، والعمل ضمن غرفة عمليات تستوعب كل القوى المقاتلة.

وتواصل الفصائل التابعة لـ"الجيش الوطني" في ريف حلب في إرسال التعزيزات العسكرية إلى جبهات حماة. ويبدو أن الفصائل تنوي إرسال تعزيزات إضافية إلى جبهات ومحاور أخرى في محيط ادلب خلال الفترة القادمة بعدما أجرت عمليات استطلاع للمنطقة في اليومين الماضيين.

الناطق باسم "الجيش الوطني" الرائد يوسف حمود، أكد لـ"المدن"، أن الفيالق الثلاثة التابعة للجيش تستمر في إرسال التعزيزات إلى جبهات حماة وجنوبي ادلب بالتنسيق مع "الجبهة الوطنية للتحرير" و"جيش العزة".

وتستطيع تركيا تزويد "الجيش الوطني" بأسلحة نوعية وبكميات كبيرة وإشراكه بشكل أكبر في المعارك، وهو من أكثر الفصائل التي يمكن لتركيا الثقة بها، وبعض مجموعاته حصلت على تدريبات من الجيش التركي ويمكن الاستفادة من خبرات مقاتليها.

ما بعد كفرنبودة

تحاول مليشيات النظام الروسية تثبيت سيطرتها في كفرنبودة، التي كلفتها حتى اللحظة أكثر من 200 قتيل وعشرات المدرعات والآليات العسكرية، أي ما يعادل نصف التكلفة التي دفعتها المليشيات منذ بدء المعركة في ريف حماة. وتسعى المليشيات إلى التمدد في محيط البلدة وإنشاء دفاعات نارية وتحصينات خارجها، ومن ثم التمدد في المحور ذاته نحو الهبيط وخان شيخون، لتشغل محاور أخرى. القصف البري وقصف الطيران المستمر، منذ فجر الاثنين، استهدف مناطقاً حول كفرنبودة، وجنوبي ادلب، يوحي بأن المليشيات ستواصل هجماتها البرية.

أما المعارضة فهي إلى الآن لا تفكر في فتح محاور جديدة مع المليشيات وتركز غالب جهدها الحربي في جبهات حماة. وبامكان المعارضة فتح محاور قتال مع مليشيات النظام الإيرانية وجرها للمعركة، ما قد يُحرج ذلك روسيا ويضعها في موقع المتحالف مع المليشيات الإيرانية في هذا التوقيت المُعقّد.

وقد يوفر فتح جبهات جديدة سيطرة للمعارضة خارج حدود التفاهمات الروسية-التركية، ومن ثم إجبار المليشيات وحلفائها على طلب وقف إطلاق النار.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها