الإثنين 2019/05/27

آخر تحديث: 15:25 (بيروت)

خريطة أوروبية جديدة

الإثنين 2019/05/27
خريطة أوروبية جديدة
Getty ©
increase حجم الخط decrease
على الرغم من أن المحافظين والاشتراكيين ما زالا يشكلان أكبر كتلتين في البرلمان الأوروبي، إلا انتخابات 2019 أفرزت خريطة جديدة للمرة الأولى منذ أربعين عاماً. وإذ تقدّم اليمين الشعبوي المتطرف في فرنسا وإيطاليا وبريطانيا، إلا أنه لم يصل إلى نقطة حاسمة تتيح له الأغلبية، ما شكّل احتواءً للمشككين في أوروبا. ومع ذلك، فإن نتائج الخضر الممتازة كانت المفاجأة الأكبر.

المحافظون الكتلة الأكبر

ورغم خسارة الأحزاب التقليدية المحافظة والاشتراكية في هذه الانتخابات، إلا أنها بقيت تشكل أكبر كتلتين في البرلمان الأوروبي.

وحصل المحافظون على 173 مقعداً بخسارة 43، وهم يشكلون "الحزب الشعبي الأوروبي"، من يمين الوسط المؤيد لأوروبا. وطالب قادة هذه الكتلة معتمدين على فوزهم، بأن يترأس زعيمهم مانفريد فيبر، المحافظ المثير للجدل، المفوضية الأوروبية.

وفي المرتبة الثانية، حلّت كتلة الأحزاب الاشتراكية، من يسار الوسط، بـ147 نائباً بخسارة 37 مقعداً. ورفض "الاشتراكيون الديموقراطيون" طلب "الحزب الشعبي الأوروبي"، ما قد ينذر بمفاوضات طويلة وشاقة في السباق الذي بدأ على المناصب الأساسية في المؤسسات الأوروبية.

الكتلتان؛ "الحزب الشعبي الأوروبي" و"الاشتراكيون الديموقراطيون"، خسرتا الأغلبية، وذلك للمرة الأولى منذ أربعين عاماً. إلا أنهما بقيتا القوتين الرئيسيتين في البرلمان، لكنهما فقدتا قدرتهما على تشكيل أغلبية بمفردهما من أجل تمرير نصوص تشريعية.

وبات يتحتم على تلك الكتلتين مشاورة دعاة حماية البيئة الذين ارتفع عدد مقاعدهم من 52 إلى سبعين، بفضل النتائج الجيدة التي سجلوها في فرنسا وألمانيا، والليبراليين بما فيهم حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذين حصلوا على 107 مقاعد مقابل 69 في البرلمان السابق.

ويأمل "التجمع الوطني" اليميني الشعبوي الفرنسي و"حزب الرابطة" اليميني الشعبوي الإيطالي، تشكيل تحالف يضم الأحزاب القومية والمشككة في أوروبا والشعبوية. وتشير التوقعات إلى أن كتلتهم ستشغل 58 مقعداً مقابل 37 في البرلمان الحالي.

ومن الصعب التكهن بتقارب "التجمع الوطني" و"حزب الرابطة" مع المجموعة الشعبوية التي تضم "حركة خمس نجوم" الإيطالية ويتوقع أن ينضم إليها "حزب بريكست" المعادي لأوروبا الذي فاز بـ31.5% من الأصوات في بريطانيا، بسبب الخلافات العميقة بين المجموعتين.

وحتى إذا أضيفت نتائج الكتلتين إلى المقاعد الـ58 التي حصدتها مجموعة "الأوروبيين المحافظين والإصلاحيين"، التي تضم في صفوفها "حزب المحافظين البريطاني" والحزب الحاكم في بولندا، وكذلك اليمين القومي والمشككين في أوروبا، فلن تشغل أكثر من 172 مقعداً، وهو رقم بعيد عن الأغلبية المحددة في البرلمان بـ376 مقعداً. كما تراجع عدد مقاعد اليسار المتطرف من 52 إلى 38 مقعداً.

احتواء اليمين الشعبوي

المحلل في مؤسسة "روبرت شومان" ايريك موريس، قال لوكالة "فرانس برس"، إن "موجة الأحزاب القومية والمشككة في أوروبا تم احتواؤها، إذا استثنينا التجمع الوطني والرابطة". وأضاف "إذا لم يتحرك (الزعيم الشعبوي المجري أوربان)، لا أرى كيف يمكن أن تتغير خطوط المجموعات الحالية".

خريطة جديدة

إعادة تشكل المشهد السياسي هذه ستكون حاسمة للسباق الى المناصب الأساسية في المؤسسات الأوروبية وخصوصا رئاسة المفوضية خلفا ليونكر من "الحزب الشعبي الأوروبي".

وذكر المتحدث باسم البرلمان الأوروبي خاومي دوش أنه "لا أحد يمكنه أن يصبح رئيس المفوضية من دون أن يحصل على دعم 376 من أصل 751 نائبا أوروبيا". وسيعقد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، قمة للبحث في التعيينات المقبلة.

وقال رئيس "الشعب الأوروبي": "من دون حزب الشعب الأوروبي لا توجد غالبيّة بين الأحزاب الديموقراطيّة. لذا نحن جاهزون للتفاوض، وبالطبع سندافع عن الوظيفة الأهمّ على مستوى عمليّة سبيتزن كانديات".

مجموعة يمين الوسط، فعلياً، أخذت حصّة الأسد، في البرلمان، وبموجب ما يُسمى عمليّة الـ"سبيتزن كانديدات"، يُفترض بالبرلمانيّين الأوروبيين أن يُصوّتوا لدعم المرشح الرئيسي المتصدّر لأكبر مجموعة سياسيّة تنبثق عن الانتخابات من أجل قيادة المفوضية التي تعدّ الذراع التنفيذية للاتّحاد.

لكن وفق المعاهدة الأوروبية فإنّ مهمّة ترشيح مسؤول للمنصب الأوّل في بروكسل يقع على عاتق المجلس الأوروبي، أي قادة الدول الـ28 الأعضاء في الاتّحاد الذين يُعارض العديد منهم النظام البرلماني.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي يتحالف حزبها "الاتحاد الديموقراطي المسيحي" مع "حزب الشعب الأوروبي" إنّها ستدعم مواطنها الألماني المحافظ فيبر، لرئاسة المفوّضية، إلا أنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لن يحذو حذوها.

خسارة "حزب الشعب الأوروبي" للغالبيّة في البرلمان، قد لا تجد حلاً لها بالتحالف فقط مع "الاشتراكيين الديموقراطيين" من يسار الوسط، إذ يبدو أنّ المجموعتين مضطرتان إلى دعم الليبراليين أو الخضر، لإعادة بناء قاعدتهما.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها