الثلاثاء 2019/05/21

آخر تحديث: 13:45 (بيروت)

سهل الغاب.. والصراع على السلة الزراعية!

الثلاثاء 2019/05/21
سهل الغاب.. والصراع على السلة الزراعية!
(المدن)
increase حجم الخط decrease
شنت مليشيات النظام الروسية حملة برية وجوية شرسة على ريف حماة الشمالي الغربي، منذ حوالي 24 يوماً، للسيطرة في أحد محاورها على سهل الغاب. واستطاع النظام التقدم إلى قلعة المضيق، وقرى التوينة وباب الطاقة والشريعة والحمرا والمهاجرين والحويز، في السهل.

إلا أن قوات المعارضة تمكنت من امتصاص الصدمة، وثبتت خطوطها الدفاعية عند بلدة الحويز، وأعاقت رغبة النظام باستكمال السيطرة على سهل الغاب. وتصر فصائل المعارضة على رفض أي هدنة، إذا لم تنسحب مليشيات النظام من المناطق التي استولت عليها. إذ أن سهل الغاب يمثّلُ أكثر من مساحة من الأرض المتنازع عليها.

ما هو سهل الغاب؟

سهل جغرافي منبسط وخصب جداً، يقع بين جبال اللاذقية غرباً وجبال الزاوية وشحشبو شرقاً، وما بين جسر الشغور شمالاً وتل سلحب جنوباً. يبلغ طوله 80 كيلومتراً، ويتراوح عرضه ما بين  13 و15 كيلومتراً، وتبلغ مساحته حوالي 241 ألف هكتار، منها 87162 هكتاراً مخصصة للزراعة. ويمر وسطه نهر العاصي، وتتفرع فيه شبكات مياه ري شاملة، مما يجعله غنياً بالمسطحات المائية.

ويعد سهل الغاب من اكثر السهول خصوبة في سوريا، وفي الشمال المحرر. مدير "زراعة حماة الحرة" غسان عبود، قال لـ"المدن"، إن أهم محاصيل السهل هو القمح، الذي يبلغ إنتاجه سنوياً حوالي 50 ألف طن، كما يشتهر السهل بالزراعات الصناعية مثل القطن والشمندر السكري وعباد الشمس والذرة الصفراء، بالإضافة إلى الخضار الصيفية والشتوية بكافة انواعها، والمحاصيل الطبية والعطرية. وأكد عبود، أن هذه المحاصيل "تغطي حاجة المحرر كاملاً تقريباً".

وتبلغ المساحات الزراعية المحررة من السهل حوالي 150 ألف دونم، قبل الهجمة الأخيرة لمليشيات النظام، والتي كانت تزرع وتغذي الشمال السوري، وقد سقط منها حوالي 70 ألف دونم بيد مليشيات النظام، وبقي منها حوالي 80 ألف دونم، بحسب أرقام "مديرية زراعة حماة الحرة".

وأشارت المديرية الى خسارة 10 آلاف دونم اخرى تتبع لها بأطراف سهل الغاب وهي الأراضي الزراعية لبلدة كفرنبودة، والتي كانت تُشكّلُ مصدراً أساسياً للبطاطا. ولهذه الخسارة الزراعية أثر كبير على مناطق المعارضة. إذ يسعى النظام لخطف هذه السلة الزراعية المهمة، بغية تجريد المعارضة منها، والاستفادة من مخزونها الزراعي، في تغطية شيء من عجزه الاقتصادي الحالي.

مليشيات النظام كانت قد أدخلت إلى كفرنبودة، مباشرة وقبل انتهاء المعارك في محيطها، فرقاً لجني محصول البطاطا الذي زرعه السكان قبل أن يتهجّروا منها. وعندما تعجز قوات النظام عن "تعفيش" أي محصول، تلجأ لحرقه كما حدث في محيط الحويز. 

الثروة الحيوانية بسهل الغاب

يتوفر بسهل الغاب بيئة جيدة لتربية الحيوانات، حيث تتوفر المراعي الخصبة حول مجاري المياه الكثيرة، إضافة لبقايا المزروعات المنوعة. وأهم الحيوانات التي تربى فيه هي الأغنام والماعز والأبقار والجواميس التي تنحصر تربيتها فيه بسبب احتياجه لبيئة مائية رطبة لا تتوفر إلا بسهل الغاب.

رئيس دائرة الثروة الحيوانية بمديرية "زراعة حماة الحرة" عماد الناعس، قال لـ"المدن"، إنه يتواجد في سهل الغاب حوالي  178.350 رأس غنم، و12.130 رأس ماعز، و4.435 بقرة، وتعد هذه الثروة الحيوانية مصدراً مهماً لتغذية الشمال بالحليب ومشتقاته واللحوم ايضاً.

كما يعد سهل الغاب المورد الأول والأهم للثروة السمكية في مناطق المعارضة، سواءً من خلال الصيد في المجاري المائية الكثيرة، أو من المزارع الخاصة لتربية الاسماك "المسامك".

وتعتمد تربية الأسماك على مزارع خاصة وعامة يبلغ عددها 300 موزعة على 650 هكتاراً، اغلبها بالحويز والحمرة وباب الطاقة. وأهم أنواع الأسماك التي تنتجها هي الكارب والمشط والسلور واسماك الزينة. ويعتمد الشمال المحرر بشكل شبه كامل على منتجات الغاب من الأسماك.

التنوع السكاني

يعتبر موقع الغاب متوسطاً بين ثلاث محافظات سورية، اللاذقية وحماة وإدلب، ويشكل صلة وصل بينها. ومن يسيطر عليه وعلى جبل شحشبو يتحكم عسكرياً بالمنطقة. وتميّز الغاب تاريخياً بخليط سكاني متنوع، من المسلمين السنة والمسيحيين والعلويين والإسماعيليين والمرشديين. وبلغ عدد سكانه 325 ألف نسمة، حسب آخر إحصائية أجريت في العام 2010، يشكل السنّة منهم حوالي 70%.

هذه التركيبة المتشابكة سكانياً، أعطت السهل حساسية خاصة لكل الأطراف، فالنظام اليوم يحاول اقتطاع المنطقة وطرد سكانها السنة، بذريعة حماية البلدات المسيحية والعلوية الموالية له، حتى لا تبقى في حالة تهديد من قبل فصائل المعارضة، أثناء استهداف النظام منها لمناطق المعارضة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها