الأحد 2019/05/19

آخر تحديث: 08:03 (بيروت)

لو كان الأمر متعلقاً ببولتون..لكانت الحرب قد اندلعت

الأحد 2019/05/19
لو كان الأمر متعلقاً ببولتون..لكانت الحرب قد اندلعت
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
"لو كان الأمر يعود إلى جون بولتون، لكنا اليوم نخوض 4 حروب"، نقل مسؤول أميركي بارز عن الرئيس الأميركي قوله هذا ممازحاً مستشاره للأمن القومي ونازعه الكبير إلى الحرب.

صحيفة نيويورك تايمز سلطت الضوء في الأيام الاخيرة على الخلافات الداخلية في إدارة ترامب. وعلى رغم نفيه تقارير هذه الصحيفة ووصفه إياها في "تويتر" بأنها "أخبار كاذبة"، بدا ما نُقل عنه، ومفاده أنه لا يرغب في تصادم حربي ولا في انزلاق الحملة الكبيرة على إيران إلى حرب، وكأنه يؤكد الخلاف بينه وبين مساعديه الصقور. فالرئيس الاميركي يتحفظ عن المغامرات العسكرية في وقت يبدو أن كبار مستشاريه، على رأسهم جون بولتون، يشتهون مواجهة عسكرية مع إيران.

ويرى فيبين نارانغ، وهو أستاذ مساعد في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، في هذا النفي تفريطاً بالردع المترتب على تلويح ترامب بشنّ ضربة عسكرية أميركية أو اسرائيلية إذا أوشكت على تصنيع قنبلة نووية. ويخشى مراسل الشؤون العسكرية في نيويورك تايمز ديفيد سانجر، أن يسلك ترامب على ما فعل في أزمة كوريا الشمالية. فهو توعدها بـ"النيران والغضب" في 2017 إثر إجراء اختبارات صاروخية ونووية، ثم حين التقى بالديكتاتور الكوري الشمالي أعلن أن الخطر النووي انقضى، في وقت كان نظام بيونغ يونغ يواصل أنشطته النووية.

ويرى مسؤولون في البنتاغون أن الخطوات التي طالب بومبيو طهران بالتزامها؛ ومنها وقف التجارب الصاروخية الباليستية ووقف دعم ميليشيات في سوريا واليمن، غير واقعية، وتُحكم الطوق على إيران و"تحشرها في الزاوية". وسبق لبومبيو أن قال ان السياسة الاميركية ترمي إلى النفخ في الاضطراب الداخلي الإيراني. ولكن على رغم خطابه المتشدد إزاء إيران، بومبيو، على خلاف بولتون، ينحني أمام ما يريده ترامب، وتتوقع "نيويورك تايمز، أن يُقبل على الديبلوماسية مع طهران على ما فعل في قضية كوريا الشمالية. وما تقدم يسلط الضوء على غياب الإجماع الأميركي حول سبل التعامل مع طهران، في حين يرى خبراء في الشؤون الدفاعية مثل الفرنسي برونو ترترييه أن بعض الغموض مفيد في الردع، إذا ترافق مع استراتيجيا واضحة.

وربما هو مؤشر يعتد به إلى بدء التراجع عن حافة الحرب، اتصال وزير الخارجية الاميركية بسلطان عمان للتداول في مسألة الخطر الإيراني. وكانت سلطنة عمان لعبت دوراً في المفاوضات بين إيران وإدارة سلف ترامب، باراك أوباما، على الملف النووي.

وترى نيويورك تايمز أن وراء عدول دونالد ترامب عن التصعيد مع إيران اعتباره، من جهة، أن الشرق الأوسط مستنقع يجب تفادي التورط فيه، ومن جهة ثانية، ما جرى في الأمس القريب في فنزويلا.  فالحملة الاميركية "البولتونية" (نسبة إلى جون بولتون) الرامية إلى إطاحة نيكولا مادورو، عززت قبضة الأخير إثر فشل المعارضة في استمالة حلفاء الرئيس الفنزويلي وإخفاقها في حمل الجيش الفنزويلي على الانقلاب عليه. وبدأ في استشارة من هم خارج فريقه، ومنهم جاك كين، نائب قائد الاركان الاميركية السابقة ومهندس عملية رفع عدد الجنود الاميركيين في العراق. وهو أكد أن بلاده لا تتجه إلى حرب مع إيران، وأن ردها على أي استفزاز إيراني سيكون حذراً ومحسوباً وحازماً.

بُعد إقليمي

يبدو أن العراق مسرح بارز في شد الحبال الإيراني–الأميركي. فصحيفة الغارديان البريطانية، أشارت إلى أن قرار سحب الولايات المتحدة عدد كبير من موظفيها من أراضيه يعود إلى اجتماع عقده قاسم سليماني مع قيادات الحشد الشعبي وطلبه منها إعداد العدة لحرب بالوكالة. وعلى خلاف لقاءاته السابقة في السنوات الأخيرة مع "الحشد" في بغداد، بدا أن سليماني يرص صفوف القوات التابعة لفيلق القدس الايراني في هذا الاجتماع، فهو "لم يعلن الحرب ولكنه كان على وشك ذلك"، وهو لم ينأَ عنها، على قول مصدر مطلع للغارديان.

ويبدو أن النظام الإيراني يرمي الى تذكير الإدارة الأميركية بالبُعد الإقليمي الوثيق الصلة بالملف النووي الايراني، وكانت إدارة باراك أوباما أرادت فصل البُعد هذا عن البعد التقني النووي من جهة، والحؤول دون سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، من جهة أخرى. فكأنها ارتضت نفوذاً إيرانياً "تقليدياً" على رغم أنه يُحصَّل من طريق وكلاء ووسائط هجينة غير تقليدية أو غير متكافئة، على حيازة الايرانيين قدرات نووية.

وبعد أيام على استهداف ناقلات النفط الإماراتية والسعودية وناقلة ترفع علم النرويج على بُعد نحو 164 كلم من مضيق هرمز والهجوم بطائرات درون على الخط النفطي السعودي البديل عن هرمز والمفضي الى البحر الأحمر، صادقت دول مجلس التعاون الخليجي على طلب الولايات المتحدة إعادة انتشار قواتها العسكرية في مياه الخليج وعلى أراضي دول خليجية. وإثر الهجمات في الفجيرة، سارع خبراء أوروبيون وأميركيون في الاستراتيجيا إلى التذكير بأبرز معركة بحرية خاضتها القوات الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية، وهي معركة بحرية ايرانية-أميركية دارت بين هرمز والساحل الشرقي لشبه جزيرة العرب في نيسان (أبريل) 1988. ودمرت حينها البحرية الأميركية منصتين للحرس الثوري الايراني، كانت أشبه بمدن عائمة على قول مسؤولين أميركيين عسكريين شاركوا في العملية، وفرقاطة إيرانية ومركباً لاطلاق الصواريخ و3 مراكب سريعة وقتلت 57 بحاراً إيرانية و20 عنصراً من عناصر الحرس الثوري.

وحين يشير ديموقراطيون من أمثال آرون ديفيد ميلر الى هذه المعركة وإلى نجاح بحرية بلادهم في تدمير سلاح البحرية الايرانية، ينبهون الى أن إيران استخلصت درساً بارزاً من هذه الحرب، وأنها ستخوض المعركة في الجولة المقبلة بوسائط غير تقليدية، مثل الألغام والصواريخ المضادة للسفن والزوارق السريعة والغواصات الصغيرة.

وكانت شركة التأمين النروجية Mutual War Risks Insurance Association،  في تقرير نشرته وكالة رويترز، رجحت أن الهجوم نفذه مركب توجهه درون تحت المياه كانت تحمل 30 إلى 50 كلغ من المتفجرات تنفجر حين تصطدم بالهدف، وخلصت إلى أن أوجه الشبه بين الشظايا على الناقلة النرويجية وشظايا زوارق درون سبق أن استخدمها الحوثيون في اليمن، كبيرة، على رغم أن الدرون المستخدمة في هجوم الفجيرة كانت مسيرة تحت المياه في وقت أن زوارق الحوثيين كانت "فوق المياه".

حلفاء إيران "الدوليون"... قربٌ وبُعد

في وقت تنصلت موسكو من قرار طهران الخروج عن بعض بنود الاتفاق النووي، وإعلان الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، أن بلاده "لن تكون قادرة على لعب دور فريق إطفاء في كل شي"، كانت ناقلة النفط الصينية، "باسيفيك برافو، تتجه إلى الشرق بعد تزودها بمليوني برميل نفط إيراني، على ما نقل موقع "بورس وبازار" الايراني. وقال الموقع الاخباري إن الناقلة تقول أن وجهتها هي إندونيسيا، ولكن وجهتها الأخيرة والفعلية هي الصين، أكبر شركاء إيران التجاريين، بحسب موقع TankerTrackers.com.

ويملك بنك كونلون الصيني، وهذه المؤسسة المالية هي من أبرز أركان التجارة الصينية–الايرانية، ناقلة النفط هذه. وهو أوقف شراء النفط من إيران في مطلع أيار حين ألغت واشنطن الاعفاءات من العقوبات. وإذا تبين أن هذه الصفقة أُبرمت بعد إلغاء الاعفاءات، قد تشير إلى تعديل في سياسة بكين أو إلى مناورة صينية أثناء المفاوضات التجارية مع واشنطن. ورُصدت هذه الحمولة النفطية في وقت كان جواد ظريف، وزير الخارجية الايرانية، يتجه الى بكين حيث دعا الجهات الموقعة على الاتفاق النووي الى "خطوات عملية" لانقاذه.

ولاحظ يين غانغ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في حديث مع "وول ستريت جورنل"، أن الحال الايرانية شائكة في موازين بكين. فالنزاع الدائر معها لا يقتصر على الولايات المتحدة بل هو نزاع بينها وبين الدول العربية، في وقت تنتهج الصين ديبلوماسية متوازنة في الشرق الأوسط وتأمل في التعامل تجارياً... مع الجميع". وترى بكين أنها لن تتضرر من وقف الصادرات النفطية الايرانية إليها، وترجح أن دول الخليج ستعوض هذا النقص النفطي وتلبي حركة الطلب الصينية على النفط، بحيث يصعب على طهران استعادة مكانتها "النفطية" في الصين حين تُرفع العقوبات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها