السبت 2019/04/06

آخر تحديث: 14:52 (بيروت)

رفات باومل: هل عمل الموساد مع "الشركاء السوريين"؟

السبت 2019/04/06
رفات باومل: هل عمل الموساد مع "الشركاء السوريين"؟
(Getty)
increase حجم الخط decrease
رغم نفي النظام علمه بعملية استعادة اسرائيل لرفات الجندي زخريا باومل، تتكشف تفاصيل جديدة عن عدم صدق ذلك النفي. لا بل تشير المعطيات التي تقدمها الصحافة الإسرائيلية إلى أن العمل لم يكن فقط بالتعاون بين الجانب الروسي و"الشركاء السوريين"، بل أن فرقاً من الموساد عملت على الأرض السورية.

النظام وحده من يعرف مكان الدفن

ضابط منشق عن قوات النظام، قال بحسب ما نقلته قناة "كان" العبرية، إن النظام وحده من كان يملك تفاصيل حول مكان رفات باومل. وأضاف إنه لم يكن لدى المعارضة أي معلومة حول الموضوع. وأوضح أن الزعم بأن عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" أثناء سيطرتهم سابقاً على مخيم اليرموك قد ساعدوا في نقل رفات باومل الى خارج المخيم، غير معقول. ودحض الضابط المنشق الرواية التي ساقتها "الجبهة الشعبية/القيادة العامة" في دمشق، بتورط "داعش"، قائلاً إنها "أرادت التغطية على النظام الذي يترك جثث السوريين وحتى من قواته للذئاب، بينما يقوم بتسليم رفات جنود اسرائيليين".

واعتبر الضابط أن "ما قام به الأسد هو تقديم وثائق عهد اضافية لاسرائيل، من خلال اعادة رفاة الجندي باومل". واضاف ان "هناك الكثير من الصفقات التي حصلت تحت الطاولة بين النظام السوري وبين القيادة الاسرائيلية، التي يهمها الحفاظ على النظام وتتعاون معه". وحذّر الضابط من أن اسرائيل "تخطيء اذا كانت تعتقد انه يمكن الفصل بين الأسد ومحور ايران-حزب الله"، فقد أصبح "بشار الاسد رهينة لايران، وسوريا تحولت الى قاعدة عسكرية ايرانية".

بوتين صاحب البيت

وفي صحيفة "معاريف"، كتب المحلل يانير كوزين، أن عملية إعادة رفاة الجندي الاسرائيلي زخريا باومل من قبل الروس والسوريين، حققت نتائج ايجابية للجانبين، الروسي والاسرائيلي، معتبراً أن الحديث يدور عن المستوى الاستراتيجي الذي وصلت اليه العلاقات بين روسيا واسرائيل، خصوصاً بين بوتين ونتنياهو. واضاف المحلل، ان الرئيس الروسي فاجأ اسرائيل في حجم المعلومات التي كشف عنها مع بداية لقائه نتنياهو في موسكو، والتي تتعلق بالعملية التي أدت الى العثور وإعادة رفاة باومل، لسبب واضح هو أن بوتين أراد أن يثبت أنه شخصياً من يتحكم بالاوضاع.

واشار المحلل الى ان الروس اوضحوا انهم لا ينتظرون مقابلا في المدى القريب للمبادرة الانسانية التي قدموها لاسرائيل، وان ما قاموا به يستند الى علاقات شخصية متينة، ومصالح مشتركة وتفهم للقضية، حسب مصدر سياسي اسرائيلي.

لكن المبادرة الروسية تثبت من هو صاحب البيت، ومن يستطيع حل لغز عمره 37 عاما، وخاصة مع من يجب الحفاظ على علاقات وثيقة والاستجابة لمطالبه. فإلى جانب التعاون الاستخباراتي، هناك تعاون سياسي واعلامي. اذ تم الاعلان عن اكتشاف رفات باومل، قبل عشرة ايام من اعلان نتنياهو عن ذلك بشكل رسمي. وقد تم الحفاظ على سرية الامر بطلب من روسيا. ورأى المحلل انه من الجائز الافتراض ان الروس يحتفظون بمعلومات عن الجنود الآخرين، وان الجهود مستمرة لتحديد مكانهم واعادتهم الى اسرائيل.

النظام ينفي علمه

النظام السوري اكتفى بتصريح مقتضب لوزير الإعلام عماد سارة، قال فيه: "لا علم لسوريا بموضوع رفات الجندي الإسرائيلي ولا بتفاصيل العثور عليها وتسليمها". وأضاف "ما جرى هو دليل جديد يؤكد تعاون المجموعات الإرهابية مع الموساد".

وتابع سارة: "الدولة السورية أساساً لا علم لها بوجود رفات لأي جندي إسرائيلي في أي مكان في سوريا، وإلا لكانت تصرفت بما تقتضيه مصالحها الوطنية وهذا ما اعتادت عليه". وأعرب عن اعتقاده بأن العملية برمتها تمت بين "إسرائيل" والمجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا، أما التفاصيل الباقية فهي جزء من ترتيبات عملية لهذه القضية والتي لا علم للدولة السورية بها أبداً.

الشركاء الروس

وكان الرئيس الروسي قد قال: "روسيا سلمت إسرائيل رفات الجندي الإسرائيلي التي عثرت عليها القوات الروسية أثناء عملية نوعية في سوريا". مشيرا إلى أن "الأمر لم يكن سهلا، بالنسبة لمجموعة القوات الخاصة". وأضاف ان الجندي الاسرائيلي "كان في عداد المفقودين. ونجح عسكريونا بالتعاون مع العسكريين السوريين في تحديد مكان دفنه. ويسرنا أنه سيكون بإمكان إسرائيل تكريمه عسكريا، وسيكون بإمكان أقربائه أن يحملوا الزهور إلى قبره".

في حين اشاد نتنياهو بجهود موسكو في هذا المجال، وقال أنه دعا الرئيس بوتين منذ عامين للمساعدة في البحث عن رفات الجنود الإسرائيليين، مشيرا إلى أن بوتين كلف الجيش الروسي بهذا العمل. ووجه شكره ايضا لـ"الجنود الروس الذين عثروا على رفات زكريا باومل".

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن عملية استعادة رفات الجندي الإسرائيلي زاكاري بوميل، كانت جزءاً من عملية استخباراتية امتدت لعامين ولم تكن ممكنة لولا مشاركة روسيا الحليف الوثيق للنظام. واستقبلت إسرائيل رفات جندي من أصل 20 آخرين كانت تعمل على استعادتهم ضمن عملية أطلق عليها "أغنية الحلو والمر" انطلقت منذ سنتين.

ماذا تريد روسيا بالمقابل؟

نتيجة للجهود التي بذلتها روسيا طالب رئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف، إعلام القوات الروسية عن موعد الضربات الإسرائيلية في سوريا بوقت مبكر أكثر من الوقت الحالي المعمول به، بحسب "يديعوت أحرونوت".

وجاء طلب غيراسيموف خلال لقائه كبار ضباط الجيش الإسرائيلي على هامش زيارة نتنياهو إلى موسكو، ولم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول هذه القضية.

وتمت مناقشة نظام الدفاع الجوي "إس-300" خلال الاجتماع نفسه، حيث أصرت روسيا على نقل السيطرة الكاملة للمنظومة لتصبح تحت سيطرة القوات التابعة للنظام.

وغاب عن الاجتماع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلا أن مشاركة غيراسيموف شخصياً في الحفل الذي أقيم في وزارة الدفاع الروسية، حيث تم تسليم رفات بوميل ملفوفاً بالعلم الإسرائيلي تعني عودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين.

السوريون اعتنوا بالرفاة بشكل جيد

وقد توقفت عملية "أغنية الحلو والمر" في منتصف أيلول/سبتمبر 2018 بعد اسقاط طائرة عسكرية روسية، ثم عاد الزخم بالتدريج. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، إن إسرائيل طلبت مساعدة بلاده للبحث عن رفات الجنود الإسرائيليين المفقودين في سوريا، مشيراً إلى أن الجنود الروس بدأوا البحث في المناطق التي كانت سابقاً تحت سيطرة تنظيم "داعش" في محاولة منهم لإيجاد الرفات.

بدأت نتائج العملية تظهر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبلغت ذروتها في أواخر آذار/مارس، بعدما تم تكليف القوات بإحضار الرفات، حيث قال معهد الطب الشرعي في تل أبيب إنهم استخدموا التكنولوجيا الحديثة لتحديد هوية رفات بوميل، وأشار إلى أن "الطب الشرعي تمكن من اكتشاف سبب الوفاة على الرغم من التحديات العلمية بسبب الفترة الطويلة للاحتجاز". وتلقى المعهد أكثر من 20 عينة لرفات بشرية، تم تحديد منها رفات بوميل، في حين أن العينات الأخرى ليست للجنود الإسرائيليين.

وقال الضابط الإسرائيلي المسؤول عن العملية "لن أنسَى أبداً اللحظة التي رأينا فيها البقايا.. رأينا على الفور الملابس العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، ووجدنا كتابة عبرية على ظهره" وأضاف "تمكنا بعد 37 عاماً من الحصول على البقايا" هذا يعني أنه قد تمت العناية بالرفات بشكل جيد.

الموساد في سوريا

معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يسرائيل هيوم" يوآف ليمور، كشف بحسب ما نقلته صحيفة "العربي الجديد"، أن جنوداً روسيين هم من قاموا بعمليات البحث الميداني عن مكان جثة باومل، وهو ما سمح لإسرائيل بتحديد مكان دفنها داخل سوريا، مشيراً إلى أن إسرائيل انتظرت الفرصة المؤاتية لجلبه.

وأشار ليمور إلى أن روسيا نقلت جثة باومل إلى دولة ثالثة، حيث تم التأكد من هويته بواسطة اختبار الحمض النووي، وبعد ذلك تمت إعادته إلى إسرائيل. وأشار إلى أن طواقم تابعة لكل من جهاز "الموساد" وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" عملت داخل سوريا من أجل ضمان العثور على جثة الجندي وإعادتها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها